بعض أبيات القصيدة في الكتاب المدرسي
واحة اللغة العربية ص:131
البكاء بين يدي زرقاء اليمامة ( مقتطف من مقالة لجابر عصفور 2002)
وأتصور أن القصيدة الأولى التي ترد على الذهن من شعر أمل، في هذا السياق هي قصيدة (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) وهي قصيدة دالة في إدانتها للأنظمة التي أوقعت الهزيمة بشعوبها، ودالة على أن الهزيمة تتخلق في الداخل قبل أن تأتي كالعاصفة الجائعة من الخارج، ودالة على أن الشعوب المحكومة لا تملك سوى البكاء عندما تشعر بهوان وضعها، ولكن من الزاوية التي تجعل من بكائها تمردا على كل من تسببوا في هزيمتها.
والواقع أن قصيدة (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) أهم قصائد أمل بعد هزيمة العام السابع والستين. جذبت الأنظار إليها والى شاعرها، وذلك عندما أعادت إلى الأذهان مأساة (زرقاء اليمامة) التي حذرت قومها من الخطر القادم فلم يصدقوها، كأنها صوت الإبداع الذي كان يحذر من الخطر القادم في العام السابع والستين فلم يصدقه أحد الا بعد أن حدثت الكارثة. وإذ أكد (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) التشابه بين الماضي والحاضر، فإنه أكد الهوية القومية لشعر أمل دنقل من حيث وصل الرموز بجذورها في التراث العربي الذي يصل بين المبدع والقارئ، ومن حيث ربط هذه الهوية برؤية لا ترى امكانا للمستقبل الا بنهضة قومية تستعيد أعظم ما في الماضي من خبرات وتتجاوز ما في الحاضر من ثغرات.
ولا شك أن جانبا لافتا من التأثير الذي تركته هذه القصيدة يرجع إلى طبيعة الصوت الذي ينطقه القناع بها، فهو صوت المواطن العربي البسيط الذي يقف أعزل بين السيف والجدار، يصمت كي ينال فضلة الأمان، كأنه عبد من عبيد عبس يظل يحرس القطعان، يصل الليل بالنهار في خدمة السادة، طعامه الكسرة والماء وبعض التمرات اليابسة. وحين تقع الواقعة لا يملك هذا العبد سوى التوجه إلى (زرقاء اليمامة) التي هي مثله بمعنى من المعاني، كي ينفجر في حضرتها بالكلمات التي تقول:
أيتها العرافة المقدسة
جئت إليك.. مثخنا بالطعنات والدماء
أزحف في معاطف القتلى، وفوق الجثث المكدسة
منكسر السيف، مغبر الجبين والأعضاء
اسأل يا زرقاء
... ...
كيف حملت العار
ثم مشيت، دون أن أقتل نفسي، دون أن أنهار
ودون أن يسقط لحمي من غبار التربة المدنسة.
هذا العبد الذي ينطق في القصيدة كان يجسد صوت الشاعر من ناحية، وصوت المواطن العربي المسكين الذي مزقته الهزيمة من ناحية ثانية. ولذلك اتحدت جماهير القراء بصوت هذا العبد العبسي البائس الذي دعي إلى الميدان والذي لا حول له ولا شأن، فانهزم وخرج من جحيم هزيمته عاجزا، عاريا، مهانا، صارخا، كأنه صدى يجسد ما في داخل كل قارئ عربي للقصيدة في الوقت الذي كتبت فيه. وإذا كان صوت هذا العبد العبسي شاهدا على الهزيمة فإن بكاءه في حضرة زرقاء اليمامة، العرافة المقدسة،
شاهد على ما يمكن أن يفعله الشعر في زمن الهزيمة، خصوصا من حيث هي صورة أخرى من هذه العرافة: يرى ما لا يراه الآخرون ويرهص بالكارثة قبل وقوعها، وينطق شهادته عليها وقوعها، ويتولى تعرية الأسباب التي أدت إليها، غير مقتصر على الإدانة السلبية في سعيه إلى استشراف أفق الوعد بالمستقبل الذي يأتي بالخلاص.
ولذلك كان بكاء هذا العبد في حضرة زرقاء اليمامة، مثل شهادته، علامة على أسباب الهزيمة التي ترتبت على غياب الحرية والديموقراطية عن قبائل (عبس) العربية، من العصر الجاهلي إلى العام السابع والستين، حين كتبت هذه القصيدة، كما كان هذا البكاء تأبينا لزمن مضى، وإدانة لأخطاء زمن لم يخلف سوى الكارثة، وبحثا عن زمن يأتي بخلاص من هذه الكارثة.
وأعترف أنني كلما طالعت شاشات التليفزيون الأجنبية والعربية، ورأيت المذابح البشعة التي ارتكبها الإسرائيليون في حق الشعب العربي الفلسطيني، في رام الله أو نابلس أو جنين أو طولكرم وغيرها من الأماكن الفلسطينية العزيزة، شعرت بالهزيمة والانكسار والعجز ووجدت نفسي استعيد الصوت الصارخ في قصيدة (البكاء بين يدي زرقاء اليمامة) من عجزه ومحنته، ومضيت مثله أسأل عن السواعد المقطوعة التي ظلت ممسكة بالرايات العربية المنكسة، وعن جثث الأطفال ملقاه بين الخيام، وعن وقفة المرأة الفلسطينية بينما الدبابات الإسرائيلية تمضي فوق حطام منازلهم التي هدمتها القذائف الغادرة، فأقول لنفسي إلى متى نحمل - نحن العرب - هذا العار؟ إلى متى؟!
السبت، 20 مارس 2010
العبث الوجودي في "اللص والكلاب" لنجيب محفوظ
مشاهدة النسخة كاملة : اللص والكلاب لنجيب محفوظ
markknof
02-23-2009, 04:07 PM
العبث الوجودي في رواية ( اللص والكلاب) لنجيب محفوظ
تمهيد
يعتبر نجيب محفوظ من أهم الروائيين العرب الذين أرسوا دعائم الرواية العربية تجنيسا وتجريبا وتأصيلا إلى جانب محمد حسين هيكل وسهيل إدريس ويحيى حقي ويوسف إدريس وعبد الحليم عبد الله وعبد الرحمن الشرقاوي والطيب صالح وجمال الغيطاني وحيدر حيدر وحنامينه وإدوار الخراط وعبد الرحمن منيف وصنع الله إبراهيم وطاهر وطار ومحمود المسعدي وواسيني الأعرج وجبرا إبراهيم جبرا وإميل حبيبي وغسان كنفاني وبنسالم حميش ومحمد برادة ومحمد شكري...
وقد تميز نجيب محفوظ عن هؤلاء الروائيين بتعدد أشكاله السردية وتعدد المواضيع والقضايا التي تناولها في إطار رؤى فلسفية مختلفة في تصوير مصر و تشخيص فضاء القاهرة عبر امتداد تاريخ السلالات المالكة للسلطة والحكومات المتعاقبة. وبذلك، يكون نجيب محفوظ الناطق المعبر عن تاريخ مصر، كما كان عبد الكريم غلاب ناطق التاريخ المغربي، ونبيل سليمان ناطق التاريخ السوري، وطاهر وطار ناطق التاريخ الجزائري، وغسان كنفاني ناطق التاريخ الفلسطيني...
ومن أهم الروايات التي دبجها نجيب محفوظ رواية" اللص والكلاب" التي اتخذت طابعا رمزيا وذهنيا على مستوى المقصدية المرجعية والرسالة الفنية.
إذاً، ماهي العناصر المناصية والنصية التي تتكئ عليها هذه الرواية؟ وماهي بنياتها القصصية والسردية التي تزخر بها؟ وماهي الأبعاد المرجعية التي تتضمنها الرواية؟ وماهي طبيعة القراءات التي ظفرت بها الرواية على مستوى التقبل والتلقي؟
1- مدخل إلى الرواية العربية:
عرفت الرواية العربية مجموعة من المحطات التاريخية والفنية لايمكن تجاهلها عند دراسة رواية عربية ما. ويمكن حصر هذه المحطات والمراحل فيما يلي:
أ- مرحلة المحكي العربي القديم:
تعتبر الأشكال السردية الحكائية القديمة ( ألف ليلة وليلة، وسيرة عنترة بن شداد، وسيرة سيف بن ذي يزن، وسيرة الظاهر بيبرس، ورسالة حي بن يقظان،والمنقذ من الضلال للغزالي، ورسالة الغفران لأبي العلاء المعري...) أنماطا روائية تراثية بمقياسنا العربي الأصيل، لا بمفاهيم الرواية الأوربية الحديثة التي أوقعتنا في التقليد والانبهار والتلفيقية والتجريب رغبة في الحداثة. وإن كان ذلك قد تم على حساب مقوم الأصالة والتراث والذات والهوية والفهم الحقيقي للشخصية العربية وتمتين التواصل الحضاري بين الشرق والغرب وربط الماضي بالحاضر لتحقيق قفزة حضارية صحيحة أساسها: التوازن بين الماديات والأخلاقيات الإسلامية.
ب- مرحلة الجهود الروائية الأولى:
تعد هذه المرحلة امتدادا للمرحلة التراثية الأولى كما نجد ذلك في أعمال كل من حافظ إبراهيم " ليالي سطيح"، والمويلحي" عيسى بن هشام"، ورفاعة الطهطاوي" تخليص الإبريز في تلخيص باريز"، ومحمد بن المؤقت المراكشي في" الرحلة المراكشية أو مرآة المساوئ الوقتية". وما هذه الجهود في الحقيقة إلا امتداد لألف ليلة وليلة وسيرة عنترة وسيف بن ذي يزن ومقامات بديع الزمان الهمذاني ومقامات الحريري وكتابات كل من ابن المقفع" كليلة ودمنة"، وابن بطوطة" تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار".
وتؤكد هذه الجهود الروائية التواصل الحضاري والفني وربط الماضي بالحاضر. لكن صدمة النهضة والحداثة والانبهار بالحضارة الغربية والتهافت على الجديد الأدبي ( لا التقني والعلمي)، وتقليد رجل الغرب في طقوسه وشكلياته ( لا في عقليته العملية واختراعه العلمي والتكنولوجي)، سبب في القطيعة الإبداعية والانفصام الحضاري وانفصال الحاضر عن الماضي على مستوى التخييل الحكائي والإبداع السردي.
ج- مرحلة التجنيس الفني للرواية العربية
تم تجنيس الرواية العربية منذ أوائل القرن العشرين مع رواية" زينب" لمحمد حسين هيكل، و" الأجنحة المتكسرة" لجبران خليل جبران على غرار القواعد والأنماط الشكلية الأوربية، أو ما يسمى بالرواية الكلاسيكية في تياراتها التاريخية والرومانسية والواقعية التي تذكرنا بروايات فلوبير وإميل زولا وبلزاك وستندال وتولوستوي وماكسيم گوركي ودويستفسكي.
ويلاحظ على هذه المرحلة تقليد الرواية العربية لنظيرتها الأوربية في مضامينها وأشكالها الفنية والجمالية وتقنياتها السردية؛ مما أوقع الرواية العربية في التقليد والاقتداء الأعمى والتجريب والاستهلاك والانقطاع عن التراث الروائي والعزوف عن تطويره امتدادا وتواصلا وإبداعا إن شكلا وإن مضمونا.
د- مرحلة الرواية العربية الجديدة:
استهدف أصحاب الرواية العربية الجديدة أو الطليعية إما التحديث على غرار الرواية الفرنسية الجديدة التي من أقطابها: آلان روب گرييه وكلود سيمون وريكادو وميشيل بوتور....، وإما السير على خطى رواية تيار الوعي أو ما يسمى بالرواية النفسية أو الرواية المنولوجية كما عند مارسيل بروست أو ڤرجينيا وولف وإرنست همينگواي ودون باسوس وكافكا وجيمس جويس.
هـــ- مرحلة التأصيل الروائي:
ظهرت مرحلة التأصيل بعد كساد التجريب الروائي الذي تحول إلى مجموعة من التمارين السردية المملة البعيدة عن هويتنا وحضارتنا الأصيلة، مما جعل بعض الروائيين يفكرون في التخييل التراثي والتأصيل والبحث عن شكل روائي عربي، فعاد الروائيون العرب إلى التراث قصد استلهامه وتحويله محاكاة وتحريفا وتخييلا وحوارا، وإعادة بنائه في أشكال تناصية وأنماط تخييلية تعزف على إيقاع التراث و أساليب السرد العربي القديم كما نلفي ذلك عند نجيب محفوظ وجمال الغيطاني ومحمود المسعدي وبنسالم حميش ورضوى عاشور وواسيني الأعرج....
تلكم –إذاً- أهم المراحل التي عرفتها الرواية العربية ضمن مسارها التاريخي والإبداعي والفني...
2- عتبات النص الموازي:
أ- عتبة المؤلف:
ولد نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد باشا في حي الجمالية بالقاهرة عام 1911م، ونشأ في أسرة متوسطة الحال. فتلقى تعليمه الابتدائي بالمدرسة الحسنية، ثم الثانوي بمدرسة فؤاد الأول إلى حين حصوله على شهادة البكالوريا، وتخرج بعد ذلك من كلية الآداب قسم الفلسفة من جامعة القاهرة.
وقد شرع في الكتابة والإبداع منذ المرحلة الثانوية، ونشر عام 1934م أول نص قصصي له حمل عنوان" ثمن الضعف"، وانخرط بعد ذلك في سلك الوظيفة العمومية بإدارة جامعة فؤاد الأول، فوزارة الثقافة ليعين عضوا بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، ثم مستشارا لوزير الثقافة الدكتور ثروت عكاشة...
وأحيل نجيب محفوظ على المعاش عام 1971م، ومن يومها وهو يواصل الإبداع والكتابة الروائية والقصصية والمسرحية إلى أن حاز على جائزة نوبل في الآداب عام 1988 م
.
ولقد اعتدى عليه بعض المتطرفين من أجل إسكاته نهائيا، في حين صودرت روايته" أولاد حارتنا" من الساحة الثقافية المصرية بصفة خاصة والساحة الثقافية العربية بصفة عامة.
هذا، ولقد عايش نجيب محفوظ جميع ماشاهدته مصر في تاريخها الحديث من هزات مست مختلف مكوناتها ابتداء بالثورة العرابية سنة1882م، وثورة سعد زغلول سنة 1919م، وما عاشته من أزمات اقتصادية خاصة أزمة مابين 1930و1934م ، وما رافق الحرب العالمية الأولى والثانية من استبدادات إقطاعية واستعمارية وأزمات سياسية وفكرية واجتماعية، عمل نجيب محفوظ على تجسيد أثرها على المجتمع العربي، فكانت قصصه رحلة عبر الأزمات المادية والروحية.
وتأثر نجيب محفوظ إلى جانب انجذابه إلى المحيط الذاتي والاجتماعي والعصري بمؤثرات التراث العربي والغربي حيث تأثر قديما بالتأمل الفلسفي عند أبي العلاء وبالروح الشعرية التأثرية عند ابن الرومي. فبدأ تجاربه الأولى بنظم القصائد حتى عد نفسه رائد المدرسة الحديثة في الشعر، وحديثا تأثر بالحس الاجتماعي الرهيف عند المنفلوطي، والعلم والاشتراكية عند سلامة موسى، كما تأثر في الجامعة بالدراسات الفلسفية التي وجهت تفكيره إلى القضايا الفكرية،كما تأثر بمختلف الاتجاهات الروائية الغربية كالاتجاه التاريخي والواقعي والنفسي والعبثي والطبيعي. فبرز أثرها في تنوع الأشكال الروائية عنده بين التاريخية والاجتماعية والفلسفية.
ب- عتبـــة التأليف:
نشر نجيب محفوظ أول نص قصصي له سنة 1934م بعنوان" ثمن الضعف"، وكتب سبعا وثلاثين رواية وهي على النحو التالي:
1- مصر القديمة، الطبعة الأولى، سنة1932 م؛
2- عبث الأقدار، الطبعة الأولى، سنة 1939م؛
3- رادوبيس، الطبعة الأولى ، سنة1943م؛
4- كفاح طيبة، الطبعة الأولى، سنة 1944م؛
5- القاهرة الجديدة، الطبعة الأولى، سنة1945م؛
6- خان الخليلي، الطبعة الأولى، سنة 1946م؛
7- زقاق المدق، الطبعة الأولى، سنة1947 م؛
8- السراب، الطبعة الأولى، سنة 1948م؛
9- بداية ونهاية، الطبعة الأولى، سنة 1949م؛
10- بين القصرين، الطبعة الأولى، سنة 1956م،
11- قصر الشوق، الطبعة الأولى، سنة 1957م،
12- السكرية ، الطبعة الأولى، سنة 1957م؛
13- اللص والكلاب، الطبعة الأولى، سنة 1961م؛
14- السمان والخريف، الطبعة الأولى، سنة 1962م؛
15- الطريق، الطبعة الأولى، سنة 1964م؛
16- الشحاذ، الطبعة الأولى، سنة 1965م؛
17- ثرثرة فوق النيل، الطبعة الأولى، سنة 1966م؛
18- ميرامار، الطبعة الأولى، سنة 1967م؛
19- المرايا، الطبعة الأولى، سنة 1972م؛
20- الحب تحت المطر، الطبعة الأولى، سنة 1973م؛
21- الكرنك، الطبعة الأولى، سنة 1974م؛
22- حكايات حارتنا، الطبعة الأولى ،سنة 1975م؛
23- قلب الليل، الطبعة الأولى ، سنة 1975م؛
24- حضرة المحترم، الطبعة الأولى، سنة 1975م؛
25- ملحمة الحرافيش، الطبعة الأولى، سنة 1977م؛
26- عصر الحب، الطبعة الأولى، سنة 1980م؛
27- أفراح القبة، الطبعة الأولى، سنة 1981م؛
28- ليالي ألف ليلة، الطبعة الأولى، سنة 1982؛
29- الباقي من الزمن ساعة، الطبعة الأولى، سنة 1982م؛
30- رحلة ابن فطومة، الطبعة الأولى ، سنة 1983؛
31- أمام العرش، الطبعة الأولى، سنة 1983م.
32- العائش في الحقيقة، الطبعة الأولى، سنة 1985م؛
33- يوم مقتل الزعيم، الطبعة الأولى، سنة 1985م؛
34- حديث الصباح والمساء، الطبعة الأولى، سنة 1987م؛
35- قشتمر، الطبعة الأولى ، سنة 1988م؛
وقد كتب نجيب محفوظ كذلك (12) مجموعة قصصية و(7) مسرحيات. فمن مجموعاته القصصية: همس الجنون(1938)، ودنيا الله(1962)، وبيت سيء السمعة(1965)، وخمارة القط السود( 1969)،وحكاية بلا بداية ولانهاية(1971)، وشهر العسل(1971)، والجريمة (1973)، والحب فوق هضبة الهرم(1979)، والشيطان يعظ(1979)، ورأيت فيما يرى النائم(1982)، والتنظيم السري(1984)، وصبح الورد (1987)، والفجر الكاذب(1988).
ومن نصوصه المسرحية: تحت المظلة(1969)، ويحيي ويميت، ومشروع للمناقشة، والتركة، والنجاة، والمهمة.
واستدراكا على ماسبق، هناك من يقول: إن أول نص روائي لنجيب محفوظ ظهر سنة 1939م، وفي هذه السنة بالذات صدرت رواية "عبث الأقدار". وهناك من يؤرخ لها بسنة 1938م، وهناك أيضا من يشير إلى " مصر القديمة " التي ظهرت سنة 1932م من تأليف جيمس بيكي، ومن ثم، فهي ترجمة عن اللغة الإنجليزية.
ج- عتبة التجنيس:
تتحدد روايات نجيب محفوظ في مجموعة من المراحل الفنية والجمالية يمكن إجمالها في:
• المرحلة التاريخية:(1930- 1938 م
):
كان نجيب محفوظ في هذه المرحلة يعبر عما يعانيه المجتمع العربي من استغلال في ظل الحكم العثماني والأنظمة الفردية الطاغية، ومترجما لشعور المجتمع المصري الاجتماعي والوطني الثائر.
• المرحلة الاجتماعية( 1939-1952م):
تصبح للمأساة نكهة اقتصادية وتربوية، ويتحول نجيب محفوظ من مصر القديمة إلى مصر الحديثة بهمومها الحاضرة حيث يلخص محور أدبه في هذه المرحلة في هذه القولة المشهورة:" إن ظروف الفقر تفسد الأخلاق".
• المرحلة الفلسفية(1959-1975م):
يصبح وعي الإنسان في روايات هذه المرحلة الفلسفية مصدر عذابه وشقائه، عذاب المعرفة والاطمئنان والانتماء.
• المرحلة التراثية : (1977 - 1983م):
يستلهم نجيب محفوظ في هذه المرحلة الموروث الجمالي والسرد العربي القديم وفضاءاته الفانطاستيكية وأجوائه التاريخية وتقنياته الفنية والتعبيرية ، ويقول جورج طرابيشي:"... وأعمال نجيب محفوظ ينطبق عليها بشكل خاص، قانون التطور المتفاوت والمركب، فقد بدأ بالرواية التاريخية في "كفاح طيبة" و"رادوبيس" وغيرها، وانتقل إلى الرواية الواقعية متوجا ذلك بالثلاثية ، ثم بدأ انطلاقا من "اللص والكلاب" يطور أشكال أخرى وصولا إلى توظيف التراث في الرواية. وهو سباق إلى هذا بخلاف ما يزعم... إذ جميع ما حققته الرواية العربية خلال قرون استطاع روائي عربي أن يصل إليه خلال سنوات من حياته الخاصة..."
ويمكن تدقيق هذه المراحل بهذه الطريقة التوضيحية:
• الرواية التاريخية:
1- عبث الأقدار
2- رادوبيس
3- كفاح طيبة.
• الرواية الواقعية الاجتماعية:
1- القاهرة الجديدة
2- خان الخليلي
3- زقاق المدق
4- السراب
5- بداية ونهاية
6- الثلاثية ( بين القصرين، قصر الشوق، السكرية).
• الرواية الفلسفية:
1- أولاد حارتنا
2- اللص والكلاب
3- السمان والخريف
4- الطريق
5- الشحاذ
6- ثرثرة فوق النيل.
• الرواية التراثية:
1- ملحمة الحرافيش
2- ليالي ألف ليلة
3- رحلة ابن فطومة
4- قشتمر.
ومن هنا، نفهم بأن رواية اللص والكلاب رواية فلسفية وجودية تتغنى بالعبث والملل والسأم الوجودي، وتعبر عن الفوضى في الواقع ، والتسيب في المجتمع ، وانحطاط الإنسان ، وتردي القيم الأصيلة في واقع المسخ الغرائبي والامتساخ الفانطاستيكي.
د- بنية العنوان:
من يتأمل عنوان الرواية ( اللص والكلاب)، فإنه سيجده عبارة عن جملة اسمية بسيطة مركبة من المبتدإ ( اللص)،والخبر محذوف وهو النص بأكمله، وجملة العطف تتكون من حرف عطف والمعطوف عليه. وتتكون البنية العنوانية من كلمتين بينهما رابط واصل( عطفي). وينبني العنوان على الاختصار والاختزال والحذف الدلالي.
ويحمل العنوان على الرغم من حرفيته بعدا رمزيا فانطاستيكيا قائما على المسخ والامتساخ المشوه، إذ يشبه الكاتب عليش سدرة ونبوية ورؤوف علوان بالكلاب الماكرة واللصوص الخادعة الزائفة، ويوضح هذا الطرح ماكتبه نجيب محفوظ في المقاطع الأخيرة من الرواية:" وانهال الرصاص حوله فخرق أزيزه أذنيه، وتطاير نثار القبور. وأطلق الرصاص مرة أخرى وقد ذهل عن كل شيء فانصب الرصاص كالمطر. وفي جنون صرخ:
- ياكلاب!
- وواصل إطلاق النار في جميع الجهات."
ويعني هذا أن الرواية تنتقد أصحاب الشعارات الزائفة كرؤوف علوان ، وأصدقائه الماكرين كالمعلم بياضة وعليش، وزوجته الخائنة كنبوية. ويدل الامتساخ الكاريكاتوري في الرواية على انعدام الإنسانية الحقيقية وتحول الإنسان إلى حيوان خادع لايحسن سوى الخيانة والكيد والمكر مصداقا لقولة هوبز: "الإنسان ذئب لأخيه الإنسان".
ويتسم العنوان بهيمنة المكون الفاعلي الذي يحضر عند نجيب محفوظ في الكثير من رواياته ومجموعاته القصصية مثل: أولاد حارتنا، وحضرة المحترم، والشحاذ، واللص والكلاب....
هــــ- الوصف الطيبوغرافي:
إن الرواية التي نشتغل عليها صدرت في طبعتها الأولى سنة1961م إبان الثورة الناصرية الاشتراكية ، عهد جمال عبد الناصر الذي أمم قناة السويس وقاوم العدوان الثلاثي وشيد السد العالي. وطبعت الرواية في حجم متوسط مقاسه ( 19.5سم/ 13.5 )، أي إن هذه الرواية مستطيلة الشكل تتداخل فيها الأبعاد الثلاثة( الطول والعرض والحجم). أما عدد صفحاتها، إذا اعتمدنا الطباعة التجارية الصادرة عن مطبعة مكتبة مصر ( الفجالة) بالقاهرة، فهي 143 صفحة. وتخلو الرواية من الفصول والنجيمات البصرية (***) التي نجدها مثلا في رواية " بداية ونهاية".
و- الغلاف الخارجي:
يحتوي الغلاف الخارجي الأمامي للرواية على بوسترPoster ملون بألوان مختلفة تتداخل فيها الألوان الباردة كاللون الأزرق واللون الأخضر، والألوان الساخنة كاللون الأحمر واللون البرتقالي ، كما يتقاطع فيه البياض مع السواد. وتعبر هذه الألوان المتناقضة عن جدلية الحياة والموت، والحب والانتقام، والفرح والحزن، والشقاء والسعادة.
هذا، ويحيل المسدس على الرواية البوليسية أو رواية الجريمة، كما تحيل المرأة على الحب والجنس والإباحية وتردي القيم الأخلاقية وتفسخ المجتمع وانحطاط الإنسان.
وأظن أن رسام هذه اللوحة التشكيلية هو جمال قطب الذي صور الكثير من اللوحات الواقعية التي تصدرت بها أغلفة روايات نجيب محفوظ الروائية والقصصية.
إذاً، فاللوحة ذات تشكيل واقعي بعيد عن التجريد وأشكاله، فهو يشير إلى أحداث القصة أو على الأقل إلى مشهد مجسد من هذه الأحداث. وعادة ما يختار الرسام موقفا أساسيا في مجرى القصة يتميز بالتأزيم الدرامي للحدث. ولا يحتاج القارئ إلى كبير عناء في الربط بين النص والتشكيل بسبب دلالته المباشرة على مضمون الرواية. وببدو أن حضور هذه الرسوم الواقعية تقوم بوظيفة إذكاء خيال القارئ ودغدغة عواطفه، لكي يتمثل بعض وقائع القصة وكأنها تجري أمامه.
ويمكن اعتبار العناوين وأسماء المؤلفين وكل الإشارات الموجودة في العلاف الخارجي الأمامي داخلة في تشكيل المظهر الخارجي للرواية. كما أن ترتيب واختيار مواقع كل هذه الإشارات، لا بد أن تكون له دلالة جمالية أو قيمية. فوضع الاسم في أعلى الصفحة، لايعطي الانطباع نفسه الذي يعطيه وضعه في الأسفل. ولذلك غلب تقديم الأسماء في معظم الكتب الصادرة حديثا في الأعلى إلا أنه يصعب على الدوام ضبط جميع التفسيرات الممكنة وورود فعل القراء، وكذا ضبط نوعية التأثيرات الخفية التي يمارسها توزيع الموقع في التشكيل الخارجي للرواية، إلا إذا قام الباحث بدراسة ميدانية.
ويمكن اعتبار حيثيات النشر عناوين فرعية إلى جانب العنوان البصري والتعيين الجنسين، بيد أن رواية" اللص والكلاب " إذا كانت قد ذكرت المطبعة ومكانها، فإنها لم تحدد زمنها وعدد طبعاتها.
3- المتن الحكائي:
تصور رواية" اللص والكلاب" سعيد مهران بعد خروجه من السجن الذي قضى فيه سنوات عدة، أربع منها كانت غدرا، كان وراءها المعلم عليش سدرة وزوجته نبوية اللذين تآمرا عليه ودبرا له مكيدة للتخلص من وجوده العابث وتهديداته الطائشة، فأصبحت بنته سناء في كنف أمها ورعاية عليش منذ عامها الأول. بينما غيّب سعيد مهران بين قضبان السجون يندب حظه التعيس وأيامه النكداء بسبب مبادئه الثورية الزائفة التي لقنها إياها معلمه رؤوف علوان:
" مرة أخرى يتنفس نسمة الحرية، ولكن الجو غبار خانق وحر لايطاق. وفي انتظاره وجد بدلته الزرقاء وحذاءه المطاط، وسواهما لم يجد في انتظاره أحدا. ها هي الدنيا تعود، وها هو باب السجن الأصم يبتعد منطويا على الأسرار اليائسة. هذه الطرقات المثقلة بالشمس، وهذه السيارات المجنونة، والعابرون والجالسون، والبيوت والدكاكين، ولاشفة تفتر عن ابتسامة... وهو واحد، خسر الكثير، حتى الأعوام الغالية خسر منها أربعة غدرا، وسيقف عما قريب أمام الجميع متحديا. آن للغضب أن ينفجر وأن يحرق، وللخونة أن ييأسوا حتى الموت، وللخيانة أن تكفر عن سحنتها الشائعة. نبوية وعليش، كيف انقلب الاسمان اسما واجدا؟ أنتما تعملان لهذا اليوم ألف حساب"
يشكل هذه المقطع الاستهلال الروائي الحدثي بؤرة الرواية وتمفصلها الأساسي ؛ لأنه يلخص كل الأحداث التي وقعت والتي ستقع داخل الرواية، كما توجز حبكة الرواية وعقدتها الجوهرية التي تتمثل في الانتقام من الخونة والثأر من الذين غدروا به وهم: المعلم عليش وزوجته نبوية ورؤوف علوان.
وبعد ذلك، يلتجئ الروائي إلى تمطيط هذا الاستهلال وتوسيعه وتبئيره سردا وتحبيكا وتشويقا عبر مسار المتن الحكائي، لتكون النهاية سلبية تنتهي باستسلام سعيد مهران وموته وفشله في إنجاز مهمته وأداء البرامج السردية التي أنيط بترجمتها وتنفيذها. ومن ثم، تصبح شخصية سعيد مهران شخصية إشكالية غير منجزة بسبب فشلها الذريع في الانتقام من أعدائه الخونة؛ بسبب السقوط في شرك الأخطاء والظنون والتوهمات العابثة التي جعلت الحياة في منظورها بدون جدوى ولا معنى .
وإذا كان الاستهلال الروائي ينبني على حبكة حدثية مسبقة، فإن المتن أو المركز الوسطي هو تنفيذ للانتقام والثأر. بيد أن هذا الفعل كان مجانيا وعشوائيا لايصيب إلا الأبرياء من البوابين وضحايا المستغلين البشعين. أما نهاية الرواية، فقد ركزت على فعل المطاردة وسحق المجرم تحت ضربات وطلقات الرصاص التي حولت مكان اختباء سعيد مهران إلى مقبرة مصيرية له.
وبهذا، تتخذ الرواية طابعا سينمائيا حركيا Action ، لأن المتن الروائي كتب بطريقة السيناريو القابل للتشخيص السينمائي والإخراج الفيلمي الدرامي. وفعلا، فقد تم إخراج هذا الفيلم سينمائيا منذ سنوات مضت في مصر؛ نظرا لتوفر الرواية على لقطات بصرية وحركية تستطيع جذب المتفرج.
وعلى أي، فبعد خروج سعيد مهران من زنزانته العدائية المغلقة، لم يجد أحدا من عائلته وأقربائه وأصدقائه في انتظاره خارج السجن، وهذا يشير إلى كونه مكروها من الجميع ومنبوذا بسبب سلوكياته المنفرة. بيد أن ماكان يسرقه من منازل الأغنياء وڤيلاتهم كان يعتبر فعلا بطوليا عند رؤف علوان، إنه نتاج التفاوت الاجتماعي والصراع الطبقي بين الأغنياء والفقراء. ولم يلتجئ سعيد مهران إلى هذه السرقة الطبقية إلا بعد موت أسرته الفقيرة ، أبيه البواب الذي مات مريدا سالكا مؤمنا حامدا لله، والأم التي عبث بها الفقر والنكد حتى ماتت طريحة الفراش في البيت المنهوك من شدة الفاقة و فوق سرير المستشفى الذي بقيت فيه بدون عناية ورعاية صحية إنسانية.
ولم يبق أمام سعيد مهران في هذه الظروف الصعبة إلا بالجمع بين دراسته والاشتغال بوابا، ليستكمل حياته بسرقة طلاب العلم وممتلكات الأغنياء. وكان أستاذه رؤوف علوان يشجعه على ذلك؛ لأن مصر الثورة كانت تتصارع جدليا مع الأسياد الأغنياء الذين حولوا الشعب المصري إلى عبيد ومستضعفين. وقد أشاد رؤوف علوان بهذه السرقات التي كان يعتبرها فعلا بطوليا و إنجازا ثوريا للقضاء على الطبقة الإقطاعية الغنية.
وهكذا، قرر سعيد مهران بعد خروجه من فضائه العدواني المنغلق أن ينتقم أولا من المعلم عليش وزوجته نبوية، واتجه حيال منزلهما بميدان القلعة الذي وجده محفوفا بالمخبرين الذين يحرسونه من كل سوء، وينتظرون اليوم الذي ستفتح أبواب السجن لسعيد ليأخذ ثأره على غرار أهل الصعيد في جنوب مصر.
ولما فشلت مفاوضات سعيد مع عليش حول استرجاع البنت والزوجة اللتين أنكرتا وجود سعيد واستنكرتا تصرفاته الدنيئة وسرقاته الموصوفة وتهديداته الماكرة، قرر سعيد مهران الاستعداد للمهمة والتأهب للانتقام من المعلم عليش، بعد أن نصحه المعلم بياضة والمخبر بالابتعاد عن هذه السكة التي لاتحمد عواقبها .
وغير سعيد وجهته، فقصد رؤوف علوان الذي أصبح صاحب جريدة ثورية مشهورة في البلد تسمى بـــ" الزهرة" تدافع عن سياسة الحكومة الجديدة، وصار بفضلها من أغنياء البلد ورجالها المعروفين في المجتمع والمقربين من رجال السلطة المحترمين.
وعندما استضاف رؤوف علوان سعيد مهران في منزله الفاخر في شكل ڤيلا واسعة الأرجاء ، كثيرة الأثاث والتحف الغنية، نادمه وأعطاه بعض النقود ليستكمل حياته من جديد بشرف وكرامة. وطلب سعيد من رؤوف أن يشغله محررا في جريدته، لكن رؤوف رفض ذلك، وأمره بأن يبحث عن شغل آخر يتناسب مع وضعه الاجتماعي.
وعندما خرج إلى المدينة تائها في طرقاتها وشوارعها، فكر في خطة الانتقام والتخلص أولا من رؤوف علوان الذي خان مبادئ الثورة وقيم الاشتراكية والعدالة الاجتماعية، وصار خادعا للشعب وماكرا كبيرا يزيف الحقائق التي من أجلها دخل سعيد السجن ومكث فيه سنوات عدة، أربع منها كانت بسبب الغدر والكيد الخادع.
وعندما فشلت محاولة سعيد مهران في سرقة ممتلكات مسكن رؤوف علوان الذي كان ينتظره بمسدسه العاتي؛ لأنه كان يعلم أن سعيد سيأتي للانتقام منه وسرقة مايملكه من أموال وأشياء ثمينة، فاسترد منه رؤوف جنيهاته ، وحذره أن يعيد الكرة وإلا سيزج به في السجن مرة أخرى.
وبعد أن عفا عنه رؤوف علوان،اتجه سعيد صوب رباط الشيخ علي الجنيدي للاستراحة الروحية والنفسية . وكان علي الجنيدي نقيب السالكين العارفين صديقا وفيا لأبيه الصالح، الذي قضى بدوره حياته في الجذب الصوفي والسفر النوراني والتعراج الروحاني مقتربا من الحضرة الربانية والسعادة القدسية اللدنية.
وبوصول سعيد إلى فضاء الجنيدي المفتوح، أحس براحة داخلية تغمره داخل هذا الفضاء العرفاني الصادق، على الرغم مما كان يحس به من ظمإ وجوع ينخران جسمه المتهالك، وماكان يعانيه من شدة الحقد والحنق على عليش ونبوية ورؤوف.
markknof
02-23-2009, 04:08 PM
وكانت لسعيد مهران صداقة حميمية مع المعلم طرزان صاحب مقهى كان يتعود عليه قبل الزج به في السجن، وعرفه سعيد بآخر الأخبار، وطلب منه أن يساعده بمسدس لينتقم من الأوغاد والخونة والكلاب المسعورة التي تنهش اللحوم البشرية النيئة.
ويعد ذلك، سيعرف سعيد عشيقته نور حسناء الحانات والملاهي والأماكن الخالية ، والتي كانت في الماضي معجبة بفتوة سعيد وشجاعته الرجولية، لكن سعيد كان مغرما بخائنته نبوية.
ويقضي سعيد مهران أياما مع نور في شقتها المهترئة من شدة الفقر بين الانتظار اليائس واقتناص لذات الجسد العاطش. ومن هذه الشقة المتواضعة، كان ينطلق سعيد ليصوب رصاصاته الطائشة على علوان وزوجته نبوية ورؤوف علوان، بيد أن هذه الرصاصات كانت تخطئهم جميعا لتصيب الأبرياء والبوابين وضحايا الغبن والاستغلال. وهذا ماجعلت الصحف تكتب عن هذه الجرائم العابثة في حق الأبرياء والضعفاء والفقراء ، والتي لحسن الحظ كان ينجو منها الماكرون والخونة.
وفي الأخير، لم تجد كل محاولات الثأر والانتقام، فغدا سعيد مهران إلى فضاء الشيخ الجنيدي ليستلقي بجسده المتعب من شدة الضنى والتعب العابثين. ومن هناك، سيهرب سعيد إلى المقبرة بعد أن أحس بمطاردة المخبرين والكلاب له في كل مكان وناحية، فلم يجد حلا سوى الاستسلام للأوغاد والكلاب الذين أردوه طريحا بين أحضان المقبرة الصامتة لتضع نهاية لحياته العابثة:
" وفي جنون صرخ:
- ياكلاب!
- وواصل إطلاق النار في جميع الجهات
وإذا بالضوء الصارخ ينطفئ بغتة فيسود الظلام. وإذا بالرصاص يسكت فيسود الصمت. وكف عن إطلاق النار بلا إرادة. وتغلغل الصمت في الدنيا جميعا. وحلت بالعالم حال من الغرابة المذهلة. وتساءل عن.... ولكن سرعان ماتلاشى التساؤل وموضوعه على السواء وبلا أدنى أمل. وظن أنهم تراجعوا وذابوا في الليل. وأنه لابد قد انتصر.وتكاثف الظلام فلم يعد يرى شيئا ولا أشباح القبور. لاشيء يريد أن يرى. وغاص في الأعماق بلا نهاية. ولم يعرف لنفسه وضعا ولا موضوعا ولا غاية. وجاهد بكل قوة ليسيطر على شيء ما، ليبذل مقاومة أخيرة. ليظفر عبثا بذكرى مستعصية. وأخيرا لم يجد بدا من الاستسلام فاستسلم بلا مبالاة... بلا مبالاة
وهكذا، تنتهي الرواية بنهاية تنم عن العبث والاستهتار واللامبالاة والاستسلام بدون إرادة واعية ؛ لأن الحياة لاتستحق أن تعاش بين هؤلاء الكلاب اللعينة الغادرة.
3- صورة الشخصية في الرواية:
أ- بلاغة الصورة الروائية:
من أهم مكونات الرواية ومرتكزاتها الأساسية نجد صورة الشخصية الروائية التي تتضافر مع مكونات روائية أخرى كالفضاء والإيقاع والامتداد والتلقي لتكون عملا روائيا يمكن نعته على مستوى السياق الجنسي "رواية". ولايمكن تحديد صورة الشخصية باعتبارها مكونا واستخلاص سماتها إلا بوضعها ضمن سياقها الجمالي والأسلوبي وذلك بضبط قواعدها الفنية التي تستند إليها الصورة الروائية بصفة عامة. و ما الصورة الروائية إلا تجسيد جمالي وفني على مستوى اللغة والتعبير. ولهذه الصورة قواعد وضوابط جمالية تتمثل في الطاقة البلاغية واللغوية والسياق النصي والنوعي والذهني. وبالتالي، فالصورة الروائية صورة جامعة لكل العناصر الفنية التي تجعل من الرواية رواية.
هذا، ولقد تعددت المقاربات التي تناولت الشخصية من عدة وجهات ومنظورات. فهناك المنازع السيكولوجية والواقعية إلى جانب المناهج البنيوية والسيميولوجية. وترتب عن ذلك أن انتقلت الشخصية من مرحلة اللحم والدم إلى مرحلة الكائن الورقي ( رولان بارت)، ومن الشخص إلى الشخصية( ميشيل زيرافا)، و من الإنسان الواقعي ( القراءات الانعكاسية) إلى الشخصية المتخيلة أو إلى عامل من العواملActants))( فيليب هامون،گريماس).
إلا أننا عندما نتعامل مع الشخصية علينا أن نستفيد من كل هذا الموروث النقدي الذي ساهم في تحديد الشخصية وفهمها خارجيا وداخليا، كما ينبغي أن نستعين بالطرائق الفنية التي تلتجئ إليها الأسلوبية والصورة الروائية. و لايمكن أن تؤدي صورة الشخصية وظيفتها الجمالية أو الفنية إلا ضمن سياقها النصي، ولايمكن أن تكون إنسانية في أعماقها إلا إذا أقنعت المتلقي بصدق متخيلها السردي. إلا أن كثيرا من الباحثين يربطون الشخصية بوظيفتها المرجعية، لابسياقها الأسلوبي والإستيتيقي. فالبحث في موضوع صورة البطل – تؤكد فاطمة موسى- " في الفن القصصي شائق متعدد الجوانب يدخل في ميدان النقد والتاريخ الأدبي، كما يدخل في نطاق التاريخ الاجتماعي، فالأديب في تصويره للبطل في القصة أو المسرح يعبر عادة عن فلسفة معينة تكمن وراء رسمه لملامح الشخصية(...) والرواية من أكثر الفنون اهتماما بتصوير الإنسان في علاقته بالمجتمع، فهي في رأي الكثيرين ملحمة العصر الحديث، ولذا فإن تصوير الشخصيات فيها غالبا ذو دلالة مضاعفة".
ومثل هذه الدلالة المضاعفة هي التي تختزل – يقول أستاذي الدكتور محمد أنقار- " موقف النقاد الحائرين بين الصورة التخييلية للشخصية الروائية، وبين صورة الكاتب والعصر التي تعكسها تلك الشخصية"
ومن الذين ربطوا الصورة الروائية للشخصية بالمأزق المرجعي والتصور الإيديولوجي للكاتب تجاه عالمه وعصره نجد طه وادي الذي ينظر إلى الرواية على أنها تصور" تجربة إنسانية تعكس موقف كاتبها إزاء واقعه بنفس القدر الذي تفصح فيه عن مدى فهمه لجماليات الشكل الروائي، والرواية تقول هذا وأكثر من خلال أداة فنية مميزة هي(الشخصية)، وهذا ما جعل النقاد يعرفون الرواية بقولهم: إنها فن الشخصية".
هذا، وتستخلص الملامح الإنسانية الرفيعة للصورة الروائية للشخصية التخييلية من السياق الكلي للرواية بعد تضافر مكونات الرواية الجمالية وسماتها الفنية داخل نسيج الوظيفة الجمالية لصورة الشخصية. ويعد كل هذا في رأي الباحث المغربي الدكتور محمد أنقار منظر الصورة الروائية أقل خطرا من القول بــــــ"الانعكاس الاجتماعي" بمفهومه الموضوعي الواسع اعتمادا على مااهتدى إليه" يوري ريوريسكوف" أثناء كشفه عن ملامح إنسانية عميقة، من خلال التركيز على بعض تفاصيل البطلة في رواية" أنا كارنينا" لتولوستوي.
إن صورة الشخصية ذات مرجعية إنسانية ووظيفة جمالية أسلوبية، لاتتشكل إلا في سياقها النصي والذهني وإطارها الخارجي، وعبر الطاقة اللغوية المكثفة والطاقة البلاغية المشخصة بالمشابهة تارة والمجاورة تارة أخرى ولكن في سياقها الكلي لا الجزئي، وفي أبعادها الرمزية والتأويلية لا في تمظهراتها الخارجية أو السطحية فحسب.
وبناء على هذا الاستنتاج، يمكن القول: إن " الصورة الإنسانية للشخصية الروائية لاتتحقق بذاتها، بل بواسطة الكائنات والفضاء الذين يحيطان بها(...) وهذا يعني أن الوعي الكامل بصورة الحياة في الرواية، إنما يتحقق على مستوى التلقي وليس على مستوى الشخصية الرئيسية، التي تظل محدودة الإدراك مهما شحنها المبدع، وتفنن في تنميطها، ووسع دائرة وعيها"
وعليه، فإن البعد الإنساني هو الذي يحدد هوية صورة الشخصية ومفعولها الحيوي في العمل الأدبي ويكسبها حيوية وخصوبة ثرية في تلقي البناء التشكيلي لهذه الصورة عبر امتدادها الروائي وإيقاعها الدينامي أو المتوتر. وبالتالي، فهو الذي يصنف الصور الروائية إلى صور مختلة وصور متوازنة. كما: " أن الإلحاح على إبراز البعد الإنساني لصورة الشخصية الروائية، سيجنبنا – يقول الدكتور محمد أنقار- سبيل التحمس المبالغ فيه لهذا المكون أو غيره، فإذا كان لوبوك قد أكد أن الموضوع هو الذي يملي على الأسلوب الروائي إرادته، وتبنى ميشال زيرافاM.ZERAFFA بدوره الأطروحة التي ترى أن الشخصية هي التي تملي على الكاتب الأشكال المناسبة، فإن الإشكال الأساس، في رأينا، ينحصر في محاولات النقد لضبط المنطق والقوانين المورفولوجية للشخصية الروائية في فضائها الإنساني، أي فيما يسميه باختين بصورة الإنسان IMAGE de l'homme في اتصاله بالحدث الآني غير التام".
ب- مقاربة الشخصية الروائية عند جورج لوكاش ولوسيان گولدمان:
وقد عرفت الشخصية الروائية قبل هذا الطرح البلاغي الجديد(بلاغة الصورة الروائية)امتدادات نوعية وتجنيسية عبر امتداد الفن الروائي، فبعد الشخصية الملحمية والتراجيدية سنجد الشخصية الإشكالية Héro problématique ذات الطابع السلبي والإيجابي من خلال مواقفها اللوكاتشية الثلاثة:
1- الرواية المثالية : فيها ينتصر الموضوع على الذات( رواية دونكيشوت لسيرفانتيس مثلا).
2- الرواية الرومانسية : فيها تنتصر الذات على الموضوع(رواية مدام بوفاري لفلوبير مثلا),
3- رواية المصالحة: فيها تتكيف الذات مع الواقع الموضوعي
( رواية سنوات تعلم فلهلم مايستر لجوته).
وبعد الشخصية الإشكالية، كان الأمل الكبير معلقا على الرواية ذات الشخصية الجماعية الإيجابية( البطل الجماعي) ذات المنظور الاشتراكي ( روايات تولوستوي وماكسيم گورگي).
وقد حدد لوسيان گولدمان ثلاثة أنماط من الشخصية في الرواية الغربية انطلاقا من تماثلها مع تطور الوضع الاقتصادي الأوربي ابتداء من القرن التاسع عشر الميلادي إلى منتصف القرن العشرين، وهي الشخصية البيوغرافية التي تتسم بالفردية والتنميط الحضوري في الرواية الكلاسيكية الواقعية، و الرواية المنولوجية التي ستصاب فيها الشخصية بالذوبان تدريجيا، و الرواية الجديدة التي ستؤول فيها الشخصية إلى التفكك والزوال لتحل محلها الأشياء والأرقام.
ولقد حظي مبحث الشخصية بأبحاث الأنجلوسكسونيين في القرن العشرين وبدراسات النقد الفرنسي الجديد الذي استند في تنظيراته وتطبيقاته إلى الإرث الشكلاني الروسي، كما استفاد مبحث الشخصية بدراسات جادة على يدي ميخائيل باختين و ميشيل زيرافا. فما هو مفهوم باختين و زيرافا للشخصية الروائية؟
ج- صورة الشخصية عند ميخائيل باختين وميشيل زيرافا:
بعد كل ما سبق ذكره من تصورات تاريخية حول الشخصية الروائية، لابد من الوقوف عند بعض مواقف كل من ميخائيل باختين وميشيل زيرافا حول صورة الشخصية. فلقد خصص باختين فصلا لدراسة البطل بعنوان" البطل وموقف المؤلف تجاه البطل في إبداع دويستفسكي"،وتوقف في هذا الفصل إلى ثلاث لحظات تترتب عن بعضها البعض علاقة منطقية ، وهي حرية البطل النسبية، واستقلاليته ،وعلاقة ذلك بصوته في ضوء خطة تعدد الأصوات. فالبطل عند دويستفسكي هو عبارة عن وجهة نظر محددة عن العالم، وعن نفسه هو بالذات. أي إنه ذلك الشخص الذي يحمل رؤية للعالم ولذاته، يقول باختين:" البطل مهم بالنسبة إلى دويستفسكي لا على اعتباره ظاهرة من ظواهر الواقع، تجسد سمات محددة مميزة على المستوى الفردي، ونمطية صارمة على المستوى الاجتماعي، ولا على اعتباره هيئة محددة تتألف من ملامح أحادية الدلالة وموضوعية، قادرة بمجموعها على توفير إجابة عن سؤال"من يكون؟ كلا، فالبطل يهم دويستفسكي بوصفه موقفا فكريا وتقويما يتخذه إنسان تجاه نفسه بالذات، بوصفه موقفا فكريا، وتقويما يتخذه إنسان تجاه نفسه بالذات، وتجاه الواقع الذي يحيطه، المهم بالنسبة لدويستفسكي لا من يكونه بطله في العالم، بل بالدرجة الأولى ماالذي يكونه العالم بالنسبة للبطل وما الذي يكونه هو بالنسبة لنفسه ذاتها" .
المهم – إذاً- بالنسبة لدويستفسكي هو موقف البطل من العالم ومن نفسه. وهذا الموقف فكري وإيديولوجي وتقويمي وشهادة على الواقع والذات، ولايهمه موقع البطل في العالم، ومركزيته فيه، وأن ما يجب" الكشف عنه أو وصفه واستخلاصه، لا الواقع الحياتي المحدد الخاص بالبطل، لاصورته القوية، بل المحصلة النهائية لوعيه بالعالم ووعيه بذاته، إنه في نهاية المطاف كلمة البطل الأخيرة حول نفسه بالذات وحول عالمه".
إن البطل عند دويستفسكي هو عبارة عن شخصية حوارية لها منظور رؤيوي عن العالم وعن ذاتها، وهي بالتالي حرة ومستقلة نسبيا، لايتحكم المؤلف في تقرير مصيرها. وتقوم بوظيفة لانهائية وغير مكتملة، وغير منجزة. ومن ثم، يمكن الحديث عن صورة الشخصية غير المنجزة عند باختين.أما البطل المنولوجي الذي يوجد في أغلب الروايات الغربية فهو بطل مغلق، يسيره المؤلف كيفما يشاء. يقول باختين:" من وجهة نظر منولوجية، يعتبر البطل مغلقا، أما حدوده الدلالية فواضحة للعالم: إنه يفعل، ويعاني، ويفكر، ويعي ضمن حدود وجوده المتحقق أي في حدود صورته الفنية المحددة بوضعها واقعا حقيقيا، إنه عاجز عن التوقف عن كونه ماهو عليه بالفعل، أي عاجز عن الخروج من حدود شخصيته Character، من نمطه الشخصي ومن مزاجه، دون أن يخاطر في هذه الحالة في خرق خطة المؤلف المنولوجية عنه".
هذا، وإن شخصية دويستفسكي شخصية منقسمة على ذاتها وغير منجزة، تفتقر إلى الكمالية والأداء الفعلي الكلي لأدوارها والمطابقة الحقيقية للذات البطلة، ولا تشبه هذه الشخصية الإشكالية البطل الملحمي الذي نجده في الملاحم اليونانية وملاحم راسين. وهكذا فالبطل الراسيني الملحمي هو بكامله"الحياة الصلبة والراسخة، أشبه بعمل من أعمال فن النحت، أما بطل دويستفسكي فهو بكامله وعي ذاتي، بطل راسين هو في جوهره قيمة ثابتة ونهائية. أما بطل دويستفسكي فهو وظيفة لانهائية. إن بطل راسين مساو لنفسه هو بالذات، أما البطل عند دويستفسكي فلن تجده مطابقا لنفسه، في أي لحظة من لحظات وجوده لكن البطل الفني عند دويستفسكي دقيق بالضبط مثل بطل راسين".
وإذا انتقلنا إلى ميشيل زيرافا فلقد اهتم بدوره بصورة الشخصية، واعتير أن ما يملي الأشكال المناسبة على الكاتب هو مكون الشخصية. وبالتالي، فالسؤال الذي هيمن على نقاد العشرينيات من القرن الماضي هو العلاقات الموجودة بين شكل الرواية وانسجام الشخصية أو اتساقها أو وحدتها؛ لأن تشتت الشخصية وتفككها ينتج عنه تفكك البنية الروائية. إن الشكل الروائي بلا اتساق أو انسجام يشهد على عدم انسجام الموضوع المختار من طرف المبدع. ويعني هذا أن ثمة علاقة ضرورية بين الشكل الروائي ومفهوم الشخصية. أي إن الشكل الروائي هو الذي يفرض على الكاتب أن يختار الشخصية المناسبة لعمله الفني والإبداع.
وعليه، فالشخصية هي كائن رمزي يدل على فكر الكاتب، وتكون مكونا من مكونات الرواية التقنية، والرواية كذلك هي مقصدية وبناء و إجراء تخييلي منظم، هذه الخصائص- التي تميز الرواية عن الملحمة والتراجيديا- يعكسها سلوك الشخصية الروائية؛ لأننا نراها تفكر، حذرة، تحاول التكيف منطقيا مع الظروف الطارئة، المتنافرة الغامضة في الحياة.
markknof
02-23-2009, 04:16 PM
د- الشخصية في رواية اللص والكلاب:
سوف نحاول في هذا المبحث التطبيقي أن نرصد صورة الشخصية في رواية نجيب محفوظ "اللص والكلاب" من خلال التركيز على شخصية واحدة ألا وهي شخصية سعيد مهران.
سعيد مهران في رواية "اللص والكلاب " شخصية متأزمة تعيش مأزقا مصيريا، إنها تذكرنا بالبطل الإشكالي اللوكاشي والگولدماني. يحمل البطل قيما أصيلة يحاول أن يغرسها في المجتمع الذي يعيش فيه إلا أنه يصاب بالخيبة والفشل عندما يحتك بواقعه المنحط الذي تسوده القيم الكمية الزائفة والوساطة المادية التبادلية. ولم يستطع تغيير واقعه على الرغم من محاولاته الخاطئة التي كانت تصيب الأبرياء فقط دون أعدائه. إن سعيد مهران لم يستطع أن ينجز الأفكار والمبادئ التي كان يؤمن بها والتي تعلمها من رؤوف علوان؛ لأن الواقع كان مهترئا تسوده السلبية المتدهورة ، كما أن هذا الواقع الذي يحاول أن يفجر فيه سعيد مهران أفعاله هو واقع غير مكتمل وغير منجز، تعبث به أيدي الإجرام والخيانة والغدر.
يصور نجيب محفوظ شخصيته الأساسية في الرواية باعتبارها شخصية مأساوية على عتبة القرار الأخير في لحظة الأزمة وفي لحظة انعطاف فعلها نحو اللاجدوى واللافعل أو نحو فعل غير منجز وغير محسوب.
هذا، وتصور رواية اللص والكلاب شخصية سعيد مهران بأنه لص خرج من السجن صيفا بعد أن قضى به أربعة أعوام غدرا لينتقم من الذين اغتنوا على حساب الآخرين، وزيفوا المبادئ، وداسوا على القيم الأصيلة مثل: رؤوف علوان وعليش سدره ونبوية لكي يجعل من الحياة معنى بدلا من العبثية ولا جدواها. وهكذا قرر أن ينتقم من هؤلاء الكلاب إلا أن محاولاته كانت كلها عابثة تصيب الأبرياء وينجو منها الأعداء مما زاد الطين بلة. فصارت الحياة عبثا بلا معنى ولاهدف ، ولقي مصيره النهائي في نهاية الرواية بنوع من اللامبالاة وعدم الاكتراث:" ولم يعرف لنفسه وضعا ولا موضعا، ولا غاية وجاهد بكل قسوة ليسيطر على شيء ما ليبذل مقاومة أخيرة، ليظفر عبثا بذكرى مستعصية، وأخيرا لم يجد بدا من الاستسلام،فاستسلم بلا مبالاة...بلامبالاة".
تتموقع هذه الصورة الروائية الدرامية - سياقيا -عندما حوصر سعيد مهران من قبل المخبرين والكلاب في آخر نهاية الرواية. فهذه الصورة الروائية ذات قاموس وجودي تتمثل في الكلمات الآتية: غاية، عبث، بلا مبالاة، لم يعرف وضعا ولا موضعا. إنها تؤكد مدى سيزيفية شخصية سعيد مهران التي أصيبت بالخيبة عندما انهارت قيم المجتمع ومبادئه الأصيلة. وتوصف شخصية الرواية الرئيسية بأنها شخصية متأزمة متوترة تعيش فضاء العتبة، فضاء القلق والتردد والتمزق بين الذات والموضوع. إنها شخصية مغلقة لاوجود لها، مصيرها عبث بدون كينونة حقيقية، ولامكان لها ولاهدف، إنها حياة بلا طعم ولا لذة. وذهبت محاولات سعيد مهران كلها سدى، لم تستطع أن تجعل من الحياة هدفا ذا معنى. فلم تكن مقاومته في الأخير إلا عملا غير منجز وغير مكتمل، انتهى بالموت والمصير المحتوم. لذلك ارتضى بطل الرواية سبيل الاستسلام والموت الرخيص مادامت الحياة عبارة عن لامبالاة. ولقد كرر السارد هذه الكلمة تأكيدا على عبثية الحياة وعدم استحقاقها لأن تعاش، مادامت القيم الكيفية أصبحت قيما منحطة ومشيأة:" وأخيرا جاءت الكلاب وانقطع الأمل، ونجا الأوغاد ولو إلى حين، وقالت الحياة كلمتها الأخيرة بأنها عبث ومن المستحيل تحديد مصدر النباح الذي ينطلق مع الهواء في كل موقع وألا أمل في الهروب من الظلام بالجري في الظلام، نجا الأوغاد وحياتك عبث"
يتسم المعجم اللغوي في هذه الصورة الروائية بالطاقة الرمزية والشحنة الإيمائية والكنائية. فالكلاب هنا رمز للخونة والانتهازيين الذين غدروا بسعيد مهران وداسوا على المبادئ التي كانوا ينادون بها كالحرية والعدالة الاجتماعية ولاسيما رؤوف علوان وزوجته نبوية التي غدرت به وتزوجت عليش سدره .أما كلمة الأوغاد فهي دلالة على اللصوص الحقيقيين الذين خانوا العهد وفرطوا في القيم الأصيلة التي كانوا يتشدقون بها. أما الظلام فيتضمن بعدين: بعدا مرجعيا وبعدا رمزيا، فهناك الظلام باعتباره مؤشرا على سوداوية الفضاء وتأزمه، والظلام بالمفهوم الكنائي يعني الظلم الاجتماعي والسياسي وضغط الحكومة وجور سلطتها وانتهازية أعوانها . وتصور هذه الصورة مأزقية الشخصية الروائية (سعيد مهران) عندما ووجهت من كل مكان من قبل الشياطين الآدمية وقوى الكم والإحباط ، وخصوصا أن سياق الصورة يتموقع عندما بدأت الكلاب سواء أكانت حقيقية أم مجازا تتبع آثار اللص الذي اختفى في الظلام بين القبور، هذا الفضاء الذي يؤشر على الموت والنهاية التراجيدية، ولكن هذه النهاية بلا أمل ولا غاية.
أما على المستوى البلاغي، فالسارد يعمد إلى تشخيص الموقف عبر تأزيمه عندما جعل الحياة تحكم على إنجازات سعيد مهران بالفشل والعبثية لأنها إنجازات غير مكتملة ،وبالتالي لم تحقق معناها في هذا العالم غير المكتمل ،كما ساهمت هذه الاستعارات الروائية في مأساوية الموقف ودراميته عندما كررت الحياة حكمها على لسان السارد بأنها عبث. كما وظف نجيب محفوظ تقنية الالتفات وذلك عندما تحدث عن نجاة الأوغاد ، وأن الحياة قالت كلمتها الأخيرة بأن حياة سعيد مهران عبث، والتفت بعد ذلك إلى نباح الكلاب لتحديد مصدرها. ومن ثم، انتقل من الغياب إلى الخطاب، ليلتفت إلى شخصية مهران رغبة في تأكيد عبثية حياته. وهذا الالتفات على مستوى التلقي له وظائف جمالية عدة من بينها: التشويق؛ لأن القارئ ينتظر نهاية الشخصية واندحارها وذوبانها بعد أن تحاصرها الكلاب. إلا أن السارد قبل أن يحدد هذا الحصار، يوقف القارئ إلى عبثية الشخصية، ثم يعود إلى تأكيد الحصار وتعدد مصادر نباح الكلاب، ويعود في الأخير ليؤكد عبثية حياة سعيد مهران ولا جدواها:" وصاح صوت وقور:
- سلم، وأعدك بأنك ستعامل بإنسانية.
- كإنسانية رؤوف ونبوية وعليش والكلاب!(....)
- - حسن ماذا تنوي؟ اختر بين الموت وبين الوقوف أمام العدالة.
- فصرخ بازدراء:
- - العدالة!
- أنت عنيد، أمامك دقيقة واحدة...
ورأت عيناه المعذبتان بالخوف شبح الموت يشق الظلام".
في هذه الصورة الروائية، يتم تصوير موقف الحصار وتأزيمه عبر توتر الأحداث ودراميتها باعتباره سياقا للصورة. يطلب أصحاب القرار والسلطة من سعيد مهران أن يسلم نفسه وأنه سوف يعامل بإنسانية؛ بيد أن سعيد مهران سفه عبر المناجاة الداخلية والمنولوج من خلال حوار الذات المتأزمة منطق تلك الإنسانية . وإن علامة التعجب التي استخدمها الكاتب أيقونيا دلالة على الاستهزاء والسخرية والتهكم من مفاهيم الواقع المتعفن وتصوراته الإيديولوجية المستلبة . إن الإنسانية في هذه الصورة الروائية مكثفة بالترميز والإيحاء الذي يلمح إلى التفكير البراجماتي القائم على المصلحة والمنفعة
إن سعيد مهران كما يتضح من خلال الصور الروائية الجزئية والبناء الكلي لدلالة العمل رمز للوطنية الصادقة والروح الشعبية الحقيقية والنضال الاجتماعي المستميت من أجل المبادئ والقيم الأصيلة. وقد كان بمثابة نبراس يستضيء به الكثيرون من أبناء الشعب الكادح والمقهور في حياتهم التي يسودها النفاق الاجتماعي والابتزاز اللامشروع باسم النضال. إن شخصية سعيد مهران لهي شخصية متمردة عن قيم المجتمع ومبادئه الزائفة التي طالما دنست كرامة الإنسان وأنفته.
و لايسعنا في آخر هذا المبحث إلا أن نؤكد بأن صورة الشخصية لايمكن أخذها مأخذا جماليا وفنيا إلا في إطارها الإنساني وسياقها الجزئي والكلي عبر مستوياتها الخمس: قواعد الجنس والطاقة اللغوية والطاقة البلاغية والمستوى الذهني والسياق النصي.
وهكذا اهتدينا في مبحثنا إلى إثارة الانتباه إلى أهمية الصورة الروائية وضرورتها في كل عملية تحليلية يمكن" أن يخضع لها نص روائي، مبرزا فعاليتها الجمالية في التكوين النصي، ولقد ترتب عن تبني الصورة الروائية باعتبارها مكونا بلاغيا جديدا ضرورة استثمار مكونات وسمات روائية قلما استغلت طاقاتها في مجال التحليل الروائي كالامتداد والتوتر والتكثيف والدينامية والصور الذهنية والجزئية والكلية".
وبناء على ماسبق، لابد أثناء مقاربة الصورة الروائية للشخصية من مراعاة خصوصيات التجنيس الروائي السردي، وتجاوز مفاهيم الشعر ومصطلحاته الإجرائية إلى التسلح بمفاهيم مستمدة من جنس الرواية بصفة خاصة وفن السرد بصفة عامة.
وهكذا نؤكد مطمئنين أن الصورة الروائية لقراءة جادة ومعاصرة في مقاربة النصوص الروائية في أبعادها الجمالية والأسلوبية والإنسانية والبلاغية عبر سياقاتها الذهنية والخارجية والنصية
4- الفضاء الروائي:
يرصد نجيب محفوظ في هذه الرواية الفلسفية العبثية مدينة القاهرة بفضاءاتها المتناقضة إبان المرحلة الاشتراكية الناصرية في سنوات عقد الخمسين وسنوات عقد الستين حيث كانت تتميز بالتفاوت الاجتماعي والصراع الطبقي.
فيعد انتهاء المرحلة الملكية ونفي الملك فاروق إلى إيطاليا، تولى الضباط الأحرار حكم مصر ونهجوا السياسة الثورية الاشتراكية. بيد أن الشعارات التي كانوا يدعون إليها شعارات زائفة لاتعبر إلا عن الممارسة الأرستقراطية الحقيقية. أي إن فترة العهد الناصري كانت تتميز بانعدام العدالة الاجتماعية، وانتشار الفقر والفاقة بين أوساط المجتمع، وانتشار البيروقراطية وخيانة المبادئ الثورية الاشتراكية، وانتشار الغنى الفاحش بين أوساط الضباط الأحرار والتابعين لهم. ولم تطبق الاشتراكية ميدانيا كما كان يدعو إليها الثوار، بل خان هؤلاء المبادئ والشعارات التي كانوا يرددونها.
ومن الفضاءات التي نستحضرها في هذا النص الروائي الفضاء العدائي الذي يتمثل في السجن الذي قضى فيه سعيد مهران سنوات عدة منها أربع سنوات قضاها غدرا وخيانة من قبل عليش ونبوية ورؤوف علوان. ومن الفضاءات العدائية الأخرى نذكر المقبرة التي استسلم فيها سعيد للامبالاة والأوغاد الخونة، والمقهى الذي تحول إلى مكان للمخبرين الذين يتصيدون سعيد للإيقاع به
كما توجد فضاءات حميمية مقابلة كفضاء التصوف الذي يسهر عليه الشيخ علي الجنيدي، ومنزل نور الذي يختبئ فيه من أعدائه والمخبرين الذين يتتبعونه في كل مكان.
أما فضاء العتبة أو فضاء المأساة والمواقف المتأزمة فيتمثل في الشوارع والمقاهي المفتوحة والحارات المكتظة بالناس، وميدان القاهرة الذي يغص بالناس من فئات اجتماعية وطبقية مختلفة
ويمكن تصنيف فضاءات الرواية إلى فضاءات منغلقة كالسجن وبيت عليش وشقة نور وڤيلا رؤوف علوان، وفضاءات مفتوحة كالرباط الصوفي ومقهى المعلم طرزان وفضاء الصحراء.
وقد انتقل الكاتب في وصفه والتقاطه للفضاءات المكانية من لقطات عامة تهدف إلى تصوير فضاء القاهرة، وبعد ذلك ينتقل إلى لقطات متوسطة لتصوير شوارع الميدان، لينتقل في الأخير بالكاميرا إلى التقاط صورة المقهى ومنزل عليش.
ومن هنا، تتداخل الأمكنة والفضاءات الحميمية والعدائية والمتفاوتة طبقيا واجتماعيا في مصر الستينيات من القرن الماضي التي كانت تتسم بجدلية الصراع الداخلي والخارجي.
5- الوصف في الرواية:
ينصب الوصف على الأشخاص والأمكنة والأشياء والوسائل، وله وظائف جمالية ودلالية وتوضيحية تفسيرية. ويقوم الوصف بتمثيل الموجود مسبقا ومحاكاته من أجل الإيهام بوجوده الحقيقي والمرجعي( الإيهام بالواقعية). ويهتم الوصف في الرواية الواقعية بتحديد المجال العام الذي يتحرك فيه الأبطال. ويعني هذا أن الوصف يستخدم في تحديد الخطوط العريضة لديكور الرواية، ثم لإيضاح بعض العناصر التي تتميز بشيء من الأهمية.
ومن العناصر التي تم التركيز عليها وصفا وتشخيصا وتجسيدا تصوير الشخصيات فيزيولوجيا واجتماعيا وأخلاقيا ونفسانيا، كوصف سناء التي أثارت أباها سعيد مهران بوجودها الرائع ؛ لأنه ترك بنته الوحيدة وهي طفلة صغيرة بين الأيدي الخائنة:" وعندما ترامى وقع الأقدام القادمة ، خفق قلب سعيد خفقة موجعة وتطلع إلى الباب وهو يعض على باطن شفتيه. مسح تطلع شيق وحنان جارف جميع عواصف الحنق. وظهرت البنت بعينين داهشتين بين يدي الرجل، ظهرت بعد انتظار طال ألف سنة. وتبدت في فستان أبيض أنيق وشبشب أبيض كشف عن أصابع قدميها المخضبتين. وتطلعت بوجه أسمر وشعر أسود مسبسب فوق الجبين فالتهمتهما روحه."
ويصف الكاتب رؤوف علوان ساخرا من مبادئه الزائفة وثورته الواهمة التي ذهب ضحيتها كثير من الأبرياء والفقراء والبؤساء وزجوا بهم في السجن من أجل أن يستفيدوا من المناصب السامية ويقتسموا الثروة ليعيش الآخرون جوعا وفاقة:" رؤوف علوان، خبرني كيف يغير الدهر الناس على هذا النحو البشع؟! الطالب الثائر. الثورة في شكل طالب. صوتك القوي يترامى إلي عند قدمي أبي في حوش العمارة، قوة توقظ النفس عن طريق الأذن،عن الأمراء والباشوات تتكلم. وبقوة السحر استحال السادة لصوصا. وصورتك لاتنسى وأنت تمشي وسط أقرانك في طريق المديرية بالجلابيب الفضفاضة وتمصون القصب... وكنت بين المستمعين لك عند النخلة التي نبتت عند جذورها قصة حبي وكان الزمان ممن يستمعون لك. الشعب... السرقة... النار المقدسة. الثروة...الجوع....العدالة المذهلة. ويم اعتقلت ارتفعت في نظري إلى السماء. وارتفعت أكثر يوم حميتني عند أول سرقة. ويوم رد حديثك عن السرقة إلي كرامتي. ويوم قلت لي في حزن" سرقات فردية لا قيمة لهان لابد من تنظيم!". ولم أكف عن القراءة والسرقة بعد ذلك. وكنت ترشدني إلى السماء الجديرة بالسرقة. ووجدت في السرقة مجدي وكرامتي. وأغدقت على أناس كان من بينهم للأسف عليش سدرة."
ووصف الكاتب عليش سدرة و زوجته نبوية وخليلته نور في عدة مواضع من الرواية عبر مستويات خارجية واجتماعية وأخلاقية ونفسية تكشف لنا انتهازية عليش وخيانة رؤوف علوان ومكر نبوية واستهتار نور وصفاء الشيخ الجنيدي ونكران سناء لأبيها الخارج من السجن .
وينقل لنا الكاتب أمكنة متناقضة ، البعض منها يوحي بالغنى والثراء كڤيلا رؤوف علوان الغاصة بالأشياء الثمينة، والبعض الآخر يوحي بالفقر والفاقة والخصاص كشقة نور.
وإليكم مقطعا وصفيا يتداخل فيه وصف المكان ووصف الأشياء لتجسيد التفاوت الطبقي والصراع الاجتماعي:" وأضاء خادم النجفة بصر سعيد بمصابيحها الصاعدة ونجومها وأهلتها. وعلى ضوئها المنتشر تجلت مرايا الأركان عاكسة الأضواء، وتبدت التحف الثاوية على الحوامل المذهبة كأنها بعثت من ظلمات التاريخ، وتهاويل السقف وزخارف الأبسطة والمقاعد الوثيرة والوسائد المستقرة عند ملقى الأقدام. وأخيرا استقر البصر على وجه الأستاذ الممتلئ المستدير، ذلك الوجه الذي طالما عشقه وحفظه عن ظهر قلب لطول ما أحدق فيه منصتا. وبينا راح الخادم يفتح بابا مطلا على الحديقة في الجدار الأيسر ويكشف عنه ستائره مضى وهو ينظر إلى الأستاذ ويلحظ الروائع مسترقا."
و يلاحظ أن الكاتب لم يفصل كثيرا في وصف شخصياته وأماكنه وأشيائه كما كان يفعل بلزاك وستندال وفلوبير، بل اكتفى بفقرات موجزة ومقاطع موحية. ولكن وصفه لم يكن مقلا كما هو الحال عند الروائيين الجدد والذي كان يتسم بالإضمار والحذف والاختزال. وقد أحسن نجيب محفوظ وصف الأشياء التي تشير إلى تبرجز المجتمع العربي وشروعه في التأثيث وتملك الأشياء واقتناء التحف والأدوات الثمينة.
markknof
02-23-2009, 04:16 PM
6- الرؤية السردية: يستند الكاتب في رواية " اللص والكلاب " إلى الرؤية من الخلف واستعمال ضمير الغائب والسارد المحايد الموضوعي الذي لايشارك في القصة كما في الرؤية من الداخل، بل يقف محايدا من الأحداث يصف ويسرد الوقائع بكل موضوعية . ويشبه هذا السارد الإله الخفي ؛ لأنه يملك معرفة مطلقة عن الشخصيات ويعرف كل شيء عن شخصياته المرصودة داخل المتن الروائي خارجيا ونفسيا، إذ يزيل سقوف الشقق وجدران الغرف من أجل أن يدخل إلى البيوت لاستكناه أفعالهم وتصوير مشاعرهم الداخلية:" وجلس عند النخلة يشاهد صفي المريدين تحت ضوء الفانوس ويقضم دومة وينعم بسعادة عجيبة. وكان ذلك سابقا لنزول أول قطرة حارقة من شراب الحب. وأغمض الشيخ عينيه فكأنه نام. وألف هو المنظر والجو حتى البخور لم يعد يشمه. وطرأت فكرة بأن العادة أساس الكسل والكلل والموت. وهي المسؤولة عما عانى من خيانة وجحود وضياع جهد العمر سدى" .
ويتبين لنا من هذا المقطع أن الكاتب يستعمل الرؤية من الخلف وضمير الغائب ورصد ماهو خارجي وماهو داخلي، كما أن الراوي محايد ينقل لنا الحدث والشخصيات والفضاء من مكان ما قد يكون قريبا أو متوسطا أو بعيدا.
ومن وظائف السارد في الرواية السرد والحكي، وهذه هي الوظيفة الأساسية للسارد، ووظيفة التنسيق بين الشخصيات، ووظيفة الوصف من خلال تشخيص الشخصيات ووصف الأمكنة والأشياء ، ووظيفة النقد التي تتجلى في نقد الواقع وتشخيص عيوبه ومساوئه الكثيرة ولاسيما تفاوته الاجتماعي والطبقي الذي ينم عن انعدام العدالة الاجتماعية في المجتمع المصري إبان الثورة الاشتراكية. وهناك الوظيفة الإيديولوجية التي تكمن في نقد التيار الاشتراكي والتجربة الناصرية التي ترتبت عنها خيانة المبادئ الاشتراكية الكبرى والتعريض بالذين خانوا الثورة باسم العدالة الاجتماعية والثورة على الملاكين الكبار ومحاربة الطبقية.
وثمة وظائف أخرى يقوم بها السارد يمكن حصرها في وظيفة التقويم والتعليق، ووظيفة الانفعال، ووظيفة التأثير، ووظيفة تصوير المرجع الواقعي.
7- الزمن السردي:
يلاحظ أن الزمن السردي في الرواية زمن صاعد خطي ينطلق من حاضر الخروج من السجن إلى مستقبل الاستسلام والموت. بيد أن هذا الزمن ينحرف تارة إلى الماضي لاسترجاعه( فلاش باك)، أو إلى المستقبل من أجل استشرافه.
ومن المقاطع السردية الدالة على الاستشراف المستقبلي الذي يحضر غالبا في شكل أحلام مستقبلية:" فلم يستطع جوابا، إلى هذا الحد بلغ منه الإعياء. وأقام الشيخ الصلاة، وما لبث سعيد أن غاب عن الوجود. حلم بأنه يجلد في السجن رغم حسن سلوكه، وصرخ بلا كبرياء وبلا مقاومة في ذات الوقت. وحلم بأنهم عقب الجلد مباشرة سقوه حليبا، ورأى سناء الصغيرة تنهال بالسوط على رؤوف علوان في بئر السلم. وسمع قرآنا يتلى فأيقن أن شخصا قد مات. ورأى نفسه في سيارة مطاردة عاجزة عن الانطلاق السريع لخلل طارئ في محركها واضطر إلى إطلاق النار في الجهات الأربع، ولكن رؤوف علوان برز فجأة من الراديو المركب في السيارة فقبض على معصمه قبل أن يتمكن من قتله وشد عليه بقوة حتى خطف منه المسدس، عند ذاك هتف سعيد مهران: اقتلني إذا شئت ولكن ابنتي بريئة، لم تكن هي التي جلدتك بالسوط في بئر السلم وإنما أمها، أمها نبوية وبإيعاز من عليش سدرة."
ومن المقاطع الدالة على استرجاع الماضي القائم على التذكر والاستدعاء قصد التلذذ بذكرياته أو الثورة عليه نقمة ورفضا:" وانتظرت عند النخلة الوحيدة في نهاية الحقل حتى قدمت نبوية فوثبت نحوها وقلت لها: لاتخافي، يجب أن أكلمك، أنا ذاهب، سأجد عملا أوفر ربحا، وأنا احبك، لاتنسيني أبدا، أنا أحبك وسأحبك دائما وسوف أثبت لك أني قادر على إسعادك وعلى فتح بيت محترم لك. وفي تلك الأيام كانت الأحزان تنسى والجروح تلتئم والأمل يحصد الصعاب، فيا أيتها القبور الغارقة في الظلمة لا تسخري من ذكرياتي!
ونهض من استلقائه فجلس على الكنبة في الظلام وخاطب رؤوف علوان كأنه يراه أمامه قائلا في سخرية:
- لو قبلت أن اعمل محررا في جريدتك يا وغد لنشرت فيها ذكرياتنا المشتركة ولخسفت نورك الكاذب..."
ويظهر لنا أن نجيب محفوظ يستفيد من تقنيات الرواية الجديدة ومن آليات السرد الموجودة عند أعضاء تيار الوعي كاستخدام فلاش باك واستشراف المستقبل وتوظيف الخطاب الحلمي الدال على الغضب والهذيان والتناتوس اللاشعوري الناتج عن الثأر والانتقام.
و يزاوج الكاتب على مستوى الإيقاع بين السرعة والبطء، ويتجلى إيقاع السرعة في الحذف والتلخيص، أما إيقاع البطء فيكمن في الوقفة الوصفية والمشاهد الدرامية.
فمن مظاهر الحذف الزمني خروج سعيد مهران من السجن بعد سنوات عديدة لم يذكر لنا الكاتب أي شيء عنها في الرواية ليترك الكاتب الأحداث تنساب بسرعة تارة، وببطء تارة أخرى، حيث يتوقف عند لوحات وصفية يلتقط فيها صور بعض الشخصيات كسناء وعليش ونبوية والشيخ الجنيدي ونور ورؤوف علوان، لينتقل من ثم، إلى ذكر بعض المشاهد الدرامية كمشهد المطاردة بين المقابر، ومشهد دخول سعيد إلى ڤيلا رؤوف علوان، ومشهد مهاجمة بيت عليش، ومشهد ضرب الشاب الذي كان يختلي بنور، ومشهد توقيف المعلم بياضة لمحاسبته، و المشهد الذي كان يتبادل فيه الحوار مع المعلم طرزان، و المشاهد الروحانية التي كان يستسلم فيها لوازع الدين والحب الرباني.
8- الصياغة الأسلوبية:
وظف نجيب محفوظ في روايته عدة أساليب سردية لنقل الأحداث والتعبير عن مواقف الشخصيات. ولقد أكثر من السرد ليقترب من الواقع أكثر لمحاكاته وتسجيله وتشخيصه بطريقة تراجيدية. وفي نفس الوقت، يلتجئ إلى الحوار قصد معرفة تصورات الشخصيات وتناقض مواقفها الإيديولوجية. كما التجأ أيضا إلى المنولوج للتعبير عن صراع الشخصيات وتمزقاتها الداخلية ذهنيا ونفسيا. ويحضر أسلوب سردي آخر يسمى بالأسلوب غير المباشر الحر الذي يختلط فيه كلام السارد مع كلام الشخصية وهو كثير بين ثنايا الرواية:" آن للغضب أن ينفجر وأن يحرق، وللخونة أن ييأسوا حتى الموت، وللخيانة أن تكفر عن سحنتها الشائهة. نبوية عليش، كيف انقلب الاسمان اسما واحدا؟ أنتما تعملان لهذا اليوم ألف حساب، وقديما ظننتما أن باب السجن لن ينفتح، ولعلكما تترقبان في حذر، ولن أقع في الفخ، ولكني سأنقض في الوقت المناسب كالقدر. وسناء إذا خطرت في النفس انجاب عنها الحر والغبار والبغضاء والكدر. وسطع الحنان فيها كالنقاء غب المطر. ماذا تعرف الصغيرة عن أبيها؟ لاشيء."
وعلى الرغم من كل هذه الأساليب، فإن السرد يبقى هو المهيمن على غرار الروايات الواقعية والوجودية، كما استعان الكاتب بالوصف أثناء تقديم الشخصيات والأمكنة والأشياء والوسائل وتحيين المشاهد الدرامية.
وتمتاز لغة نجيب محفوظ بكونها لغة واقعية تصويرية تستند إلى تسجيل المرجع وتمويهه بلغة تتداخل فيها الفصحى والعامية المصرية ليقترب أكثر من خصوبة الواقع العربي المصري. لذالك استعمل الكاتب تعابير العامية المصرية وأساليبها وألفاظها وصيغها المسكوكة. كما استعمل قواميس تدل على حقول دلالية مثل: حقل الأثاث، وحقل الطبيعة، وحقل الدين والتصوف، وحقل الصحافة والإعلام، وحقل السلطة والجريمة، وحقل الوجود و العبث، وحقل القيم، وحقل المجتمع، وحقل السياسة....
وعلى الرغم من استخدام اللغة الطبيعية الواقعية المباشرة التي تنبني على الخاصة التقريرية الجافة الخالية من كل رونق بلاغي وشاعري، إلا أن الكاتب يوظف في بعض الأحيان تعابير قائمة على المشابهة ( التشبيه والاستعارة) ، والمجاورة( المجاز المرسل والكناية)، واستعمال الرموز (اللصوص والكلاب...) لتشخيص الأحداث والمواقف وتجسيدها ذهنيا وإحاليا وجماليا.
ويشغل الكاتب جملا بسيطة ومركبة، وغالبا ماتكون الجمل الروائية جملا فعلية بفواصل قصيرة، تنمي مسار الأحداث وتؤزمها، وقد أورد الكاتب هذه الجمل ليحبك الأحداث ويحقق حركية السرد وتطوره الدرامي و يثري توتره على مسار الحبكة السردية والعقدة القصصية.
ويلاحظ أن نجيب محفوظ قد استفاد من التقنيات الغربية على مستوى الكتابة الروائية ( المنولوج، والأسلوب غير المباشر الحر، وفلاش باك، واستشراف المستقبل...)، وفي هذا الصدد يقول نجيب محفوظ:" كانت كل الأساليب أمامنا في وقت واحد. فعندما نشرع في الكتابة قد نستفيد من أي الطرق التي عرفناها ودخلت في آلية المنسي عندنا بدون وعي. فعندما أكتب قد استفيد من الواقعي التقليدي من الواقعي الحديث، من تيار الوعي....من...من...لأنني قرأت كل هذا في فترة واحدة بمعنى أن التجارب التي عاشتها أوربا في مائتي سنة أو ثلاثمائة سنة اطلعت عليها أنا في عشر سنوات، وبهذه الطريقة استفدت من أكثر من أسلوب روائي ومن كل في لحظة أي في اللحظة المناسبة."
ويقول نجيب محفوظ أيضا في هذا السياق:" عندما لم أكن أقع تحت تأثير أحدهم، ولم تبهرني الإنجازات التكنيكية الحديثة. تخيل لو أنني كنت تأثرت به" جويس" وحاولت أن أنهج نهجه في تيار الوعي. لقد قرأت يوليسيز في أواسط الثلاثينيات لكنني عندما بدأت الكتابة كنت أطرح هذا كله وأنهج منهجا واقعيا...".
ولقد بدأ نجيب محفوظ كتاباته الروائية الأولى معتمدا على السرد والنص والوصف ، وكان يتحاشى المنولوج الداخلي ويتجنبه لمجافاته للرؤية التي يقدمها. ومن ثم، اعتمد محفوظ على لغة تشخيصية حديثة تزاوج بين الفصحى والعامية المصرية، وبذلك تخلصت لغته من البيان التراثي والأساليب العربية الركيكة التي عرفتها الرواية العربية في القرن التناسع عشر الميلادي.
9- الأبعاد النفسية و المرجعية في الرواية:
ببدو سعيد مهران شخصية غير متوازنة وغير متزنة بسبب كثرة أخطائها في إصابة أهدافها، كما أنها شخصية إشكالية تتأرجح بين الذات والموضوع، وتعاني من الصراع الداخلي ومن التمزق النفسي الناتجين عن خيانة زوجته نبوية وصديقه عليش سدرة وأستاذه رؤوف علوان الذي كان يعلمه النضال والثورة على الفقر عن طريق سرقة الأغنياء بطريقة فردية أو بطريقة جماعية منظمة، وكان منبهرا بصوته الثوري القوي وبمبادئه الاشتراكية الرائعة التي تسوي بين الفقراء والأغنياء في تقسيم ثروة الوطن وتوزيعها بعدالة على الشعب وأبناء المجتمع، بيد أن هذه الشعارات كانت جوفاء فارغة من كل معنى.
وعليه، فسعيد مهران بخروجه من السجن صار شخصية أخرى تريد الانتقام والثار ، أي أصبحت شخصية عدوانية حاقدة جاءت لتشعل النار في أجساد الخائنين والماكرين الخادعين الذين زجوا به في السجن كيدا وخديعة. ومن ثم، يتسلح سعيد مهران بالمسدس ليصفي حساباته مع كل الأوغاد الذين فرطوا في قيم التلمذة والصداقة و المحبة. لذا، يتحول سعيد إلى شخصية عدوانية عابثة ترى الوجود كله يأسا وسأما وعبثا بلا معنى ولا جدوى.
ويلاحظ أن التناتوس ( الموت أو الغرائز العدوانية ) هو الذي كان يحرك سعيد مهران شعوريا ولاشعوريا ، وهو الذي كان يدفعه لتصفية الحسابات مع الخونة والقضاء على حياتهم، ولكن شخصية مهران لم تكن تخطط جيدا لأهدافها. ومن ثم، كان قتله للأبرياء والبوابين دليل على مدى عبثية حياته ولا جدوى وجوده.
ومن ناحية أخرى، كان نجيب محفوظ ينتقد التجربة الاشتراكية الناصرية والضباط الأحرار والتابعين لنهجهم الذين كانوا يطلقون شعارات وطنية ثورية إبان مرحلة الملكية في عهد الملك فاروق ؛ إذ كانوا ينددون بالفساد السياسي والاقتصادي والأخلاقي والمجتمعي، ويدعون إلى الحرية والديمقراطية ودسترة البلاد وتحقيق العدالة الاجتماعية. ولكن لما تولى الضباط الأحرار الحكم وتسلم محمد نجيب وجمال عبد الناصر الحكم، كثر الفساد في هذه المرحلة وهيمنت البيروقراطية وأممت ممتلكات الشعب وازداد الفقر وكثر الجوع وانتشر الظلم الاجتماعي، واستفاد الثوار الاشتراكيون من المناصب السامية وأصبحوا متبرجزين على غرار الباشاوات في عهد الملكية المطلقة، وما رؤوف علوان إلا نموذج للانتهازية إبان الخمسينيات وفترة الستينيات. وخان الدعاة والساسة الشعارات الاشتراكية التي كانوا يدافعون عنها، ومكروا بالشعب واستفادوا من الثروات الطائلة، وسببت هذه الخيانة فيما بعد في عدة نكسات وهزائم استنزفت خزينة الدولة، ولاسيما الهزيمة النكراء التي انتصر فيها العدو الصهيوني على العرب وقوضت مكانة جمال عبد الناصر قوميا سنة 1967م.
ويقول غالي شكري محددا مرجعية الرواية وسياقها الخارجي:" تنتقل بنا ( الرواية) من الجو الملحمي إلى قلب التراجيديا مباشرة. ذلك أن التغيير المنشود قد تم في مناخ أقل ما يوصف به أنه شديد الاضطراب، فلا تنظيم سياسي يقود تطلعات الجماهير إلى الاشتراكية، والقرارت الفردية تنزل من عل فلا يتحقق منها ما يتحقق إلا بالقهر ودون مراجعة، والمنتمون الثوريون يعجزون عن المشاركة في تصحيح ما يستوجب التصحيح... وفي ظل هذا الغياب الشامل للتنظيم والديمقراطية جنبا إلى جنب القرارات العلوية التي لا يتسق مضمونها مع أدوات التنفيذ للدولة القديمة المهيمنة، يقع المنتمي في أزمة جديدة عنيفة بين الوجه الذي علمه الثورة وانضم إلى صفوف الطبقة الجديدة الوليدة وخان، وبين الوجه الرابض في أعماقه للكتاب والمسدس."
ويعني هذا أن سعيد مهران شخصية ثورية تحاول تغيير الواقع ولكن بدون هدف، أي إنها لم تنجح في ذلك أيما نجاح. ولقد " أضاف الواقع الحي إلى انتصارات العلم والفكر الاشتراكي، أن طبقة جديدة قد ولدت في ظل الفراغ التنظيمي والسياسي والأيديولوجي، وأن هذه الطبقة التي يمثلها في الرواية" الصحفي" رؤوف علوان قد خانت مبادئ الثورة وأمست العدو الأول لسعيد مهران وما يمثله من قيم... وكذلك أضاف الواقع الحي أن الشيخ الجنيدي لم يكن في جعبته من التصوف ما يشفي غليل سعيد مهران إلى الحرية والعدل".
ولا أتفق مع ماذهب إليه غالي شكري في تعليله لموقف الشيخ علي الجنيدي؛ لأن الحل الحقيقي لأزمة سعيد مهران هو الحل الديني والصوفي، وذلك بتنقية الضمير من ترهات الثوار الاشتراكيين الذين فشلوا في تغيير الواقع وزجوا بسعيد مهران إلى السجن، فالحل- إذاً- هو العودة إلى الله الضامن الحقيقي للسعادة البشرية. وإن رؤوف وأمثاله من الخونة انتهازيون لن يقدموا أي حل يسعد الإنسان سوى الحل الروحاني الذي يشير إليه علي الجنيدي عن طريق تغيير الإنسان لنفسه وتطهيرها من أطماع الدنيا الزائلة والتخلي عن شوائب الأيديولوجيا الزائفة والارتماء بين أحضان الرب. وموقف الجنيدي كان واضحا وهو أن يبدأ سعيد بالتصالح مع الله، وأن يقتنع بالوجود الحقيقي بدلا من الوجود الإيديولوجي والعبثي الذي يبحث عنه. و لن يتحقق التغيير في المجتمع إلا بالاتكال على الله والتحلي بالصدق والعودة إلى هداية الله وتمثل شريعته المستقيمة. وما هزيمة مصر في حرب حزيران 1967م أمام القوى الصهيونية والغربية سوى مؤشر على النفاق وتضعضع السياسة الناصرية والاحتكام إلى الأهواء الشخصية والإيديولوجية.
خاتمــــة:
وعلى أي حال، فرواية " اللص والكلاب" لنجيب محفوظ من خلال أساليبها وطرائق عرضها رواية فلسفية وجودية عبثية من حيث المضمون تتناول الجريمة والانتقام والثأر بأسلوب السخرية الكاريكاتورية والامتساخ الفانطاستيكي .
كما تجسد الرواية برؤيتها الواقعية الانتقادية ذات الملامح الاجتماعية والسياسية عبث الحياة وقلق الإنسان في هذا الوجود الذي تنحط فيه القيم الأصيلة وتعلو فيه القيم الكمية المنحطة.
وتعتبر هذه الرواية من حيث القالب والبناء والصياغة كلاسيكية الشكل والنمط ؛ بسبب تسلسل الأحداث وتعاقبها كرونولوجيا وتعاقب الأحداث زمنيا ومنطقيا ، وهيمنة السرد غير المباشر، وتشغيل الرؤية من الخلف وضمير الغياب، واستعمال الوصف الواقعي.
والرواية كذلك في مسارها السردي والدلالي والإيقاعي رواية مأساوية تراجيدية قوامها العبث واللاجدوى واللامبالاة، كما أنها ذات بناء دائري إلى حد ما تبدأ بالسجن وتنتهي بالاستسلام والعودة إلى السجن مرة أخرى، أو بالسقوط بين أحضان المقبرة وصمت الموت.
وعلى الرغم من كلاسيكية بناء الرواية، فقد استفاد نجيب محفوظ من تقنيات الرواية الجديدة ومن آليات الرواية المنولوجية وتيار الوعي أثناء استعمال المنولوج وفلاش باك واستشراف المستقبل وخطاب الأحلام وتوظيف الأسلوب غير المباشر الحر، كما استفاد كثيرا من الرواية الواقعية عند بلزاك وستندال وفلوبير، و من الرواية الوجودية كما عند سارتر وألبير كامو وروايات الروائيين الوجوديين العرب خاصة رائدهم الكبير: سهيل إدريس كما يتجلى ذلك واضحا في روايته العابثة" الحي اللاتيني" .
الخميس، 18 مارس 2010
نظري وفروض
المذاهب الادبية الغربية واثرها على الادب الاعربي
-مصطلح أطلقه النقاد والأدباءعلى نتاجات فنية متميزة عبرت بصدق عن حالات نفسية عامة أوجدتها مسيرة الشعوب عبر التاريخ وملابسات الحياة ومتغيراتها وقد بدأت ملامح هذه المذاهب تتبلور ابتداء من عصر النهضة. وبفضل الاحتكاك بالثقافة الغربية استطاع أدباؤنا أن يطلعوا على هده المذاهب الأدبية ويتخذوها سبيلا لتطوير الأدب العربي شكلا ومضمونا.. 1/المذهب الكلاسيكي وتسمى الاتباعية
أقدم المذاهب الأدبية في اروبا ظهر بعد حركة البعث العلمي في القرن الخامس عشر . قائم على محاكاة الأدب اليوناني القديم .ويعتبر كتاب الشعر لأرسطو دستور الكلاسيكية الذي يتضمن القواعد النظرية لفني الملاحم والتمثيل .اكتملت ملامح هدا المذهب في النصف الأول من القرن السابع عشر .عندما وضع الشاعر والناقد الفرنسيبوالو أسس المذهب الكلاسيكي في كتاب سماه فن الشعر . ..
.وقد كانت الكلاسيكية تلبية للظروف الفكرية التي عاشتها أوربا خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين . حيث سيطر العقل على الحياة الاجتماعية والفكرية وانعكس على الحياة الأدبية.
وهدا ما جعل أدب الكلاسيكية يتسم بما يلي _//
- العناية الكبرى بالأسلوب بالحرص على فصاحة اللغة وأناقة العبارة واستعمال اللغة الراقية .
- الوضوح والفصاحة وجودة الصياغة اللغوية.
- والبعد عن التعقيد وتجنب الإسراف العاطفي والبعد عن الخيال .
- الاعتماد على الفلسفة العقلية فالعقل هو السلطان الذي يقود الوجدان والخيال ويجعله يسير في حدود العقل.
- خفوت النزعة الذاتية ورواج الأدب الموضوعي .
- التعبير عن حاجات الطبقة الارستقراطية .
- محاكاة القدماء والالتزام المطلق بأصولهم وقواعدهم في الإبداع الأدبي .
- اقتباس الموضوعات من التاريخ القديم .
- ربط الأدب بالمبدأ الخلقي وتوظيفه في الغايات التعليمية .
- احترام الأعراف والقوانين الاجتماعية السائدة
وتعد فرنسا بحق التربة الخصبة التي ترعرع فيها هذا المذهب حيث تعد جماعة البليياد رائدة هذا المذهب في فرنسا التي ترى أن الإبداع الأدبي لن يتحقق إلا بالتمرس على الأدب اليوناني القديم .
غير أن تأثير هده الجماعة في الأدب لم يظهر إلا في القرن السادس عشر بتدعيم من الفلسفة الديكارتية .
.وهكذا فالأدب عند الكلاسيكيين هو الذي يعكس الحقيقة المطلقة التي لا تتغير بتغير المكان والزمان .و في ظل الكلاسيكية راج الشعر المسرحي و ضعف الشعر الغنائي وانمحت الذاتية تحت سلطة المجتمع الأرستقراطي .
-أقطاب هدا المذهب في فرنسا هم (*موليير و*كور ناي و*راسين). الذين اهتموا بالأدب التمثيلي وتشددوا في الأخذ بقانون الوحدات الثلاث .وقلدوا الأدب اليوناني فمثلوا في المأساة حياة الملوك والنبلاء وفي الملهاة حياة الغوغاء من الناس .
–تأثيرها على الأدب العربي. انحصر تأثيرها في الشعر المسرحي .عندما احتك الأدباء العرب بالمسرح الفرنسي الكلاسيكي عن طريق الترجمة .
ظهر اثر الكلاسيكية بوضوح في مسرحيات احمد شوقي الذي استفاد من إقامته بفرنسا فاطلع على ا لمسرح الكلاسيكي فكتب مسرحيات شعرية منها {*مصرع كليوباترة.*.مجنون ليلى*..قمبيز}حيث اقتنى بعض عناصر المذهب الكلاسيكي منها:1-الصراع بين الهوى والواجب الذي نلمسه في مصرع كليوباترة.2استخدام اللغة الراقية.3-استمداد موضوعا ته التاريخ القديم .
حاول احمد شوقي أن يوفر قدرا من الموضوعية لشخصياته إلا أن الحظ جانبه في كثير من الأحيان فكان الشعر يأتي على لسان بعض شخصياته غنائيا لا موضوعيا وهذا جلي في مجنون ليلى.-كما لم يهتم بقانون الوحدات الثلاث .
المذهب الرومانسي وأثره في الأدب العربي وتسمى الإبداعية أو الابتداعية
بدا هذا المذهب يتصدر الحياة الأدبية في اروبا أواخر القرن الثامن عشر وبلغ أوج ازدهاره في النصف الثاني من القرن التاسع عشر .كان ثائرا على الكلاسيكية لإغراقها في الصنعة ومغالاتها في تعظيم العقل وإمعانها في السير على خطط القدماء .
من ر واد المذهب في انجلترا {شكسبير}في القرن السابع عشر وهو أول من نسج خيوط الرومانسية في مسرحياته التي حلل فيها النفس البشرية{مثل .مسرحية* تاجر البندقية }ثم تجسدت في أعمال الشاعرين {وردزورث وكلوريدج .كما تجسدت في آثار وليام بليك وتوماس جراي }
- ومن أعلامه في ألمانيا {غوته وتشيلر } أما العوامل التي ساعدت على نشوء الرومانسية في فرنسا ** هي حالة التمزق والتغني بالفردية بسبب الأحوال السياسية والاجتماعية والاقتصادية اثر قيام الثورة الفرنسية وعودة الكثير من أدبائها من المنفى.
-أما في فرنسا فقد مهد للرومانسية عدد من الأدباء منهم ..{الفيلسوف جان جاك روسو. و شاطوبرييان .و لامرتين .وفكتور هيجو}الذي تأثر بشكسبير* من خلال ترجمته وتحليله لمسرحياته.وهو أب الرومانسية حيث حلل قيم المذهب الرومانسي في مقدمة مسرحيته* كرومويل والتي تعد دستور الأدب الرومانسي
*ما يميز فلسفة الرومانسية //
–قيامها على العاطفة – وهي نابعة من القلب.فهو الملهم الهادي .-وهو موطن الضمير الذي يميز بين الخير والشر عن طريق الإحساس والذوق الموصل للإحساس بالجمال .
- والأديب عندهم يبدع انطلاقا من ذاتيته الخاصة يتغنى بمشاعره وخواطره مهما كانت درجتها وضيعة أم عظيمة -
-والمجتمع الرومانسي مثالي لا اثر فيه للطبقية أو الظلم والطغيان ..فإذا كانت غاية الكلاسيكية تربية المجتمع عن طريق تلقين الفضائل الدينية والاجتماعية .فان الرومانسية تهدف إلى نشر العدل والتحرر الفكري والسياسي حتى تنال الطبقات الدنيا والوسطى حقوقها .*
-أدب الرومانتكيين ثائر على أصول الكلاسيكية وقواعدها وعلى كل ما يمت بصلة إلى الآداب اليونانية .لذا يمكن أن نحصر ملامح هذا المذهب فيما يلي :
- الأدب وسيلة للتعبير عن الذات ودعوة لتحرر الإنسان من القيود القديمة .
-التعبير عن الشكوى والقلق والتشاؤم ولهذا كثيرا ما يلجا الرومانسيون إلى تصوير مشاعرهم ممزوجة بالطبيعة فهي الملاذ والأنيس والمتنفس والمحاور .
—محاربة نظرية المحاكاة. إذ الأدب عندهم خلقوإبداع عن طريق الخيال الجانح والعاطفة المتأججة .
–اهتموا بالمضمونوالأفكار أكثر من الأسلوب .
-دعوا إلى التحرر من قيود الشكل والتركيز على الفطرة والسليقة وفي ظل الرومانسية ازدهر الشعرالغنائي
اثر الرومانسية الغربية في الأدب العربي .-وجد الأدباء العرب في هذا المذهب الذي يتميز بالثورة على كل أشكال الظلم والحرمان متنفسا يعبرون من خلاله عما يجيش في صدورهم من ضيق وعن آمال شعوبهم في الحرية والعيش الكريم والعدل والمساواة.وقد ظهر هذا التأثر في شكل كتابين نقديين هما: الغربال لميخائيل نعيمة والديوان الذي ألفه العقاد بمعية المازني وفي ظل الرومانسية نشأت تنظيما ت أدبية أهمها:
1-الرابطة القلمية أو جماعة المهجر .
**تأسست سنة 1920م بزعامة جبران خليل جبران تضم ابرز أدباء المهجر مثل نسيب عريضة .إيليا أبي ماضي وميخائيل نعيمة الذي وضع كتابا سماه الغربال سنة 1913م وهو عبارة عن مجموعة من المقالات تتضمن الأسس النقدية الهامة التي اعتمد عليها الشعراء الرومانسيون .عالج المهجريون مواضيع شتى من حزن وألم وقلق. والشوق إلى الأهل والأوطان وذكر الطبيعة والاندماج فيها وتعمقوا في خبايا النفس البشرية . وكان للأدب المهجري اثر عميق في رقي الأدب العربي . شكلا ومضمونا .
- -2-مدرسة الديوان :
تأسست في 1921م يمثلها عبد الرحمن شكري عباس محمود العقاد وعبدا لقادر المازني وقد ساعدهم على تطوير الحركة الأدبية والشعرية خاصة -1-الإطلاع الواسع على أغوار التراث العربي الأصيل . – 2-الإطلاع الواسع على الآداب الغربية والشعر الانجليزي خاصة .ثار هؤلاء على الشعر الكلاسيكي عند القدماء والمحدثين بزعامة احمد شوقي. تجسد هذا الاتجاه في ديوان شكري {ضوءالفجر } وقد اصطبغ شعره برومانسية حزينة عبرت بصدق عن آلام المجتمع المصري أثناء الاحتلال. وضمن هذا المنهج النقدي اتجه العقاد والمازني في دعوتهما إلى التجديد فنقد المازني نقدا لاذعا المدرسة *الاتباعية *وسخر من شعرائها وازدرى معانيهم المسروقة وخصص بالنقد حافظ إبراهيم وشوقي عندما أصدر كتابا سنة 1915 فيه مقارنة بين شعر حافظ وشعر شكري . بين أن شعر شكري صادق يعبر بصدق عما يدور في نفس صاحبه ويتحسس آمال النفس وآلامها. أما العقاد فقد انطلق في حملته النقدية سنة 1921عندما أصدر كتاب *الديوان* مع المازني وكانت السهام موجهة نحو شوقي .
3-جماعة ابلو: تأسست في سبتمبر 1932م بفكرة من الشاعر احمدزكيأبوشادي والذي اخرج لها مجلة تحمل نفس الاسم وقد ترأسها احمدشوقي للكن المنية اختطفته بعد أيام معدودات فخلفه الشاعر اللبناني خليل مطران. ضمت نخبة من الشعراء من أقطار مختلفة منهم : إبراهيم ناجي وعلي محمود طه أبوالقاسم الشابي والتجاني يوسف واحمد الشامي ..ورغم افتقار الجماعة لتخطيط فني واختلاف نزعاتها إلا انه غلب غليها الاتجاه الرومانسي . –وقد تميز الأدب العربي الرومانسي بما يلي : --الصدق – سيطرة الذاتية – الاهتمام بالنفس الإنسانية –تمجيد الألم الذاتي والإنساني – اللجوء إلى الطبيعة التي منحت أشعارهم جدة وابتكارا –الدعوة إلى الخير والحق والجمال ---هذا من ناحية المحتوى
.أما من الناحية الفنية فقد تميز إنتاجهم الشعري بما يلي : --تجديد وتنويع أساليب التعبير—رقة الألفاظ ووضوحها وعذوبتها .—تجنب التراكيب القديمة .فجاءت لغتهم مأنوسة مألوفة قريبة من لغة التخاطب .—إبداع الصور الفنية الجديدة شحنها بالعواطف الحارة –الاهتمام بالموسيقى الداخلية الناجمة عن انسجام الألفاظ ودقة الصياغة -- مع اختيار الموسيقى الخارجية التي تنسجم مع المضمون ..
3–المذهب الواقعي وأثره في الأدب العربي : نشأت الواقعية الغربية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر م متأثرة بالنهضة العلمية والفلسفة العقلانية ونتيجة للمبالغات الخيالية والعاطفية التي انغمست فيها الرومانسية .تدعو الواقعية إلى الإبداع الأدبي بتصوير الأشياء الخارجة عن نطاق الذات .والثورة على شرور الحياة والكاتب الواقعي يأخذ مادة تجاربه من مشكلات العصر الاجتماعية وشخصياته من الطبقة الوسطى أو طبقة العمال .وغاية الواقعين أن يصبح الإنسان سيد الطبيعة في مجتمع عادل ومن ثم كان الأديب الواقعي أكثر أمانة في تصوير بيئته .
– ولما كانت الرومانسية تحمل في حد ذاتها بذور الواقعية ليس غريبا أن تقوم الواقعية لا على أنقاض الرومانسية أو كمذهب مناوئي لها بل كتيار يسير جنبا إلى جنب معها . –رغم الموضوعية التي دعا إليها الواقعيون فقد اتسم أدبهم بطابع تشاؤمي ولعل ذلك راجع إلى المبالغة في تشخيص الآفات الاجتماعية فهم ينظرون إلى الواقع بمنظار اسود . فالخير ما هو إلا بريق زائف فالشجاعة برأيهم يأس من الحياة وضرورة لابد منها و الكرم مباهاة والمجد تكالب على الحياة .
فالواقعية على هذا الأساس هي انعكاس للواقع الخارجي في نفس الأديب أو هي صورة للواقع ممزوجة بنفس الأديب وقدراته .
ولهذا يمكن إجمال خصائصها فيما يلي //
-قيامها على أساس الفلسفة الوضعية والتجريبية .
- الدعوة إلى الموضوعية في الإبداع الأدبي عكس الرومانسية .
تصوير ما تعانيه الطبقة الدنيا من حيف وتشخيص الآفات الاجتماعية مما جعل أدبهم يتسم بطابع تشاؤمي .
- تركز إنتاجهم على القصة والمسرحية .
-ويعد *بلزاك*الرائد الأول للواقعية في فرنسا إذ خلف موسوعة في الأدب الواقعي تشمل نحو مائة وخمسين قصة 150 أطلق عليها في أواخر أيامه *الكوميديا البشرية * و الفرنسي فلوبيرصاحب رواية* مدام بوفاري * التي صور فيها عصره بجميع مشكلاته .
–وفي انجلترا مثل هذا الاتجاه *شريدان و* شاكري *وتشارلز دي كنز * الذي قدم وصفا صادقا للمجتمع الإنجليزي في رواياته *صحائف بكويك*و*دافيد كوبر فيلد * و*دمني وولده - - ويميز النقاد بين الواقعية1-—الواقعية الانتقادية أو الواقعية الاروبية المتشائمة يمثلها من ذكرنا سابقا.
2–الواقعية الطبيعية *
.. واصل التيار الواقعي عند الغربيين تطوره حتى انتهى إلى الواقعية الطبيعية . ويعد* إميل زولا * رائد هذا المذهب بدون منازع . فالإنسان عندهم مقيد مجبر على إتباع غدده. والأدب عبارة عن تحاليل مخبرية فالإنسان يرث عناصر الجريمة .
-3-الواقعية الاشتراكية. *
وقد ظهر تيار آخر للواقعية أطلق النقاد عليها اسم الواقعية الجديدة * تمييزا عن واقعية الغرب المتشائمة . والواقعية الجديدة تصور واقعا جديدا لذا قيل عنها أنها واقعية التفاؤل والاستبشار . وهي حصيلة النظرة الماركسية للأدب والفن وهي حصيلة التجربة المعاصرة لكتاب الاتحاد السوفيتي وقد التزموا بأهداف الطبقة العاملة و النضال في سبيل تحقيق الاشتراكية . من روادها تشيكوف*وتوليستوي *ومكسيم جوركي*في قصة* الأم *
-اثر الواقعية في الأدب العربي الحديث .
.إن الأدب العربي الحديث في اتجاهه الواقعي لم يترسم خطى الواقعية الغربية بنظرتها المتشائمة ورفضها للحياة . بل نهج نهجا خاصا استوحاه من الواقع العربي بمشكلاته الاجتماعية وقضاياه السياسية. فابرز الأدباء عيوب المجتمع وصوروا مظاهر الحرمان والبؤس قصد الإصلاح .فكتب طه حسين* المعذبون في الأرض * وكتب توفيق الحكيم حماري قال لي * ويوسف إدريس رواية الحرام * وعبد الرحمان الشرقاوي رواية* الأرض .* ....وتبرز الواقعية في الأدب الجزائري عند مولود فرعون في روايته ابن الفقير *وفي أدب محمد الديب في *الحريق * ويعد محمود تيمور الواقعي الأول في الأدب العربي متأثرا بالكاتب الفرنسي جي دي موباسان* فقد دعا في مقدمة كتابه الشيخ جمعة وقصص أخرى *إلى الأخذ بالمذهب الواقعي في التأليف القصصي .
– مذاهب أدبية أخرى..بالإضافة إلى المذاهب السابقة الذكر هناك مذاهب أدبية أخرى اقل رواجا منها :
المدرسة البر ناسية*
أو مدرسة الفن للفن*والبرناس اسم جبل جعله الإغريق القدماء رمزا للشعر ظهرت في فرنسا في منتصف القرن التاسع عشر يتزعمهاا لكونت دي ليل * . وهي ترى أن الأدب غاية في حد ذاته وليس وسيلة. لم يلق المذهب رواجا عند أدبائنا العرب لأنهم اهتموا بمعالجة قضايا الأمة والوطن .
–المدرسة السريالية *ظهرت في فرنسا متأثرة بالتحليل النفسي ونظريات فرويد فجاء أدبهم كأنه هذيان محموم فلم يعش المذهب طويلا ولم تكن له أصداء خارج فرنسا فهو ولد وقبر فيها .
–*المدرسة الرمزية *.
ظهرت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر . والأديب الرمزي لا يسعى إلى نقل المعاني والصور وإنما يعمل على نشر العدوى الفنية ونقل الحالات النفسية المستترة التي لا تقوى على أدائها اللغة في دلالاتها الوضعية . من زعماء الرمزية في اروبا ::*بود لير *و آرثر رامبو *وادجار ألان بو *الشاعر القصصي الأمريكي .
*–اثر المذهب الرمزي في الأدب العربي * :
أوجد هذا المذهب لنفسه مجالا واسعا بين شعراء العربية في العصر الحديث انطلاقا من لبنان ويعد الشاعر اللبناني سعيد عقل أعظم ممثل للمذهب الرمزي في الأدب العربي بالإضافة إلى جورج صبيح وإيليا أبي ماضي وغيرهم من شعراء المهجر . –خلاصة القول إن الأدب العربي باطلاعه على هذه المذاهب ازداد تفتحا على العالم الخارجي واكتسب أبعادا إنسانية ونتيجة لذلك توج بجائزة نوبل في الأدب التي تحصل عليها نجيب محفوظ .والتأثر بهذه المذاهب لم يكن تقليدا أعمى للغرب بل اخذ الأدباء فقط ما يتلاءم مع أفكارنا وأسلوب حياتنا فالطعام الذي تحسن الأضراس مضغه وتتقن المعدة هضمه يتحول إلى شيء مفيد يساهم في نمو الجسم وحمايته من الأسقام .
الى لقاء قريب مع موضوع جديد ان شاء الله
رد مع اقتباس
goleaaicha
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى goleaaicha
البحث عن المشاركات التي كتبها goleaaicha
قديم 02-02-2007, 03:37 PM رقم المشاركة : 2
goleaaicha
مشرف
الصورة الرمزية goleaaicha
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
goleaaicha غير متصل
goleaaicha is on a distinguished road
افتراضي المقال الثاني * تطور فن المقال وخصائصه *
بسم الله الرحمن الرحيم
نظرا لان المنهاج قد مضى منه شوط كبير رايت ان اقدم عدة مقالات لتكون تحت تصرف الطالب وقت الامتحانات ...
- --تنوعت فنون النثر العربي في العصر الحديث.من قصة إلى مسرحية إلى مقالة تتصدر صفحات الجرائد لتصل إلى كل قارئي فترقى بمداركه وتوسع ثقافته وتحلق به في عوالم المجهول والمستور. –المقال لغة: مأخوذ من القول..
-اصطلاحا:بحث قصير في العلم أو الأدب أو السياسة أو الاجتماع...تتناول جانبا من جوانب موضوع ما. يقدم للقارىء بطريقة مشوقة. –والمقال يتسع لكل شيء في الوجود من تعبير عن عاطفة أو رغبة أو فكرة في أسلوب شيق منظم. وتتنوع المقلات وتختلف تبعا لاختلاف مادتها وموضوعاتها فمنها السياسية والاجتماعية والأدبية والنقدية والعلمية...وهلم جرا. – أما أسباب انتشار المقال بشكل واسع في العصر الحديث فنجملها فيما يلي: 1- ظهور الطباعة والصحافة وتنوع الجرائد والمجلات. 2- تشعب المشاكل الاجتماعية والسياسية بسبب الاستعمار والاستبداد -3- ظهور أدباء ومصلحين اخذوا على عاتقهم مسؤولية توعية الناس وإرشادهم. 4- نشاط الحركة الأدبية والنقدية بين أدباء العصر الحديث مما أدى إلى ظهور ردود قصيرة على ما ينشر في المجلات و الجرائد... –المقال بالمعنى الاصطلاحي مرتبط بظهور الصحافة لم يظهر في أدبنا العربي إلا في العصر الحديث مع أولى الصحف العربية *الوقائع المصرية *1828م ولتأكد من صحة هذا القول سنتصفح تاريخ أجيالنا لمعرفة إن وجد لدينا مقال في العصور الماضية وهل توفرت فيه شروط المقال الحديث ؟ -في العصر العباسي: هناك بعض الفنون النثرية التي تشبه فن المقال فما كتبه الجاحظ في ** المحاسن والأضداد**و *البخلاء **و *البيان والتبيين * وما كتبه ابن المقفع في *الأدب الكبير والأدب الصغير * وما كتبه عبد الحميد حول* الكتاب *والشطرنج **. كلها تعد مقالات تنقصها شروط المقال الحديث. لان القدماء اغرموا بالطول والاستطراد والاهتمام بالجانب اللغوي... –أما في القرن الرابع للهجرة فقد خطا هذا الفن خطوات مذمومة نحو التكلف والتصنع حيث كثرت الزخارف والمحسنات والتعابير الركيكة.فأصبح أسلوبه متحجرا مما جعل النقاد يبعدونه عن المقال الحديث. – في العصر الحديث: لم يتطور فن المقال ويصل إلى ما هو عليه إلا بعد أن مر بمراحل: -1- المرحلة الأولى ""يمثلها كتاب الصحف الرسمية **الوقائع المصرية ** وادي النيل ** رفاعة رافع الطهطاوي. و ميخائيل عبد السيد. وكانت أساليب مقالاتهم اقرب إلى أساليب عصر الضعف حافلة بالسجع والزخرف اللفظي. ركزوا فيها على الأحوال الاجتماعية والسياسية.. -2- المرحلة الثانية : عكست مقالات هذه المرحلة اهتمامات الجماهير بمختلف فئاتها بتأثير من حركة الإصلاح التي قادها *جمال الدين الأفغاني * و *محمد عبده * وبعد هما *ابن باديس والبشير الإبراهيمي ** . حيث بدأت المقالات تتخلص تدريجيا من قيود السجع والصنعة اللفظية وتعطي للأسلوب صبغة يفهمها الجميع. -3- المرحلة الثالثة : ظهرت طلائع المدرسة الصحفية الحديثة التي نشأت في ظل الاحتلال الأوربي وتأثرت بالنزعات الحزبية يمثل هذه المرحلة **الرافعي * و الكواكبي *طه حسين *العقاد * وغيرهم ممن قادوا الحركة الأدبية والفكرية والاجتماعية . وهنا تحررت المقالة من قيود الصنعة فصارت حرة طليقة سهلة تهتم بالمعنى دون أن تهمل المبنى... -4- المرحلة الرابعة : يمثلها أدباء اخذوا بحظ وافر من الثقافة الغربية في فترة استقام فيها أسلوب التعبير العربي . فنزعت المقالة إلى التحرر من كل قيد وتوخي المعاني الدقيقة والعبارات السهلة حسب مقتضيات الموضوع يمثل هذه الفترة أدباء المهجر *جبران* و *ميخائيل نعيمة * ثم العقاد* وطه حسين * والزيات* ومي زيادة *وهي فترة كثرت فيها الصحافة التي تبارى على صفحاتها عمالقة الأدب وتركوا بصماتهم على الحياة الأدبية والفكرية معا. –أما في الجزائر فقد ظهر المقال قبيل الحرب العالمية الأولى وعرف ازدهارا بين الحربين على يد رجال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين **ابن باديس *الإبراهيمي *العربي تبسي* مبارك الميلي * واحمد سحنون * والآن عزيزي الطالب سنتعرف على خصائص المقالات و أهم أنواعها لعلك تدلو بدلوك في هذا الميدان يوما ما. – المقالة: فن من فنون التعبير النثري الحديث كثر استعماله في عصرنا الحاضر وهي من ثمرات الاتصال بالغرب وهي مرتبطة بازدهار وسائل الإعلام كالصحف والمجلات. – وقد تناولت المقالة العربية الحديثة كل ما له صلة بالجوانب الأدبية والاجتماعية والسياسية والعلمية والنقدية وخير دليل على ذلك ما ينشر في المجلات والصحف** الخبر **الشروق **الفجر *الوطن * المساء *. – تنقسم المقالة إلى ثلاثة عناصر هي: 1- التمهيد * وفيه يوجز الكاتب عناصر موضوعه. -2- العرض *يتناول فيه العناصر بالتفصيل. 3- الخاتمة* وفيها ينتهي الكاتب إلى النتيجة التي يريد الوصول إليها وتتميز المقالة على العموم بصغر الحجم. ووحدة الموضوع.وسهولة الأسلوب. واحتوائها على مقدمة عرض وخاتمة. –اشهر أنواع المقالات: 1- المقالة الأدبية: يلجا الكتاب في هذا النوع من المقالات إلى أسلوب خاص يصورون فيه مشاعرهم وانفعالاتهم نحو الأحداث والأشياء ولكل أديب وجهة نظر فيما يحدث حوله يتناول الحديث عنها لا لغرض سياسي أو اجتماعي وإنما من اجل إبراز قيم جمالية وفنية دون مراعاة للموضوعية أو مطابقة الواقع . تمتاز ب..**استعمال أسلوب الإطناب. *استخدام الخيال المولد للصور المعبرة عن العاطفة. *استخدام العبارات الجزلة والألفاظ المعبرة الموحية . *عمق الأفكار ووضوحها. * سلامة اللغة وصحتها. –المقالة النقدية * ترتبط بالأدب فتحلله وتقومه فتذكر ما فيه من ايجابيات وسلبيات تتناول ديوان شعر أو قصة أو قصيدة أو أي عمل أدبي آخر. وللمقالة النقدية جانبان: احدهما موضوعي وهذا عندما يستخدم الناقد عرض نظرية نقدية. والآخر ذاتي عندما يصدر عن الناقد انطباع خاص عن الأديب. –المقالة السياسية: دعت إليها ظروف الوطن العربي وما يعانيه من حيف وجور واستعمار وبالتالي ظهور الحركات التحررية التي دافعت عن الشعوب ا لمضطهدة من روادها الكواكبي. امتازت * بالبعد عن التكلف *سهولة الألفاظ ووضوح الأفكار *ذكر البراهين والحجج. –المقالة الاجتماعية: تنوعت مشاكل الأمة العربية من التأخر الاقتصادي والخلقي والمعنوي إلى مشاكل الفقر والبطالة والأسرة والمرأة والشباب... وامتازت * بجلاء الفكرة * وبساطة التعبير.* من روادها الرافعي’ البشير الإبراهيمي. -المقالة العلمية: تعالج مختلف شؤون العلم من كتابها احمد زكي واحمد أمين. – *تعتمد على الوضوح والمنطق * تبتعد عن الخيال والعواطف.* تعتمد على المصطلحات العلمية والأرقام.* مما سبق نخلص إلى النقاط التالية:المقال مرتبط بظهور الصحافة. وبالتالي فهو فن مستحدث عند العرب. ومن عوامل ازدهاره اهتمام الأدباء والمفكرين. وانتشار الطباعة والصحافة المتنوعة. والمقالة أنواع * أدبية* نقدية *علمية *اجتماعية...الخ. لكل نوع خصائصه التي تميزه عن غيره. ولها خصائص مشتركة * مقدمة* عرض* وخاتمة * قصر الحجم* السهولة* والوضوح.
بالتوفيق ان شاء الله
رد مع اقتباس
goleaaicha
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى goleaaicha
البحث عن المشاركات التي كتبها goleaaicha
قديم 02-02-2007, 03:52 PM رقم المشاركة : 3
goleaaicha
مشرف
الصورة الرمزية goleaaicha
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
goleaaicha غير متصل
goleaaicha is on a distinguished road
افتراضي تطور فن التراجم والسير وخصائصهما
بسم الله الذي وهبنا نعم كثيرة ابرزها العقل
المقال الثالث
تطور التراجم والسير
يبدو الأدب العربي بتنوع فنونهمن رسالة إلى مقالة إلى قصة أو مسرحية مثل حديقة غناء توزعت على بساطها الأخضر الجميل ورود وأزهار عطرة تضفي على المكان بهجة وخيالا . من بين الفنون التي عطرت ساحة الأدب العربي : التراجم والسير –
الترجمة : فن من الفنون الأدبية التي تتناول التعريف بحياة علم من الأعلام له باع ( شهرة ) في مجال العلم أو الأدب والسياسة ... وذلك بذكر اسمه وكنيته ومولده ونسبه وتعلمه وعوامل نبوغه واهم أعماله ومواقفه ثم وفاته وآثاره .
–أما السيرة فهي : عبارة عن ترجمة مطولة لا تختلف عنها إلا بسبب إمعانها في الطول . مثل سيرة الرسول( صلى الله عليه وسلم ) لابن هشام .
–من المعلوم أن فن التراجم والسير فن عالمي معروف في جميع ثقافات العالم . وللعرب فيه إسهام كبير فقد اغرم العرب قديما بمعرفة الأنساب وتتبع أخبار الوجهاء والعظماء والملوك. فقد نشا عندهم بفضل الحاجة وليس بفعل التأثر بالأمم الأخرى فتوسع رقعة الدولة الإسلامية والنهضة العلمية والأدبية مست جميع النواحي الفكرية كان لزاما على الأمة العربية أن تأرخ لأمجادها ومآثرها مما جعل الكتاب يهتمون بالسير والتراجم التي تسجل حيوات أعلام الأمة وانصب اهتمامهم الأول على الدين الجديد بكل ما يحيط به من أحداث وأشخاص .
لا عجب في أن تستقطب الرسالة الخاتمة اهتمام العلماء فتصدى بعضهم لتفسير القران الكريم وبعضهم لاستنباط أصول الفقه وآخرون لرواية الحديث وبعضهم لمعرفة رواته أما فئة من العلماء فقد عكفت على تتبع حياة الرسول( صلى الله عليه وسلم ) وكانت أول سيرة هي سيرة عبد الملك بن هشام التوفي سنة 213ه المسماة ( بسيرة الرسول ) ثم تلتها سيرة ابن سعد المسماة (الطبقات الكبرى ) وفي القرن الثالث الهجري ألف احد بن الداية سيرة (احمد بن طولون ) . وفي مطلع القرن الخامس الهجري صنف أبو النصر العتبي المتوفى سنة 420ه كتابا في سيرة السلطان محمود الغز نوي الذي نشر راية الإسلام في الهند سماه ( اليميني ) وفي القرن السادس الهجري وضع ابن الجوزي سير عدة عظماء مثل: عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز .واحمد بن حنبل . –وقد فاق اهتمام العرب بهذا الفن غيرهم من الأمم الأخرى . فقد ألفوا عن الشعراء والأدباء والفقهاء والمفسرين والمحدثين والقضاة والنحاة والفلاسفة والأطباء . فكتب ابن قتيبة *الشعر والشعراء * ترجم فيه لنحو 206 شاعر ممن يعرفهم جل أهل الأدب ويقع الاحتجاج بأشعارهم في النحو وغيره. وكتاب* طبقات فحول الشعراء * لابن سلام الجمحي وكتاب * الأغاني *للاصفهاني و*يتيمة الدهر* للثعالبي و*صبح الأعشى* للقلقشندى . - - تختلف التراجم من حيث الطول والقصر الأسباب منها : ثقافة المترجم. وأهمية المترجم له وغزارة المادة المتصلة به . ف* ياقوت الحموي * ترجم في كتابه *معجم الأدباء *لحياة أسامة بن منقذ الأمير المجاهد في ستين صفحة وترجم للبعض الآخر في اسطر معدودة .
– وقد دعا السخاوي في كتابه *الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ *إلى تحري الموضوعية والبعد عن الهوى والتزام العدل والإنصاف .كما ألفوا في تاريخ وفيات الأعيان والمشاهير مثل *وفيات الأعيان* لابن خلكان . وهذه التراجم لا تسير على نمط واحد فلكل مؤلف طريقته . واغلبهم رتب الأعلام حسب حروف المعجم .ازدهرت التراجم والسير من القرن الثاني إلى القرن العاشر الهجري .ثم عرفت مرحلة من الركود في عصر الضعف .
– وكانت السير والتراجم القديمة تفتقر إلى منهجية دقيقة لكنها تتوفر على أهم شروط الكتابة التاريخية .مثل التزام الموضوعية في نقل الأخبار . والتقيد بالحقيقة تقيدا صارما. والبعد عن الهوى .ومعارضة الروايات بعضها ببعض .وقد كان كتاب التراجم والسير في بادىء الأمر يذكرون أسانيد إخبارهم ومصادرها وفيما بعد أسقطوها مراعاة للاختصار ووصلا لحوادث التاريخ . –في العصر الحديث
ومع نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ظهرت طائفة من الأدباء الأفذاذ حملت على عاتقها تطوير هذا الفن خاصة عندما وقع الاحتكاك مع الغرب وحدثت ثورة شاملة في شتى العلوم والفنون .فأخرجوه من دهاليز الانحطاط إلى نور الحداثة والتطور .فأصبح فنا راقيا يتجاوب وأذواق الناس ليس مجرد نقل للأخبار في غير تبويب ولا تنسيق .
في هذا العصر عادت التراجم والسير القديمة تعرض من جديد في أشكال أنيقة مناسبة للعصر .حيث عمد الأدباء إلى تحليل نفسيات العظماء والأعلام بحثا عن جوانب العظمة فيها بالاستعانة بعلم النفس وعلم الاجتماع . والتزام التسلسل التاريخي . وعرض الأخبار المتناقضة على التمحيص العلمي والمنطق . مالت اللغة إلى السهولة والوضوح ولم تعد صعبة مستغلقة . وعادت السير والتراجم القديمة تبعث من جديد في حلل جديدة وأطباق شهية محللة وفق ما توصلت إليه العلوم الحديثة لتسليط الضوء على الجوانب الخفية من حياة المترجم له . كما فعل *المازني *في كتابه* حصاد الهشيم *عندما حلل شخصية ابن الرومي والمتنبي وفق آخر نظريات علم النفس . وقد تجسد هذا الاتجاه في السير المؤلفة في الثلث الثاني من القرن العشرين حيث كتب العقاد *عبقرية محمد*(ّ ص) وعبقرية عمر بن الخطاب وعبقرية خالد بن الوليد وكتب طه حسين* على هامش السيرة *ومرآة الإسلام * الفتنة الكبرى * حيث استمدوا حقائق التاريخ من المصادر القديمة والمراجع العتيقة .ونوعوا في عرض بضائعهم وبينوا اثر البيئة في هذه الشخصيات وتأثيرها فيما يحيط بها . كما كتب ابن باديس * عبادة بن الصامت * وأبو ذر الغفاري *وهند بنت عتبة *
بالإضافة إلى التراجم الغيرية فقد كتب بعض الأدباء تراجمهم الذاتية مثل احمد أمين في كتابه *حيلتي * وطه حسين في *الأيام *والعقاد في الكتاب الذي سماه *أنا *وكان للعرب قديما محاولات في الترجمة الذاتية إذ كتب عبد الرحمن بن خلدون ترجمة موجزة لحياته في آخر فصل من كتابه المقدمة .
– خصائص الترجمة والسيرة .
1 إيراد الأحداث وفق التسلسل الزمني الاعتماد على المصادر القديمة . 2 نقد الأخبار بعرضها على العقل . 3 عرض الروايات المختلفة إن وجدت . 4 الاعتماد على التحليل النفسي لتفسير المواقف والتصرفات . 5 وبط تصرفات الأشخاص بمحيطهم الاجتماعي والسياسي .6 اعتماد الأسلوب القصصي مثل طه حسين . مع تحري الموضوعية وتغليب العقل على العاطفة . –انتشار التراجم والسير لدى امة من الأمم دليل على اهتمامها بتاريخها وأمجادها وبرهان على تمسكها باصالتها ورغبتها في بناء مستقبلها دون التنازل عن شخصيتها التي انصهرت عبر العصور .* من أرخ لمؤمن كأنما أحياه * وما غزارة إنتاجنا في التراجم والسير إلا دليل على روح التحدي والصمود عند امتنا العربية رغم الداء والأعداء ومحاولات التضليل والغزو الفكري .
الى لقاء قريب ان شاء الله وبالتوفيق
رد مع اقتباس
goleaaicha
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى goleaaicha
البحث عن المشاركات التي كتبها goleaaicha
قديم 02-02-2007, 04:15 PM رقم المشاركة : 4
goleaaicha
مشرف
الصورة الرمزية goleaaicha
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
goleaaicha غير متصل
goleaaicha is on a distinguished road
افتراضي
بسم الله والصلاة على محمد رسول الله
المقال الرابـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع
تطور الفن القصصي واهم خصائصه
مقال حول القصة
(الفن القصصي باب لم يفتح على مصراعيه في الأدب العربي إلا في العصر الحديث ’ وذلك بعد إطلاع الأدباء العرب على الآداب الغربية)
المطلوب:
حلل هذا القول وناقشه ’ مبينا الأطوار التي مرت بها القصة العربية واهم خصائصها مع ذكر أهم أعلامها في أدبنا العربي.
التـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ حرير
في ليلة صيف حار رحت أصغي لزخات المطر وهي تبدد سكون الليل وكنت أقرا مقالا عن القصة العربية وعوامل ظهورها. فعادت بي الذاكرة إلى قصص جدتي حين كنا نجتمع حولها نصغي بلهفة لما ترويه عن الأشباح وابن السلطان وعن السحرة والمردة... وحينئذ قلت في نفسي:
القصة بمفهومها البسيط سرد حكاية في أسلوب مشوق عرفها العرب منذ القديم إذ كان يرويها الآباء للأبناء في الحل والترحال وتحت قباب الخيام كسيرة عنترة وألف ليلة وليلة. كما عرف العصر العباسي بعض الفنون الأدبية القريبة من القصة كمقامات بديع الزمان وبخلاء الجاحظ وكليلة ودمنة لابن المقفع وحي بن يقظان لابن
طفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــيل.
لكن النقاد في العصر الحديث يعتقدون أن القصص الفني بشروطه الحديثة لم يعرفه العرب إلا في مطلع العصر الحديث.
بعد احتكاكهم بالغرب.فهم يعتبرون القصص العربية القديمة لا تصور الواقع ولا تعالج مشاكل الإنسان في واقعه اليومي. بالإضافة إلى اهتمامها المبالغ فيه بالخيال والتنميق اللفظي. فهي ناقصة من حيث الشروط الفنية التي تميز القصة عن باقي الفنون الأدبية الأخرى.
لذا تأخر ظهور القصة الفنية في أدبنا العربي إلى مطلع العصر الحديث.
وقد لقي هذا الفن إقبالا كبيرا من القراء والأدباء على السواء لعدة أســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــباب:
1-- تأثر الأدباء بهذا الفن بعد إطلاعهم على القصص الغربي بمواضيعه المتنوعة. 2- اهتمام الصحافة بالقصة خاصة في طور الترجمة.
3- مجال القصة أوسع وأرحب للتعبير عن حياة الشعب وتطلعاته.4- القصة اقدر على معالجة المظاهر التاريخية والسياسية والاجتماعية التي تعج بها الحياة العربية في مطلع العصر الحديث. 5- كذلك الدور التثقيفي الهام الذي لعبته القصة في توعية الشعوب وتوجيهها.
ولم تصل القصة العربية إلى مرحلة النضج والكمال وتتوج بجائزة نوبل للآداب إلا بعد أن مرت بالأطوار التالية:
1- مرحلة الترجمة: حيث استطاع بعض الأدباء العرب ممن تثقفوا باللغة الأجنبية ترجمة بعض القصص الغربية ونشرها في المجلات والصحف اليومية. والرائد في هذا المجال هو رفاعة رافع الطهطاوي الذي ترجم مغامرات تلماك للكاتب الفرنسي فنلون. وكان هدفه من ذلك الإصلاح التربوي والسياسي من خلال القصة.
2- مرحلة الاقتباس والمحاكاة: أو مرحلة التهيؤ والاستعداد. وذلك في المحاولات التي قام بها الأدباء في مصر والشام وسائر البلاد العربية منها حديث عيسى بن هشام( للمويلحي ).وليالي سطيح. والبؤساء ( لحافظ إبراهيم )في هذه المرحلة أباح الأدباء لأنفسهم التغيير في القصص الغربي مما شوه النصوص الأصلية. كما انصب اهتمامهم على جودة التعبير والصياغة اللغوية الذي لا يصور الفكرة بدقة ويظهر هذا في ترجمة حافظ إبراهيم للبؤساء والمنفلوطي في العبرات. ومجدولين.
3- مرحلة الإبداع والتأليف: تبدأ بقصة زينب لمحمد حسين هيكل التي نشرت في 1914م ثم تلتها محاولات جادة مثل دعاء الكروان لطه حسين. بداية ونهاية لنجيب محفوظ. وسارة للعقاد. الأرض الشرقاوي غادة أم القرى لرضا حوحو وبحيرة الزيتون لأبي العيد دودو. والأجنحة المتكسرة لجبران خليل جبران والمصير لزهور ونيسي ويوميات نائب في الأرياف لتوفيق الحكيم... وقد تعددت اتجاهات القصة العربية الحديثة فمنها ما يعالج القضايا الاجتماعية ومنها ما يتناول القضايا النفسية ومنها ما يعالج المشاكل الوطنية والقومية وقد تجمع القصة الواحدة بين لونين أو أكثر من هذه الاتجاهات.كقصص نجيب محفوظ* اللص والكلاب * السكرية* قصر الشوق* وبين القصرين*.
وقد توفر لها البناء الفني الذي يميز القصة كجنس أدبي متميز.أهم هذه الخصائص ما يلي:
1- الحادثة هي مجموعة من الوقائع الجزئية تأتي مرتبطة على نحو معين يشترط فيها لن تكون منطقية ومرتبطة بالشخصيات.
2- السرد الأحداث التي تقوم بها شخصيات القصة أو تخضع لها يعرضها الكاتب بلغته وأسلوبه ورغم انه لكل أديب زاده اللغوي وأسلوبه الخاص. فهناك مميزات عامة للغة السرد تتمثل في السهولة والوضوح والخفة وملاءمة المعاني.
3- الحبكة: يقوم الأديب باختيار الأحداث وتنسيقها حيث يهيئ مقدمة تبتدىء منها القصة ثم يحرك الأحداث ويطورها ليجعلها تشتبك وتتأزم ثم يتدرج بها نحو الحل وهذا ما يسمى الحبكة أو التصميم العام لأحداث القصة ويستخدم الكاتب أربع طرق لعرض القصة.
1- طريقة السرد المباشر وفيها يتحدث الكاتب على لسان شخصياته فهو أشبه بالمؤرخ يظهر هذا في قصة الأرض الشرقاوي وهي الطريقة الأكثر شيوعا.
2- الترجمة الذاتية وفيها يتقمص الكاتب شخصية البطل كما في رواية من اجل ولدي لعبد الحليم عبد الله
3- وهناك طريقة حديثة تصور البطل من داخله من خلال أحلامه وذكرياته وهنا يتكسر الزمان والمكان ويجري العمل القصصي بلا منطق عقلي حيث يسود الاشعور الذي يغرق الأحداث في الغموض مثل رواية ثرثرة فوق النيل لنجيب محفوظ.
4- أما الطريقة الرابعة فتتعدد فيها طرائق العرض من سرد وحار مباشر وغير مباشر مثل قصة ذهاب وإياب لصبري موسى.
4- الشخصية: يتعرف القارئ على شخصيات جديدة يشترط فيها أن تكون حية وواقعية حتى تجد من القارئ التعاطف والتأثير.والشخصيات نوعان: جاهزة ونامية *الجاهزة *تتميز بتصرفات ثابتة ومواقف واضحة. أما النامية* فهي التي يتم تكوينها مع تمام القصة.
5- الزمان والمكان:كل حادثة لابد أن تقع في مكان محدد وزمان معين لذا فهي مرتبطة بعادات ومبادئ ذلك الزمان والمكان.
6- الفكرة:القصة تكتب لتقرر فكرة لتنقل خلاصة تأمل أو تجربة شعورية فيصوغ الفكرة في إطار فني جديد ويجسدها في أشخاص وأحداث.
الفن القصصي فن لذيذ يحبه الكبار قبل الصغار فالكاتب عن طريق القصص يستطيع نشر الأفكار والمبادئ والاتجاهات وفي غمرة اللذة الفنية يتقبل هذه التوجيهات ومن هذا المنطلق ساهمت القصص في نشر الوعي بين الجماهير وتوسيع مدارك القراء. فبواسطة القصص نعيش حياة لم نعهدها من قبل قد لا تتوفر لنا في الحياة العادية أبدا. وهدا ما يفسر جلوسنا لساعات طويلة أمام الشاشة لمشاهدة مسلسلات وأفلام تروي قصصا مختلفة.أما بعض القصص فلها تأثير سلبي هدام على القراء لأنها تعالج مواضيع لا أخلاقية تفسد الشباب بدلا من توجيهه نحو الخير والبناء فعلينا اختيار ما نقرا.
*****هذه المقالة وردت السنة الماضية 2006 في بكالوريا الشعبة الادبية
اياك ان تعتقد ان الاسئلة لا تكرر وتترك موضوعا بسبب ذلك ...
رد مع اقتباس
goleaaicha
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى goleaaicha
البحث عن المشاركات التي كتبها goleaaicha
قديم 02-02-2007, 04:43 PM رقم المشاركة : 5
goleaaicha
مشرف
الصورة الرمزية goleaaicha
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
goleaaicha غير متصل
goleaaicha is on a distinguished road
افتراضي
تطور الفن القصصي وخصائصه .
القصة لون من ألوان التعبير الأدبي تمتاز بالطابع الإنساني والحلة الجمالية الأنيقة تعتمد على الوصف والسرد والحوار.
يعرفها محمود تيمور بقوله: ( هي عرض لفكرة مرت بخاطر الكاتب أو تسجيل لصورة تأثرت بها مخيلته أو بسط لعاطفة اختلجت في صدره. فأراد أن يعبر عنها بالكلام ليصل بها إلى أذهان القراء محاولا أن يكون أثرها في نفوسهم مثل أثرها في نفسه. )
ويقسم الفن القصصي من حيث القالب أو المظهر إلى أربعة أقسام: الأقصوصة القصة الرواية والحكاية.
هل عرف أجدادنا الأوائل القصة ؟
وهل توفرت لها الشروط الفنية ؟
لم يخل أدبنا القديم من القصة بمفهومها البسيط ففي الأدب الجاهلي قصص تدور حول أيام العرب وحروبهم يرونها في الحل والترحال وتحت الخيام في ليالي السمر. وفي القران الكريم قصص الأنبياء وأقوامهم. وفي العصر العباسي نقل إلى العربية بعض القصص من الأمم الأجنبية مثل كليلة ودمنة لابن المقفع وألف الجاحظ كتاب البخلاء. وظهر فن المقامات. وكتب المعري رسالة الغفران وابن طفيل حي بن يقظان.
إلا أن ما كتب في هذه الفترة لم تتوفر فيه الشروط الفنية. بسبب الإغراق في الطول والاستطراد. الاهتمام بغريب الألفاظ. والاحتفاء بالصناعة اللفظية. وعدم التعمق في تحليل نفسيات الشخصيات.
في العصر الحديث.
اتصل الأدباء العرب بالغرب فاطلعوا على إنتاجهم القصصي الرفيع فأعجبوا به وانكبوا ينهلون منه انكباب يتيم جائع على مائدة غني كريم. وراحوا يترجمون بعضا ويقلدون بعضا ويقتبسون من بعضها الآخر.
حاول بعض الكتاب العرب إحياء فن المقامة من جديد أمثال اليازجي والمويلحي والشدياق وكتبوا محاولات قصصية جادة عالجت الواقع بنظرات لماحة نافذة. إلا أنها لم تلب حاجات العصر ولم تستوف التعبير عن وجدان الأمة. وهذا يعني أننا أمام نمطين من الفنون القصصية العربية: نمط ابتدعه الأدباء العرب بعيدا عن أي تأثر بغيرهم. ونمط آخر أنتجوه بعد تأثرهم بالفنون القصصية التي ازدهرت في اروبا.
وقد مرت القصة في العصر الحديث بالأطوار التالية:
-1- مرحلةالترجمة:
نتيجة اتصال العرب بالغرب وإطلاعهم على تراثهم الأدبي المتنوع اتجه بعض الكتاب إلى القصة لأنها الأكثر استيعابا لتطلعات واهتمامات الجماهير. وقدرتها على متابعة وتسجيل التغيرات الاجتماعية والسياسية التي كانت تزدحم بها البلاد العربية آنئذ. وكان رائد هؤلاء هو رفاعة رافع الطهطاوي الذي ترجم مغامرات تلماك للكاتب الفرنسي فنلون.
2 مرحلة المحاكاة والاقتباس:
تتجلى أول محاولة في هذا الطور في قصة عيسى بن هشام للمويلحي الذي حاول إدخال مقومات القصة الغربية والمحافظة على أسلوب المقامات وهو نفس النهج الذي انتهجه حافظ إبراهيم في ليالي سطيح.أما المنفلوطي فقد ترجم بتصرف وتغيير حتى يرضي القراء كما في الشاعر. مجدولين.
-3- مرحلة الإبداع:
وفيها أنتج الأدباء قصصا فنيا اعتمادا على إبداعهم وتبدأ بقصة زينب للدكتور محمد حسين هيكل. برغم غلو هذه القصة في الرومانسية وحلولها المفتعلة إلا أنها تعد البداية الفنية الحقيقية للرواية الاجتماعية. ثم ظهر لفيف من الأدباء بقصص جديدة توفر فيها البناء الفني فكتب طه حسين الأيام ودعاء الكروان – وتوفيق الحكيم عصفور من الشرق. ويوميات نائب في الأرياف. ونجيب محفوظ في الثلاثية وجرجي زيدان بقصصه التاريخي في سلسلة روايات تاريخ الإسلام.
أما في الجزائر فقد كتب رضا حوحو غادة أم القرى وكتب محمد ديب ثلاثيته البيت الكبير. الحريق. النول. وكتب مولود معمري العصا والأفيون.
وهكذا تطورت القصة العربية ونضجت واكتملت فنيا وما نيل نجيب محفوظ لجائزة نوبل للآداب إلا دليل على دلك. وقد تنوعت موضوعات القصة العربية الحديثة وتعددت اتجاهاتها فمنها ما هو اجتماعي أو نفسي وآخر تحليلي ومنها ماهو وطني وقومي وقد تجمع القصة الواحدة عدة ألوان وطنية اجتماعية نفسية.
خصائص الفن القصصي. :
1- التمهيد: ( الزمان والمكان ) الزمن قد يمتد لأجيال وأجيال أو يقصر ليشمل فترة وجيزة ففي قصة قرية ظالمة لمحمد كامل حسين الزمن يوم وليلة وهو نفس الزمن في ذهاب وإياب لصبري موسى.
2 - الأحداث: الكاتب الناجح يصنع من الحدث البسيط فنا عميقا راقيا حيث يتعمق في دراسة الأحداث فيرتبها وينسقها في شكل منطقي.
-3- العقدة: وتنجم عن ترتيب الحوادث وهي النقطة التي تتجمع عندها الخيوط فيتعقد الموقف ويتلهف القارىء لمعرفة الحل.
-4- الحل: ويشترط فيه أن يكون منسقا مع الأحداث وقد يكون سعيدا أو حزينا.
-5- الشخصيات: جاهزة ونامية نجاح القصة يعتمد على نجاح الكاتب في تصوير الشخصيات فلابد أن تتطابق مع الأحداث ومع الواقع.
-6- الأسلوب: هو التعبير ووسائله اللغوية فلكل كاتب زاده اللغوي وأسلوبه الذي يميزه عن غيره فأسلوب العقاد يختلف عن أسلوب طه حسين أو احمد أمين.
الفن القصصي محبب إلى القلوب يتلذذ به الكبير قبل الصغير يجعلنا نحس بالراحة والتغيير حيث ندخل المعامع والمغامرات مع القصص البوليسي ونتجول في حدائق غناء مع القصص الرومانسي نتألم مع البؤساء ونبتسم مع السعداء مع القصص الواقعي وقد ساهمت القصة في نشر الوعي ومعالجة بعض المشاكل الاجتماعية وبعث الثقافة والأخلاق
لقد تأثر الفن القصصي العربي بالآداب الغربية فعلا ولا ضير في ذلك فالآداب التي تريد لنفسها الاستمرار ينبغي أن لا تضيع فرصة الازدهار والانبعاث.
المسرحية
نص أدبي يأتي على هيئة حوار يصور به الكاتب قصة مأساوية أو هزلية ويقوم الممثلون بتمثيل النص المسرحي بقاعة المسرح ضمن إطار فني.
وهي من أقدم الفنون الأدبية التي عرفتها الحضارة الإنسانية. فمنذ زمان بعيد أقام الإغريق مسارحهم في مناسبات دينية ووطنية. فعرفوا المأساة والملهاة. وتناولوا موضوعات دينية واجتماعية وأدى مسرحهم دوره في تعليم مجتمعهم. واعدوا شروط المسرح واستفاد منها حتى كتاب العصر الحديث.
وعن هؤلاء اخذ الرومان ثم الفرنسيون والإنجليز والألمان وعن هم اخذ العرب.
لكن إقبال العرب على المسرح لم يتم إلا في العصر الحديث على الرغم أنهم اطلعوا عليه عند ترجمة بعض المؤلفات اليونانية في البلاغة والفلسفة والرياضيات في بداية العهد العباسي. ولعل ذلك يرجع إلى ارتباط المسرح بالأفكار الوثنية التي لا يقرها الإسلام والى طبيعة الشعر العربي الغنائي الذي لا يصلح للتمثيل.
المسرح العربي حديث النشأة ظهر على يد مارون النقاش 1847م بعد عودته من الغرب وقدم لأول مرة مسرحية البخيل لموليار وهكذا نشا المسرح قبل المسرحية.
تطورها:
1- مرحلة الاقتباس:
شجع إنشاء دار الأبرا في مصر بعض اللبنانيين المهتمين بالمسرح على اقتباس الأفكار من الأدب الاروبية وصبغتها بصبغة محلية.
2- المسرحية الاجتماعية:
تطورت المسرحية على يد من درس فن المسرح في اروبا فقد أنشا جورج الأبيض مسرحا عربيا في مصر اثر عودته من فرنسا 1910م وقدم مسرحية وليدة البيئة العربية مصر الجديدة.لفرج أنطوان. غلبت عليها الفصحى واصالة الفكر العربي.
3-المسرحية الواقعية: اتجهت المسرحية إلى التعبير عن الواقع فظهرت عدة مسرحيات تعالج الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والنفسي وتعتبر مسرحيات توفيق الحكيم مثلا واضحا لهذا الطور عالج مشكلات اجتماعية كما فعل ازيس وبراسكا وأضفى على شخصياته فكرا فلسفيا وتتجلى نزعته الفلسفية في مسرحية شهرزاد - و سليمان الحكيم -.
المسرحية الجزائرية: يعد رضا حوحو من رواد المسرحية المكتوبة بالعربية فقد اشرف على فرقة تمثيلية وكتب لها مسرحية عنبسة- وبائعة الورد – والعقاب – النائب المحترم – وسي عاشور -. أما المسرحية المكتوبة بالفرنسية يمثلها كاتب ياسين في الجثة المطوقة – والرجل ذو النعل المطاطي.
أما المسرحية الشعرية فقد ظهرت على يد احمد شوقي الذي كتب -مصرع كلييو باترة – مجنون ليلى – قمبيز... وعزيز أباظة الذي ألف ست مسرحيات- قيس ولبنى – العباسة- شجرة الدر – الناصر – غروب الأندلس – شهريار – وقد استطاع أن يتجنب ما وقع فيه شوقي من مآخذ واستفاد مما وجه إليه من نقد.
وللمسرح ثلاثة أشكال هم:
1- المأساة وهي مسرحية درامية تنتهي دائما بالموت.
2-الملهاة مسرحية هزلية ذات نهاية سعيدة. 3-الأبرا المغناة وهي ذات موضوع مأساوي.
عناصر المسرحية: 1-التمهيد *وهو الجزء الأول من المسرحية يمهد فيه الكاتب للمسرحية ويعرف بالشخصيات وأعمالهم. أما البيئة فيصورها عن طريق الحوار.
2- العقدة وهي العنصر الأساسي في بناء الحبكة الفنية وتنشا عن المعوقات أو الصراع الذي ينشا بين قدوتين متعارضتين تثير عند الجمهور الرغبة في انتظار الحل.
3- الحل * وهو النتيجة التي تصل إليها أحداث المسرحية.
4- الزمان والمكان * وهما البيئة التي يدور فيها أحداث المسرحية زمان المسرحية قصير ومكانها محدود.
5- الشخصيات * وهم الممثلون الدين يقومون بالحركة المسرحية. ويشترط فيها الثبات وعدم التناقض مع الواقع.
6- اللغة وسائل التعبير المسرحي متعددة – الحوار – الملابس* الأضواء *الأثاث* الحركة* ولكل فرد لغته الخاصة وهذا ما أطلق عليه النقاد الواقعية في المسرح من الكتاب من اختار العامية ومنهم من فضل الفصحى واثر البعض الآخر المزج بين العامية والفصحى.
المسرحية كما هو معلوم تشترك مع القصة في اشتمالها على الحادثة والشخصية والفكرة ولا تتميز عنها إلا في اعتمادها على الحوار كوسيلة وحيدة للوصف وعرض الأحداث. وبقدر ما يكون الحوار مطابقا للشخصيات سهلا واضحا يتوفر على إيقاع موسيقي مناسب. لا تطغى عليه روح المؤلف طغيانا يفسده.بقدر ما يكون ناجحا. إذا كان الحوار هو مظهر المسرحية الخارجي فان مظهرها الداخلي يتمثل في الصراع الذي يجب أن يكن محبوكا بشكل طبيعي لا تصنع فيه.
يحتل المسرح لدى مختلف الشعوب مكانة مرموقة نظرا للدور الذي يلعبه في تثقيف الفئات الشعبية وتنمية ذوقها الجمالي فضلا عن تسليتها والترفيه عنها والمسرح دليل على الرقي الاجتماعي فهو أداة لنقل قيم شتى ووسيلة لترقية الفكر خاصة إذا كان يحمل فكرة راقية بلغة سامية. فالمسرح قبل أن يكون تمثيلية فهو نص أي انه شكل ومضمون فالفكرة السامية يجب أن يعبر عنها باللغة الراقية غير مبتذلة أو هزيلة. أما إذا كان المسرح بلغة العوام فهو تهريج لا طائل منه. وإذا لم يصور مجتمعه في ماضيه وحاضره ومستقبله ويعكس آماله وتطلعاته معتزا بالقيم ومقومات الشخصية. كان دخيلا يهدم بدلا من أن يبني يفسد عوض أن يصلح.
ومادام المسرح يلعب هذا الدور الهام فهو يحتاج إلى تخطيط وأموال وتشجيع دائم. غير أن المسرح فن وليس تهريجا فكتابته من مهام الأدباء وتمثيل الأدوار فن لا يناط إلا بأصحاب المواهب من خريجي المعاهد المختصة.
اتمنى ان نراكم يوما ما مبدعين في مجال القصة او المسرحية
امين
رد مع اقتباس
goleaaicha
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى goleaaicha
البحث عن المشاركات التي كتبها goleaaicha
قديم 02-02-2007, 05:47 PM رقم المشاركة : 6
goleaaicha
مشرف
الصورة الرمزية goleaaicha
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
goleaaicha غير متصل
goleaaicha is on a distinguished road
افتراضي تطور الشعر السياسي وخصائصه
تطور الشعر السياسي وخصائصه
( اشم رائحة البارود والنار )
نكب الوطن العربي باستعمار غاشم جثم على صدره ردحا من الزمن امتص خيراته وتركه في فقر مدقع مما أدى إلى ظهور الوعي القومي.وتطور النزعة الوطنية. كرد فعل على موجة الاستعمار. وكان الشعر السياسي اللسان المعبر عن هذه النزعة التواقة إلى الانعتاق والحرية.
- فما هو الشعر السياسي ؟ وما هي أنواعه وضروبه ؟
الشعر السياسي :
هو كل ما ينظم في شان من شؤون السياسة يدعو به الشاعر لقبيلة أو حزب أو دولة أو مبدأ سياسي مثل الشورى أو الديمقراطية واختلفت دواعي النظم فيه فمن الشعراء من كتب بدافع العصبية أو المنفعة وهناك من دفعه مبدأ أو تبني فكرة.
أنواع الشعر السياسي:
-1- الشعر السياسي التحرري وقد ارتبط بحركات التحرر العربية من الاستعمار بمختلف أشكاله. وقد نشط في مطلع القرن العشرين.
2-الشعر الوطني وقد نظم فيه الشعراء قديما وحديثا حيث وصفوا أوطانهم وعبرا عن تعلقهم بها وآمالهم في ازدهارها وتطورها.
وقد قيل أن الشعر السياسي ينشط في أوقات الشدة والحصار والتعسف. لمعرفة صدق هذه المقولة علينا أن نتتبع مراحل تطور هذا الفن منذ نعومة أظافره في العصر الجاهلي إلى أن شب واستقام عوده في العصر الحديث.
1- العصر الجاهلي:
كان للقصائد تأثير كبير يشبه تأثير الصحافة ووسائل الإعلام في وقتنا الحاضر فالشاعر هو لسان القبيلة والناطق الرسمي باسمها يعظم من شانها ويذود عنها ظالمة أو مظلومة. فهذا دريد بن الصمة يقول:
وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وان ترشد غزية ارشد
الشعر السياسي في هذا العصر كان يرد ضمن قصائد المدح والفخر والحماسة... فزهير بن أبي سلمى يوضح موقفه السياسي المؤيد لهرم بن سنان والحارث بن عوف في قصيدة مدح إذ يقول:
تداركتما الأحلاف قد ثل عرشها وذبيان قد زلت بأقدامها النعل
1صدر الإسلام:
تغيرت المفاهيم والقيم واحتدمت حرب كلامية بين المسلمين وكفار قريش فانبرى لها حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة فجاء شعرهم دفاعا عن المبادئ الإسلامية
فهذا حسان بن ثابت يدعو قريشا إلى نبذ الشرك بقوله:
فأما قريش فاني لن أسالمهم حتى ينيبوا عن الغياب للرشد
في هذا الشعر نبذت العصبية واستمد الشعراء معانيهم من القرآن الكريم.
3- عصر بني أمية:
ظهرت أحزاب سياسية كل حزب يدعي أحقيته بالحكم منها حزب بني أمية الحاكم وحزب الخوارج وحزب عبد الله بن الزبير... ولكل حزب شعراؤه المدافعون عن مبادئه. وجل من اتبع الحزب الحاكم كان عن طريق الإغراء بالمال يقول عبد الله بن هشام السلولي مؤيدا لبني أمية:
خلافة ربكم كونوا عليها إذا غمزت عنابسة أسودا
4- عهد بني العباس:
ضعف الشعر السياسي لضعف الأحزاب وخوفها من البطش والتنكيل وقلما يصرح حزب بآرائه فهذا منصور النمري يقول:
تقتل ذرية النبي وير * * جون جنان الخلد للقاتل
والبعض قد سخر مدائحه السياسية للخلفاء يضفون عليهم هالة من القدسية فهذا منصور النمري يمدح هارون الرشيد بقوله:
وأي امرئ بات من هارون في سخط * فليس بالصلوات الخمس ينتفع
وهذا المتنبي يصف تذمر العرب من حكم الأعاجم بقوله:
وإنما الناس بالملوك وما تفلح عرب ملوكهم عجم
5- عصر الضعف:
-عهد المماليك والعثمانيين - رضي العرب بحكم المماليك والعثمانيين لبلادهم وهللوا للانتصارات التي حققها هؤلاء على التتار فهذا شهاب الدين يقول:
غلب التتار على البلاد فجاءهم * * من مصر تركي يجود بنفسه
ويقول في الانتصار على الصليبيين:
الحمد لله ذلت دولة الصلب * * وعز بالترك دين المصطفى العربي
6- العصر الحديث:
عرف هذا اللون الشعري نشاطا كبيرا حيث ترك الشعراء قصور الأمراء والملوك ووقفوا إلى جانب الشعوب في نضالها ضد الاستبداد والاستعمار. فما من حدث سياسي إلا وعبر عنه الشعراء مؤيدين أو معارضين وانصب اهتمامهم على الوطن العربي بأكمله فهذا علي محمود طه يستنهض العرب داعيا إياهم إلى الاتحاد بقوله:
بني العروبة دار الدهر واختلفت * * عليكمو غير شتى وأرزاء
شدوا على العروة الوثقى سواعدكم لا يصدعنكم بالخلف مشاء
ويؤيده شوقي بقوله: الدهر يقظان والأحداث لم تنم * * فما رقادكم يا اشرف الأمم
ويندد الرصافي من العراق بمعاهدة ظالمة فرضها الإنجليز على العراق بقوله:
والعهد بين الإنجليز وبيننا * * كالعهد بين الشاة والرئبال
وبث محمد العيد آل خليفة الأمل في النفوس بتحقيق النصر بقوله:
أزرى بنا الذل يا خليلي * * فهل إلى العز من سبيل ؟
بلادنا أصبحت ذلولا * أسيرة في يد الدخيل
وقد حاول الشابي استنهاض الهمم بقوله:
إذا الشعب يوما أراد الحياة فل بد أن يستجيب القدر
ويلوح في وجه الاستعمار مهددا بقوله:
سيجرفك السيل سيل الدما * ويأكلك العاصف المشتعل
وهذا سليمان العيسى يساند الثورة الجزائرية بقوله:
إنها أمتي تشد جناحيها * فوجه التاريخ فجر انقلاب
عظمت صيحة الفداء وعزت * أن توارى في دامس الظلماء
وقد ألهمت الثورة الشعراء فتفاعلوا معها وأبدعوا في تمجيدها ومدها بالدعم المعنوي وحشد القلوب على نصرتها. فتغنى أحمد شوقي بالثورة السورية ممجدا للحرية بقوله:
وللحرية الحمراء باب * بكل يد مضرجة يدق
وهذا المرحوم احمد سحنون من الجزائر يدعم القضية الفلسطينية بقوله:
فلسطين إنا اجبنا الندا * * وإنا مددنا إليك اليدا
ويؤكد شاعر الثورة الجزائرية مفدى زكرياء هذا التدعيم بقوله:
فليت فلسطين تقفوا خطانا * وتطوي كما قد طوينا السنينا
وبالقدس تهتم لا بالكراسي * تميل يسارا بها ويمينا
وفي الجملة تناول الشعراء في العصر الحديث فضح أساليب الاستعمار في قمع الشعوب كقول الشابي:
سخرت بأنات شعب ضعيف وكفك مخضوبة من دماه
وأيدوا الثورات الشعبية ونددوا بالفساد السياسي ومجدوا الأبطال والزعماء والشهداء كما فعل محمد العيد في قوله:
رحم الله معشر الشهداء * * وجزاهم عنا كريم الجزاء
مميزات وخصائص الشعر السياسي:
يتناول الشعر السياسي المسائل التالية *
- الحكم وسياسة الشعوب.
- الحملة على الاستعمار والتنديد بفظائعه.
- التغني بالحرية والاستقلال.
- الدعوة إلى الحكم الدستوري.
- الإشادة بالأبطال والزعماء والشهداء.
ويتميز الشعر السياسي والتحرري والوطني بطابعه الإنساني لأنه يعكس تطلعات وآمال يشترك فيها جميع الناس. * كما يتميز بطابعه الوجداني. فهو غالبا يخاطب القلوب والمشاعر قبل العقول. * يؤرخ لأحداث معينة في فترات محددة فهو مادة توثيقية هامة. * يميز الأدباء حاليا بين الشعر السياسي الذي يتناول شؤون الحكم. والشعر التحرري الذي يدعو الشعوب إلى كسر قيود الاستعباد. والشعر الوطني الذي يمجد الأوطان ويلهج بحبها على حد قول ابن الرومي: ولي وطن آليت أن لا أبيعه وان لا أرى غيري له الدهر مالكا
وقول إيليا أبي ماضي:
أنا في نيويورك بالجسم وبالر *وح في الشرق على تلك الهضاب
أيها السائل غني من أنا ؟ أنا كا لشمس إلى الشرق انتسابي
لعب الشعر السياسي دورا هاما في إيقاظ الشعوب من سباتها العميق والحث على القيام بالثورة وفضح الأساليب الاستعمارية البشعة لقمع الشعوب. فباتت ألاعيب مكشوفة.كما جعل الأواصر تشتد بين الشعوب المستعمرة التي كونت بعد الاستقلال مجموعة العالم الثالث أو الدول النامية. ويتجسد هذا في قول محمد العيد
ثورة الشعر أنتجت ثورة الشعب وعادت عليه بالآلاء
كل من لم يثر على الهون والذلة داسته أرجل الأقوياء
رد مع اقتباس
goleaaicha
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى goleaaicha
البحث عن المشاركات التي كتبها goleaaicha
قديم 03-02-2007, 06:23 AM رقم المشاركة : 7
feryale
الصورة الرمزية feryale
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
feryale غير متصل
feryale will become famous soon enough
افتراضي
merci beaucoup
goliaaicha
a toute
رد مع اقتباس
feryale
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى feryale
البحث عن المشاركات التي كتبها feryale
قديم 03-02-2007, 01:29 PM رقم المشاركة : 8
feryale
الصورة الرمزية feryale
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
feryale غير متصل
feryale will become famous soon enough
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله
شكرا لك على هذا الموضوع المهم والذي نحن طلاب البكالوريا فعلا بامس الحاجة اليه .
انا اتابعه واستفيد منه ..
الله يعطيك الصحة والعافية لتتابعي الموضوع
ويكون لك اجر العلم النافع
ان شاء الله
فريال
رد مع اقتباس
feryale
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى feryale
البحث عن المشاركات التي كتبها feryale
قديم 03-02-2007, 08:30 PM رقم المشاركة : 9
feryale
الصورة الرمزية feryale
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
feryale غير متصل
feryale will become famous soon enough
افتراضي تطور الشعر الاجتماعي وخصائصه
الشعراء مصابيح أممهم قناديل تضيء المجاهل والدروب للأمم المتخبطة في دياجير الجهل والفقر والضياع.
تعريفالشعر الاجتماعي:
هو الذي يتناول قضايا المجتمع بشيء من التفصيل فيبرز الداء ويصف الدواء يضخم الداء حتى تحس به الأمة فتستأصله من جسدها كما يستأصل المرض الخبيث من الجسم العليل.
أما عن الأسباب التي جعلت الشعراء في العصر الحديث يهتمون بالشعر الاجتماعي فهي كما يلي:
-كثرة المشاكل وتنوعها – انتشار الوعي والروح القومية – تفاعل الشعراء مع محيطهم وإحساسهم بمشاكل المجتمع – وإدراكهم لدورهم الفعال في تحذير المجتمع من مغبة التردي والانحطاط ودفعه نحو السمو.
والشعر الاجتماعي هو الذي يتناول حياة الناس العادية اليومية كالعدالة الاجتماعية والفقر العمل الأمراض الاجتماعية والآفات الخلقية ومشاكل المرأة والعمال التعليم والدين...
مراحل تطور الشعر الاجتماعي:
والآن لنعد إلى الوراء لمعرفة مدى اهتمام الشاعر العربي القديم بالمجتمع الذي يعيش فيه.
- العصر الجاهلي:
كانت حياة الناس فيه بسيطة-تعتمد على الحياكة والدباغة والزراعة لذلك اقتصر الشعر الاجتماعي على أبيات معدودة ترد ضمن قصائد المدح فهذا زهير بن أبي سلمى يتناول ظاهرة الكرم بقوله
إذا السنة الشهباء بالناس أجحفت ****ونال كرام المال في الحجرة الأكل
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم ****قطينا بها حتى إذا نبت البقل
وهذا عروة بن الورد يصور مكانة الفقير في المجتمع بقوله:
ذريني للغنى أسعى فاني **** رأيت الناس شرهم الفقير
- في صدر الإسلام وعصر بني أمية:
تناول الشعراء بعض المسائل ذات الطابع الاجتماعي فهذا معن بن اوس يعارض من يبغض النساء بقوله:
- رأيت أناسا يكرهون بناتهم ***وفيهن لا تكذب نساء صوالح
ومن الشعراء من نبه إلى ما يضر حياة الناس فهذا كعب الاشقري يحذر عمر بن عبد العزيز ويبين له حقيقة ولاته بقوله: إن كنت تحفظ ما يليك فإنما **** عمال أرضك بالبلاد ذئاب
العصر العباسي:
نظم الشعراء بعض المقطوعات في الشعر الاجتماعي تفتقد إلى العمق وتتميز بالذاتية ولا تقدم صورة واضحة عن المجتمع إلا أن ابن الرومي كتب مقطوعات جيدة يقول:
نحن أحياء على الأرض وقد **** خسف الدهر بنا ثم خسف
أصبح السافل منا عاليا **** وهوى أهل المعالي والشرف
ويصف حمالا بائسا بقوله: رأيت حمالا مبين العمى **** يعثر في الاكم وبالوهد
- عصر المماليك والعثمانيين ( عصر الضعف ):
ساءت الأحوال الاقتصادية والاجتماعية بسبب تهالك الحكام على ثروات الشعوب يقول شهاب الدين الأعرج في وصف هذا الوضع:
وكيف يروم الرزق في مصر عاقل **** ومن دونه الأتراك بالسيف والترس
-في العصر الحديث:
استقل الشعر الاجتماعي في قصائد خاصة حيث ترك الشعراء قصور الحكام وحولوا مصابيحهم إلى الشعوب قصد تنوير دربها وتوجيهها وتوعيتها وإصلاح شانها. فما من شاعر إلا ونظم في الشعر الاجتماعي فظهر الرصافي والزهاوي في العراق وشوقي وحافظ في مصر وخليل مطران في الشام ومحمد العيد في الجزائر وإيليا أبو ماضي في المهجر الأمريكي...
- بدافع إصلاحي تربوي توجه هؤلاء إلى الشعر الاجتماعي يرغبون في الفضائل وينفرون من الرذائل واعتمد الكثير منهم على الأسلوب المباشر في نقد سلبيات الناس فجاءت قصائدهم خطابية تظهر فيها الموعظة بشكل مباشر وهو ما نلاحظه في قول محمد العيد:
ا لخمر فأس خراب هدمت أسرا ***مصونة عاث فيها صاحب الفأس
ويعظم شوقي رسالة المعلم بقوله:
قم للمعلم وفه التبجيلا **** كاد المعلم أن يكون رسولا
ويدعوا إلى تعليم المرأة بقوله:
وإذا النساء نشان في أمية ****رضع الرجال جهالة وخمولا
ويؤيده حافظ بقوله:
الأم مدرسة إذا أعددتها ****أعددت شعبا طيب الأعراق
كما كتب شوقي شعرا تعليميا على لسان الحيوان كما في قصيدة الأسد والضفدع وقصيدة الحمار التي يقول فيها:
سقط الحمار من السفينة في الدجى **** فبكى الرفاق لفقده وترحموا
حتى إذا طلع النهار أتت به **** نحو السفينة موجة تتقدم
قالت:خذوه كما أتاني سالما **** لم ابتلعه لأنه لا يهضم
-وهكذا فقد اعتمد بعض الشعراء على أسلوب غير مباشر في معالجة قضايا كثيرا ما يتناساها الناس في خضم الحياة الواسع الأرجاء من ذلك قول إيليا في نبذ التكبر:
نسي الطين ساعة انه طي ن حقير فصال تيها وعربد
وقد استعان بالأسلوب القصصي الجذاب في قصيدة الحجر الصغير إذ يقول:
سمع الليل ذو النجوم أنينا ****وهو يغشى المدينة البيضاء
فانحنى فوقها كمسترق السمع ***** يطيل السكوت والإصغاء
ومن أهم القضايا التي تناولها الشعر الاجتماعي قضية الفقر واليتم فهذا معروف الرصافي يصور حالة يتيم يوم العيد بقوله:
اطل صباح العيد في الشرق يسمع ***ضجيج به الأفراح تمضي وترجع
صباح به يكسو الغني وليده **** ثيابا لها يبكي اليتيم المضيع
وهذا محمد العيد يدعو الأغنياء إلى مساعدة الفقراء بقوله:
تفاقم كرب الفقير الكسير
أما عندكم من يد جابرة ؟
واستنكر خلق فتاة العصر بقوله:
ما بال سير فتاة العصر منحرفا **يهوي بها في مهاوي الإفك والزور
وقد كان للشعر الاجتماعي دور كبير في تبصير الناس وتوعيتهم وانتشالهم من نفايات الغرب وتشجيع المصلحين والمحسنين.
وبعد الحرب العالمية الثانية ظهر لون شعري جديد أطلق عليه الشعر الاجتماعي الثوري فيه دعوة للجماهير لاستئصال أسباب الفقر. يقول وصفي القرنفلي:
فقراؤنا قد حطموا حكم القناعة واستفاقوا
الجوع ليس من السماء فمن إذا ؟
وهنا أفاقوا
ومضوا فمن متسولين على الرصيف لثائرين.
ضروب أو أنواع الشعر الاجتماعي:1
شعر اجتماعي تقريري *
يعتمد على تصوير الواقع الاجتماعي بأسلوب مباشر عن طريق ذكر العيوب وتحديد الدواء. 2
- شعر اجتماعي غير مباشر:
يتناول المشاكل الاجتماعية بشكل غير مباشر بالرمز والإشارة كقصائد إيليا أبي ماضي.
3- شعر اجتماعي ثوري: يدعو إلى الثورة ضد الفقر.
أما خصائصه في كالتالي :
- معالجة القضايا الاجتماعية – السهولة والوضوح . – استعمال الأسلوب المباشر البعيد عن الخيال ليكون واضحا لدى الجميع . – استعمال الترغيب والترهيب .- وإجراء المقارنة لتوضيح الحقائق .- التركيز على الآفات الاجتماعية وإعطاء الدواء الناجع لها .- الترغيب في الفضائل والتنفير من الرذائل .
وأخيرا نقول انه كان للشعر الاجتماعي انعكاسات هامة على المجتمعات العربية حيث ساهم في توضيح الحقائق وتنوير الدروب وانتشال العرب من بحر الضياع وأوحال المدنية الغربية فأصبح مجتمعا واعيا مدركا لما يحيط به من مؤامرات ودسائس تستهدف قيمه ومثله ولغته ودينه وشخصيته. لولا الشعراء لغدا مجتمعنا كحديقة تسلطت عليها الحشرات فأودت بجمالها وعطرها. لكن هذا المجتمع انتعش وازدهر بفضل شعراء الإصلاح والتنوير الذين يعرفون أن الساكت عن الحق شيطان اخرس فحولوا شعرهم لخدمة أمتهم وأوطانهم.
مع اجمل التحيات
رد مع اقتباس
feryale
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى feryale
البحث عن المشاركات التي كتبها feryale
قديم 04-02-2007, 01:39 PM رقم المشاركة : 10
feryale
الصورة الرمزية feryale
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
feryale غير متصل
feryale will become famous soon enough
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
ما رايك يا استاذة بهذا المقال عن الشعر الاجتماعي ؟؟؟؟
انه مقالك احضرته من احدى الطالبات واردت ان افاجئك به .
ما رايك في مساعدتك ؟؟؟؟؟
الى اللقاء
رد مع اقتباس
feryale
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى feryale
البحث عن المشاركات التي كتبها feryale
قديم 04-02-2007, 02:23 PM رقم المشاركة : 11
goleaaicha
مشرف
الصورة الرمزية goleaaicha
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
goleaaicha غير متصل
goleaaicha is on a distinguished road
افتراضي شكرا جزيلا على المساعدة
يبدو المقال طويلا لكن مع قراءته سيصبح سهلا مستساغا ان شاء الله
ملاحظة
هذا المقال خاص بشعبة الاداب والعلوم الاسلامية
تطور الشعر الموضوعي وخصائصه
الشعر لؤلؤة في تاج العرب طوروها وتفننوا في تشكيلها وأبدعوا في تلوينها بما يناسب كل عصر من العصور وانصب اهتمامهم في أول الأمر على الشعر الغنائي الذي يضم المدح والهجاء والفخر والوصف والرثاء والغزل..ثم ارتقى إلى.الشعر الموضوعي الذي يضم الشعر القصصي والشعر المسرحي والشعر الملحمي. وموضوعنا هو هذه المواضيع الشعرية الأخيرة. وسنستهل مقالنا بتوضيح حقيقة الملحمة.
الملــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــحمة *
رواية شعرية طويلة تدور حول البطولات والمواقف الجليلة في جو من الخوارق ’تهدف إلى غاية قومية أو إنسانية ’فالملحمة إذن من الفنون القصصية وما الشاعر إلا شاهد لما يروي ومن ثمة فهي موضوعية لا ذاتية. وهي شعرية لأنها تروي خوارق من صنع الخيال. وهذا العالم الخيالي لا يشاد إلا بالشعر. وهي رواية طويلة لان أحداثها ممتدة عبر التاريخ تتناول الحروب بين الشعوب والأمم ’ فهي خلاصة تراث الشعوب وأمجادها القومية وهي صلة الماضي بالحاضر ورباط الروح الوطنية بين أفراد الأمة. حتى قال بعضهم:
( إن امة خالية من الملاحم هي امة بلا روح ولا مثل عليا ولا تاريخ ).
فهي سجل لعقائد الأمة ونزعاتها وأخلاقها وهي روح الشعب وفكر الأمة. وهي ذات نزعة إنسانية لأنها تغن بالشرف والجلال والتفوق في عالم الحرية والإباء والتعالي.
والشعر الملحمي قديم في الآداب اليونانية القديمة عند هوميروس في الإلياذة ولأوديسا. أما في الأدب العربي فهو فن مستحدث. ومع ذلك فقد حوى الشعر العربي القديم عناصر ملحمية تمثلت في وصف الحروب والمعارك كمفاخر عنترة وعمرو بن كلثوم والمتنبي الذي يقول في وصف معركة لسيف الدولة مع الروم:
أتوك يجرون الحديد كأنما سرو بجياد مالهن قوائم
خميس بشرق الأرض والغرب زحفه وفي أذن الجوزاء منه زمازم
لكنها لم تكن أعمالا ملحمية تامة لتغلب النزعة الذاتية عليها فقد ضاعت الملحمة والجانب الوصفي تحت بريق الفخر وإبراز الذات.
أما في بداية العصر الحديث نقل سليمان البستاني إلياذة هوميروس شعرا إلى العربية. وحاول بعض الشعراء كتابة ملاحم عربية فألف شفيق المعلوف ملحمة بعنوان عبقر ومحمد توفيق ملحمة سماها *المعلقةالإسلامية *وفوزي المعلوف كتب ملحمة بعنوان * علىبساطالريح *واحمد محرم كتب الإلياذةالإسلامية. وكان احمد شوقي قبل هؤلاء قد نظم قصيدة مطولة تضم 264 بيتا بعنوان* كبرياتالحوادثفيوادالنيل *تناول فيها تاريخ مصر الفرعوني يقول في مطلعها:
وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي
وفي الجزائر ألف مفدي زكرياء إلياذة الجزائر تعرض فيها إلى تاريخ الجزائر عن طريق ذكر أمجادها من قبل الفتح الإسلامي حتى الاستقلال من الاستعمار الفرنسي. يقول في إحدى مقاطعها:
1 تأذن ربك ليلة قدر وألقى الستار على ألف شهر
2 جزائر يا بدعة الفاطر ويا روعة الصانع القادر
خصائص الشعر الملحمي:
قبل أن نتطرق للخصائص يجدر بنا أن نميز بين نوعين من الملاحم
1- الملاحم اليونانية والغربية القديمة. 2- الملاحم العربية المستحدثة.
الملاحم اليونانية والغربية القديمة تمتزج فيها الأسطورة مع الحقيقة ويقوم بصناعة أحداثها أبطال خرافيون يتصفون بقدرات لا يتوفر عليها البشر وبأمزجة بدائية سريعة التحول والتلون.
أما الملاحم العربية المستحدثة تتناول صفحات من تاريخ الأمة العربية الإسلامية أو جانب من حياة شعوبها. فهي متقيدة بالأحداث التاريخية. وشخصياتها حقيقية صنعت فعلا هذه الأحداث. فمفدي زكرياء لم يتناول في إلياذته سوى حقائق تاريخية معروفة ليس فيها خوارق ولا مخلوقات خرافية.
إذا كان الجانب الموضوعي هو الغالب على الملاحم اليونانية إذ لا نكاد نحس بشخصية الشاعر فيها. فنحن عندما نقرا الملاحم العربية نحس بذاتية الشاعر فهو الذي يتحدث إلينا ويعبر عن أحاسيسه ومشاعره وآرائه. يقول مفدي:
ويأبى الحديد استماع الحديث إذا لم يكن من روائع شعري
كيف يتم بناء الملحمة ؟...
يتم بناء الملحمة كما يتم بناء القصة من سياق مترابط الأجزاء وهو ما يسمى بالوحدة التاليفية محورها حادث هام يدور في فلكه الأبطال تتخللها بعض المواقف الغنائية التي تعد محطات للاستراحة من تتبع سرد الأعمال والبطولات.’لاسيما أن الشعوب البدائية ميالة إلى استماع الحديث الطويل ومزج الفنون بعضها ببعض وهكذا تسير الملحمة بسردها القصصي بهدف واحد تتعدد فيه المفاجآت . كما تبدوا الملحمة بحرا واسعا تتدافع فيه الأمواج إلى حد تكاد تتكافأ فيه القوى المتصادمة فتتأزم الأمور وتتعقد ثم تنفرج بحادث مفاجئ يقود إلى الحل فيكون الختام.
* الملحمة نوعان:1 طبيعية 2 مصطنعة.
- طبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــعية *
تنشا في مخيلة شعب بدائي فردد ت أحداثها الالسنة وتغنت بها القلوب ثم جاءت عبقرية الشاعر فجمعت الأحداث وربطت الأناشيد وأخرجت بذلك أثرا فنيا ضخما كما هو الحال في إلياذة هوميروس واديسته.
- المصطنعة *
أما الملحمة المصطنعة أو العلمية فهي من فيض قريحة شاعر نشا في عصر تقدم وتفكير وحضارة فتناول موضوعا تاريخيا وأرسل فيه خياله مضخما فاخرج منه قصة شعرية طويلة حافلة بالخوارق وعظيم الأعمال. وهكذا فالملحمة الطبيعية مثل الملحمة المصطنعة موضوعا وبناء وعبارة وان اختلفت عنها في العهد التاريخي لظهورها وناحية طريقة ظهورها. من الملاحم المصطنعة انياذة فرجيل أو فرجيليوس الشاعر اللاتيني و هنريادة فولتير الفرنسي.
2- الشعر المسرحي
انه التعبير الفني عن حادث من حوادث الحياة البشرية بإحياء مشهده وما يجري فيه من عمل. وهكذا فالفن المسرحي مشهد ناطق متحرك وهو على حد قول أرسطو محاكاة والمؤلف في هذا الفن يتوارى عن الأنظار ويظهر في هذا العمل الأشخاص بأفعالهم وأخلاقهم. وموضوعات المسرح الشعري إما تاريخية وإما أسطورية وإما تحليلية.
تطور الشعر المسرحي في الأدب العربي *
لم يعرف العرب قديما الشعر المسرحي إلا ما كان من أبي العلاء المعري في رسالة الغفران التي اعتبرتها الدكتورة عائشة عبد الرحمن نصا مسرحيا يعود إلى القرن الرابع الهجري. رغم احتكاك العرب قديما بالثقافة اليونانية إلا أنهم لم يحاولوا ترجمة آدابهم ذات الطابع الوثني لتعارضها مع العقيدة الإسلامية باستثناء اثرين في البلاغة والشعر لأرسطو.
ولم يظهر الفن المسرحي إلا في القرن التاسع عشر فقد حاول بعض الشعراء العرب أن يقدموا للمسرح أعمالا شعرية من ذلك ما قام به الشيخ خليل اليازجي في مسرحية * المروءة والوفاء * إلا أنها كانت محاولات ناقصة وبقي الأمر كذلك إلى أن جاء احمد شوقي الذي كانت له صلته بالأدب الفرنسي وطيدة فتأثر بالمسرح التقليدي الكلاسيكي في* استمداد الموضوعات من التاريخ القديم * واختيار الأبطال من علية القوم * وتوظيف اللغة الراقية * فكتب مجنون ليلى * عنترة * مصرع كليوباترة *قمبيز * علي بك الكبير * الست هدى وهي خمس مسرحيات درامية وملهاة واحدة. وقد استقى مادتها من التاريخ الفرعوني والعربي والمجتمع المصري في عصره. وكتب بعده عزيز أباظة *غروب الشمس * شهريار *العباسة أخت الرشيد.
ويرى النقاد أن مسرحيات عزيز أباظة أقوى من الناحية الفنية من مسرحيات شوقي. ثم كتب صلاح عبد الصبور *مأساة الحلاج *الأميرة تنتظر. عالج فيها مشكلات فلسفية واجتماعية. غير أن الشعر المسرحي ما يزال محصوله قليلا في الأدب العربي بالنسبة للشعر الغنائي.
خصائص الشعر المسرحي *
- يكتب ليعرض على الجمهور – يعتمد على الحوار – تعتمد المسرحية على عناصر أساسية هي:التمهيد أو المقدمة والعقدة والحل.
في التمهيد يعرض الشاعر الشخصيات والموضوع والزمان والمكان ويشترط فيها أن تكون موجزة مجملة تلمح إلى الموضوع تلميحا من غير تفصيل ولا كشف للمجهول ويتم ذلك عن طريق الحوار.أما العقدة فهي العنصر الأساسي في بناء الحبكة الفنية وهي تنطوي على اشتباك الوقائع والأحداث والمصالح والمنازع والمفاجآت والتحولات مما يبعث الشك في صدور المشاهدين والقلق والتطلع إلى الحل.
الحل *وهو خاتمة المطاف والنتيجة التي تصل إليها أحداث المسرحية فتنحل العقدة ويتضح مصير البارزين من أبطال المسرحية ويكون مفجعا في المأساة وسعيدا في الملهاة.
وينصح نقاد المسرحية بان يكون الحل متفقا مع مشاعر الجمهور مرضيا لكل توقعات النفس البشرية لكن البعض لم يلتزم بهذه النصيحة بحجة أن الحياة ليست دائما كما نتوقع. والى جانب هذا تنقسم المسرحية إلى فصول ومشاهد أو مناظر. الفصول هي المراحل الكبرى للعمل والمشاهد هي أجزاء الفصل.والفاصل بين فصل وفصل تسمى استراحة.
3-الشعر القصصي
إن الشعر القصصي *
قصة تقدم شعرا أو هو شعر موزون مقفى يقدم قصة قصيرة متكاملة الأجزاء متناسقة العناصر.
تطوره *
الشعر العربي القديم يعنى بإبراز عواطف الشعراء الذاتية وتحديد مواقفهم من الحياة وقلما يلتفت إلى غير ذلك وهو ما جعل الشعر القصصي والمسرحي والملحمي قليلا. وما وجد فانه عبارة عن بذور لعناصر قصصية كما هو الشأن بالنسبة لقصيدة * من قصص الكرم *للحطيئة والتي يقول فيها *
وطاوي ثلاث عاصب البطن مرمل ببيداء لم يعرف بها ساكن رسما
أخي جفوة فيه من الإنس وحشة يرى البؤس فيها –من شراسته – نعمى
إنها قصة ضيافة بدوية عرضها الحطيئة تامة الجوانب مكانها الصحراء وزمانها الليل أشخاصها أسرة فقيرة جائعة يقبل عليها ضيف عقدتها تتمثل في قدوم الضيف وعدم توفر الغذاء وتزداد تعقدا بالتفكير بذبح الابن ويأتي الحل بظهور قطيع من الحمر الوحشية وتنتهي القصة نهاية سعيدة. وقد تنوعت الأساليب فيها.
أما في العصر الحديث *
فقد لجا إلى القصة أو الأقصوصة كثير من الشعراء على رأسهم المجددون في الشعر وقد أعانهم الأسلوب القصصي على تحقيق مبادئهم في تحقيق الوحدة العضوية في الشعر. وكان المحافظون قبلهم قد حاولوا الكتابة في القصة كما فعل شوقي في شعره التعليمي يقول في قصيدة الأسد والضفدع **
قالوا: استوى الليث على عرشه فجيء في المجلس بالضفدع
وقيل للسلطان: هذي التي بالأمس آذت عالي المسمع
تنقنق الدهر بلا علة وتدعي في الماء ما تدعي
فانظر إليك الأمر في ذنبها ومر نعلقها من الأربع
فنهض الفيل وزير العلا وقال: يا ذا الشرف الأرفع
لا خير في الملك وفي عزه إن ضاق جاه الليث بالضفدع
فكتب الليث أمانا لها وزاد أن جاد بمستنقع
أما المجددون فقد أحسنوا استعمالها واستغلالها وخاصة بعد أن عرفوا القصة الغربية بخصائصها الفنية فكتب إيليا أبو ماضي الحجر الصغير والتينة الحمقاء التي يقول في مطلعها:
وتينة غضة الأفنان باسقة قالت لأترابها والصيف يحتضر
وقد شاعت القصص الشعرية كثيرا في دواوين المتأخرين من الشعراء.
خصائص الشعر القصصي:
الشعر القصصي قصة تقدم شعرا ويتسم هذا النوع من الشعر بتوافره على العناصر الفنية الأساسية للقصة وهي:السرد:ويشتمل على تقديم أحداث القصة. الوصف: ويحتوي على إبراز سمات أشخاص القصة وبيئتهم. الحوار:وهو ما يجري على السنة أشخاص القصة من حديث واستخدام هذه العناصر يتطلب التنويع في أدوات التعبير من استفهام إلى تعجب إلى أمر أو نهي...
وما دامت الحياة دائمة التطور والتلون والتبدل فالأدب جزء من هذه الحياة لا بد أن يلامسه التطور حتى يواكب العصر. والشعراء العرب لم يتركوا فرصة قد تخدم أدبنا ألا أحسنوا استغلالها من اجل التغيير وإعطاء نكهة جديدة لشعرنا وإضافة أحجار كريمة إلى تاجنا المرصع الجميل.
بالتوفيق ان شاء الله
رد مع اقتباس
goleaaicha
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى goleaaicha
البحث عن المشاركات التي كتبها goleaaicha
قديم 04-02-2007, 06:28 PM رقم المشاركة : 12
amy_rania
الصورة الرمزية amy_rania
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
amy_rania غير متصل
amy_rania is on a distinguished road
افتراضي
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
شكرا جزيلا لك أستاذتي الكريمة على هذه المقالات
رد مع اقتباس
amy_rania
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى amy_rania
البحث عن المشاركات التي كتبها amy_rania
قديم 04-02-2007, 07:51 PM رقم المشاركة : 13
goleaaicha
مشرف
الصورة الرمزية goleaaicha
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
goleaaicha غير متصل
goleaaicha is on a distinguished road
افتراضي
بسم الله الرحمن الرحيم
لا شكر على واجب يا صغيرتي رانية
انا تحت امرك في اي شيء قد يصعب عليك في الادب ...
الى اللقاء ان شاء الله
رد مع اقتباس
goleaaicha
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى goleaaicha
البحث عن المشاركات التي كتبها goleaaicha
قديم 06-02-2007, 06:25 PM رقم المشاركة : 14
goleaaicha
مشرف
الصورة الرمزية goleaaicha
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
goleaaicha غير متصل
goleaaicha is on a distinguished road
افتراضي القالب الشعري او الشعر الحر
القالب الشعري
الحياة كالنهر دائمة التطور والأدب العربي جزء من هذه الحياة المتغيرة والمتبدلة. والمتتبع لهذا النهر السائر يلاحظ أن تطور الأدب العربي كان شكلا ومضمونا.فهناك أغراض جديدة ظهرت وقوالب جديدة غيرت شكل الشعر العربي .. فوقف الناس منه موقف المعجب المنبهر أو الساخط الرافض.أما نحن كدارسين فلن نؤيد هذه الفئة أو تلك إلا بعد أن نستعرض التغيرات التي طرأت على الشعر العربي من حيث الشكل أي الوزن والقافية.
حافظ الشعراء على الوزن والقافية محافظة كبيرة خاصة في الفترة التي كان تسجيل الشعر فيها يعتمد على الذاكرة.
وترجع بداية التجديد في الشعر إلى العصر العباسي وتجلى ذلك في الموشحات التي نشأت بالأندلس في أواخر القرن الثالث الهجري حيث كانت الحاجة ملحة إلى لون شعري جديد يواكب الموسيقى والغناء ويتماشى مع طبيعة أهل الأندلس الممتزجي الثقافة. فظهر الموشح الذي تنوع فيه الوزن وتعددت فيه القافية.
- في بداية العصر الحديث حرص المحافظون على قالب القصيدة العربية القديمة من حيث الوزن والقافية. وان ظهرت عندهم بعض الاتجاهات نحو تقليد الموشح الأندلسي كما فعل احمد شوقي في بعض قصائده.
- أما المجددون فقد مالوا إلى التحرر من الوزن والقافية وثاروا على شكل القصيدة التقليدية العمودية.
فماذا نقصد بالقصيدة العمودية أو التقليدية أو الاتباعية ؟.
إنها تعني قصائد الشعر الجاهلي خاصة المعلقات التي لها طريقة معينة تسير عليها ولا تحيد عنها. تبدأ بالوقوف على الأطلال أو الغزل ’ ثم البكاء على الأحبة الراحلين ’ ثم المدح أو الهجاء والوصف وبقية الأغراض الأخرى.
أما في العصر الحديث فأصبحت كلمة الشعر العمودي تعني الطريقة الشكلية العروضية التي اتبعتها القصيدة العربية عبر التاريخ. فالبيت الواحد المكون من شطرين متساويين هو الوحدة الأساسية للقصيدة نلاحظ ذلك في قول ابن زيدون:
أضحى التنائي بديلا عن تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا
الشطر الأول الشطر الثاني
القصيدة من بحر البسيط وتفعيلاته هي: مستفعلن فاعلن تتكرر بالتساوي في الشطرين إلى نهاية القصيدة.
لكن المجددين ثاروا على هذا الشكل التقليدي. وقد اتخذ تطور الوزن اتجاهين:
1- من الشعراء من استخدم الأوزان العروضية القديمة مع تصرف فيها وهذا ما نلاحظه في قصيدة* الصباح الجديد *لأبي القاسم الشابي:
من وراء الظلام وهدير المياه
الأبيات من بحر المتدارك وتفعيلاته هي فاعلن ثماني مرات لكن الشابي لم يستعمل إلا أربع تفعيلات. فاعلن فاعلن في الشطر الأول ونفس الشيء في الشطر الثاني.
2 – التزم الشعراء بوحدة التفعيلة ولم يلتزموا بعددها في كل بيت فمرة أربع تفعيلات ومرة تفعيلة واحدة وهكذا...
وهذا ما نلاحظه عند الشاعر الفلسطيني سميح القاسم:
يا عدو الشمس..
في الميناء زينات وتلويح بشائر..
وزغاريد وبهجة..
وهتافات وضجة..
يطلق على البيت في الشعر الحديث اسم* السطر *والسطر يتألف من عدد غير ثابت من التفعيلات . فقد اعتمد الشاعر على تكرار تفعيلة *فاعلاتن * بشكل مختلف في كل سطر شعري.
وهذا النوع بالذات أطلق عليه النقاد اسم* الشعر الحر *لكنها تسمية غير دقيقة والأقرب إلى الصواب هو الشعر الحديث أو شعر التفعيلة وهذه التسمية الأخيرة أدق لان في التحرر من الوزن والقافية عداوة لفن الشعر وميل نحو الركاكة والإسفاف.
لهذا نقول أن الشعر الحديث لم يبتعد كلية عن الشعر العمودي القديم بل أنهما يكادان يلتقيان ويتصافحان. فشعر التفعيلة مقيد بضوابط كثيرة من حيث الشكل والمضمون.وللتأكد من التقارب الشديد بين الشعر العمودي وشعر التفعيلة سنتعرف أكثر على شكل القصيدة الحديثة من الناحية العروضية. وقبل ذلك علينا أن نتعرف على مصدر هذا الشعر.اهو اقتباس من الغرب ؟ أم أن جذوره تعود إلى أصول عربية قديمة ؟إن الباحث في تاريخ الشعر العربي يجد بذرة الموسيقى الحديثة* موسيقى التفعيلة *في شعر الموشحات التي تعد إرهاصا سابقا لتجديد الموسيقى الشعرية.
خصائص الشعر الحديث:
ركيزة الشعر الحديث هي التفعيلة التي تقوم مقام الشطر وتبقى موسيقى البحر أو الوزن كما هي كل ما في الأمر أن هذه النغمة لم تعد تتمثل في البيت الشعري الذي يحتوي على شطرين متساويين. إنما هي مجموعة تفعيلات قد تقل وقد تكثر في كل سطر حسب الإحساس والنفس الشعري. بالإضافة إلى تنوع القافية وتغير الروي. وينطبق هذا على قصيدة الشاعر الجزائري أبي القاسم سعد الله:
من اللهب الأزرق.
ومن حمرة الشفق.
ولون الدم المهرق.
سيصحو الربيع.
القصيدة من بحر المتقارب لكن الشاعر تحرر من رتابة الاشطر المتساوية والقافية الموحدة والروي الواحد. وقلة هم الشعراء الذين استطاعوا أن يضبطوا موسيقى شعر التفعيلة ويتخطوا اللجة وسط هتاف المؤيدين وضجيج المعارضين ومن هؤلاء العمالقة* نازك الملائكة* وسميح القاسم* وبدر شاكر السياب* ومحمود درويش* ونزار قباني *والبياتي...
نستخلص إذن أن الشعراء لم يبتكروا بحرا جديدا إنما هو فقط تحرر من الرتابة ومحاولة للخروج عن المألوف...
وهل تحرر الشعراء المعاصرون كلية من القافية ؟ نقول لا. وإنما لونوها ونوعوا فيها ولم يلغوها من أشعارهم لان القافية هي التي تشدنا إلى القصيدة فلا يمكن الاستغناء عنها والا خرجنا من دائرة الشعر إلى النثر الفني. والقافية المتغيرة في شعر التفعيلة هي التي تشد القصيدة بخيط دقيق يجعلنا نعجب لهذا النغم الجديد المتنوع كقول نازك الملائكة:
1 في دجى الليل العميق
رأسه النشوان القوه هشيما
وأراقوا دمه الصافي الكريما
فوق أحجار الطريق
2 وعقابيل الجريمة
حملوا أعباءها ظهر العمود
ثم القوه طعاما للحود
ومتاعا وغنيمه
القصيدة من بحر الرمل وهذا التلوين في عدد التفعيلات كان حسب توتر الفكرة لدى الشاعرة وحاجتها إلى التعبير وهي لم تستغن عن القافية وإنما غيرتها من سطر لآخر.
وفي الشعر الحديث هناك نغمة الجملة أو المقطع الكامل الذي يقوم مقام البيت الواحد في الشكل والمضمون يبدو ذلك في قصيدة سعيد عقل:
اركض خلف الوطن المسجون
في غابة الأعراس في طفولة الأجراس
استنفر الأهداب والظنون
حول سرير العشب والحصاد
وأسرج الأفراس
وهناك من جعل الجملة الموسيقية رباعية كما لاحظنا في قصيدة نازك الملائكة.
الشعرالمرسل * وهي محاولة للتحرر كلية من قيود القافية يظهر هذا في قصيدة الشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان.
في الليل إذ تنعس روح الوجود
يخطفني شيء وراء الفضاء كأنما يحملني في الخفاء
ضبابة تسير في تيه
الشعر المرسل يصلح للملاحم والشعر المسرحي لأنها تحتاج إلى حرية كبيرة لتصوير الأحداث والشخصيات. والشعر المرسل ما زال نابيا ينفر منه الذوق العربي. وقد بالغ بعض دعاة التطور في الشعر فتحررا من الوزن والقافية تماما فخرجوا بذلك من دائرة الشعر.
ما زالت قضية تطور الشعر من حيث القالب موضوع دراسات ومناقشات ومهما قيل عنها فقد أكسبت الشعر العربي الحديث تعددا في الأشكال وخصوبة في الأفكار فأصبح مسايرا لنهضة الشعر العالمي.
هذا اخر مقال بعده سنحاول الاجابة على بعض المقالات ...
رد مع اقتباس
goleaaicha
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى goleaaicha
البحث عن المشاركات التي كتبها goleaaicha
قديم 08-02-2007, 04:15 PM رقم المشاركة : 15
goleaaicha
مشرف
الصورة الرمزية goleaaicha
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
goleaaicha غير متصل
goleaaicha is on a distinguished road
افتراضي اول نموذج من سؤال حول مقال من اشئلة البكالوريا
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع الأول .المقال 15 نقطة
يرى بعض النقاد أن المذهب الواقعي لم يكن معاديا للمذهب الرومانسي . غير أن كل منهما يحمل خصائص تختلف عن الآخر .
المـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــطلوب *
اكتب مقالة تناقش فيها هذا الرأي مبينا أوجه الاختلاف بين المذهبين من حيث خصائصهما ومظاهر تأثيرهما في الأدب العربي داعما إجابتك بأمثلة مما درست .
رد مع اقتباس
goleaaicha
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى goleaaicha
البحث عن المشاركات التي كتبها goleaaicha
قديم 08-02-2007, 04:36 PM رقم المشاركة : 16
goleaaicha
مشرف
الصورة الرمزية goleaaicha
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
goleaaicha غير متصل
goleaaicha is on a distinguished road
افتراضي الاجابة
بسم الله الرحمن الرحيم
المــــــــــــــــــــــــقال
الناس في مواجهتهم لبحر الحياة المتلاطم الأمواج أنواع منهم الكلاسيكي المتشبث بالقديم مهما تغيرت صروف الحياة ومنهم الرومانسي الحالم الذي لا يرى الأشياء إلا من خلال نفسه . والواقعي المتصدي للواقع بكل موضوعية وهو أنجحهم .وهذا هو حال المذاهب الأدبية الغربية في تشكلها وتنوعها من كلاسيكية مرتبطة بالقديم فكرا وأسلوبا إلى رومانسية ثائرة عليها رافضة لأسسها حالمة محلقة في الخيال الجامح والعاطفة المتأججة إلى واقعية تنادي بالاهتمام بقضايا المجتمع .
** ولهذا يرى بعض النقاد أن المذهب الواقعي لم يكن معاديا للمذهب الرومانسي . غير أن كل منهما يحمل خصائص تختلف عن الآخر .
وهذا رأي صحيح إذ يرى الكثير من الملاحظين والنقاد أن المذهب الواقعي لم يكن ثورة على الرومانسية ولا عدوا لدودا لها لان الرومانسية في حد ذاتها تحمل بذور الواقعية فقد تعايشا معا وترعرعا في بيئة واحدة جنبا إلى جنب .رغم الاختلاف والتمايز الموجود بينهما فلكل مذهب قواعده وأسسه التي تجعله مختلفا عن الآخر .
ولنثبت صحة هذا القول سنجري مقارنة بين خصائصهما .
خصائص كل من الرومانسية والواقعية :
- الإسراف الشديد في التغني بالذات وتتبع آلامها وتحسس عواطفها وتتبع خلجاتها والإغراق في الخيال .
- لهذا الأمر جاءت الواقعية كردة فعل على الذاتية الرومانسية داعية إلى الموضوعية .
- قامت الرومانسية على أساس فلسفة روسو العاطفية . ودافعت على الطبقة البرجوازية ضد الارستقراطية .
- أما الواقعية فقد تأثرت بالفلسفة الوضعية التجريبية ووقفت إلى جانب طبقة العمال في نضالها المرير لتحقيق العدالة الاجتماعية .
- ارتمت الرومانسية في أحضان الطبيعة فهي المواسي والأنيس والصديق والكتاب الذي تؤخذ منه العبر والدروس . والسباحة في عالم الخيال البعيد والانطواء على الذات .
- غير أن الواقعية ليست ضد أدب الخيال والعاطفة فهي لا تعني نقل الواقع كما هو نقلا حرفيا بل هي تصوير الواقع كما يحسه الأديب إذا هي فلسفة خاصة في فهم الواقع .
- فضلت الرومانسية الشعر’ والشعر يزينه الخيال كما قال حسان بن ثابت .
- بينما آثرت الواقعية النثر من قصة ورواية ومسرحية ’ لأنه الأقدر على تصوير الواقع بمختلف تقلباته .
ولتكتمل هذه الدراسة سنقارن بين تأثير كل مذهب في الأدب العربي .
تأثير الرومانسية في الأدب العربي :
أثرت الرومانسية بشكل كبير في الأدب العربي لسببين هما : -
حاجتنا كعرب إلى التغيير السياسي والاجتماعي ...
– الرومانسية تدعو إلى الثورة على التعسف والقهر وتحرير الإنسان من كل عبودية . فوجد فيها أدباؤنا مجالا للتنفيس عن آلامهم والتعبير عن تطلعات شعوبهم إلى الانعتاق من القيود .فظهرت مدارس أدبية متأثرة بالرومانتيكية منها :
1- الرابطة القلمية *
1920 م بنيويورك أول مدرسة أدبية كونت مجموعة من الأدباء مشتركين تفكيرا وأسلوبا منهم جبران وإيليا ونعيمة ورشيد أيوب ووليام كتسفليس ...حيث جدد هؤلاء في أدبنا العربي من حيث الشكل والمضمون .
من أروع أشعارنا الرومانسية قول إيليا *
فتح الفجر جفنه فإذا الطــــــوفان يغشى المدينة البيضاء
2- مدرسة الديوان :
1921م مرتبطة بكتاب الديوان في النقد والذي ألفه العقاد والمازني متأثرة بالشعر الانجليزي خاصة . دعت إلى التجديد والارتماء في أحضان الرومانسية الغربية .وقد أثرت الساحة الأدبية .ويظهر هذا التأثر في قول شكري :
ألا يا طـــائر الفردوس إن الشـــــعر وجــــــدان
3- جماعة اوبلو:
1920 م بنيويورك أول مدرسة أدبية كونت مجموعة من الأدباء مشتركين تفكيرا وأسلوبا منهم جبران وإيليا ونعيمة ورشيد أيوب ووليام كتسفليس ...حيث جدد هؤلاء في أدبنا العربي من حيث الشكل والمضمون .
من أروع أشعارنا الرومانسية قول إيليا *
فتح الفجر جفنه فإذا الطــــــوفان يغشى المدينة البيضاء
2- مدرسة الديوان :
1921م مرتبطة بكتاب الديوان في النقد والذي ألفه العقاد والمازني متأثرة بالشعر الانجليزي خاصة . دعت إلى التجديد والارتماء في أحضان الرومانسية الغربية .وقد أثرت الساحة الأدبية .ويظهر هذا التأثر في قول شكري :
ألا يا طـــائر الفردوس إن الشـــــعر وجــــــدان
3- جماعة اوبلو:
1932م تأسست في القاهرة برأي احمد زكي أبو شادي ترأسها لفترة وجيزة احمد شوقي ضمت شعراء مختلفي المذاهب منهم إبراهيم ناجي علي محمود طه خليل مطران الشابي ... الذي يلوح في وجه الظالم قائلا *
ألا أيــــها الظــالم المســــتبد حبـــيب الفناء عــــدو الحياة
تأثير الواقعية في الأدب العربي :
كما احتك الأدباء العرب بالرومانسية احتكوا أيضا بالواقعية . لم يترسم الأدباء العرب خطوات الواقعية الغربية المتشائمة التي تنظر إلى الواقع بمنظار اسود ولا الواقعية الطبيعية الملتصقة بالمادي والملموس المجردة للإنسان من حريته وإرادته واختياره وربما كانت الواقعية الاشتراكية اقرب إلى الذهنية العربية .بالإضافة إلى تأثرهم بالإسلام الذي يعتبر الإنسان خير وشر وجانب الخير هو الأوفر.
ويعتبر محمود تيمور أب الواقعية العربية حيث دعا في مقدمة كتابه * الشيخ جمعة وقصص أخرى* إلى الأخذ بالمذهب الواقعي في التأليف القصصي . كما تجلت في كتاب طه حسين * المعذبون في الأرض *وتوفيق الحكيم في* يوميات نائب في الأرياف *... رضا حوحو في * غادة أم القرى *
من خلال ما سبق تتبين أن الأديب العربي عند اطلاعه على هذه المذاهب الغربية كان كيتيم جائع أمام مائدة غني كريم اخذ منها ما استطابته نفسه ورضي عنه خلقه ومجتمعه فلم يقلد الواقعية تقليدا أعمى بل اخذ منها فقط دعوتها لمعالجة والواقع وبعض أساليب المعالجة . أما الرومانسية فقد غرق فيها أدباؤنا غير متناسين مجتمعهم وطموحاته في الحرية فهذا الشابي في قمة الرومانسية يدعو الشعوب لكسر قيود الاستعمار بقوله :
إذا الشـعب يوما أراد الحــياة فلا بـــد أن يستجيب الـــــقدر
وليس عيبا أن نستفيد من غيرنا شرط المحافظة على أصالتنا وهويتنا العربية .
اتمنى ان تكونوا قد استفدتم من هذه الطريقة المنهجية في معالجة سؤال كهذا
انه سؤال الفترة الاولى الذي قدمته لطلبتي ...
مع الف تحية وسلام
الى لقاء قريب ان شاء الله مع اسئلة جديدة .
رد مع اقتباس
goleaaicha
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى goleaaicha
البحث عن المشاركات التي كتبها goleaaicha
قديم 12-02-2007, 11:22 PM رقم المشاركة : 17
goleaaicha
مشرف
الصورة الرمزية goleaaicha
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
goleaaicha غير متصل
goleaaicha is on a distinguished road
افتراضي
السلام عليكم
مقال جديد عبارة عن سؤال حول الكلاسيكية .
الموضــــــــــــــــــــــــــــــــــوع الأول 15 نقطة
{ الرومانطيقية تعني الخيال والعاطفة والتعبير عن الذات والهروب من الواقع والإبداع ونبذ التقليد.}
المطــــــــــــــــــــــــــــــلوب
اكتب مقالة أدبية تشرح فيها هذا القول مبينا أوجه الاختلاف بينها وبين الكلاسيكية
رد مع اقتباس
goleaaicha
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى goleaaicha
البحث عن المشاركات التي كتبها goleaaicha
قديم 12-02-2007, 11:29 PM رقم المشاركة : 18
goleaaicha
مشرف
الصورة الرمزية goleaaicha
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
goleaaicha غير متصل
goleaaicha is on a distinguished road
افتراضي
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
مقال جديد عبارة عن سؤال حول الكلاسيكية والرومانسية .
الموضــــــــــــــــــــــــــــــــــوع الأول 15 نقطة
{ الرومانطيقية تعني الخيال والعاطفة والتعبير عن الذات والهروب من الواقع والإبداع ونبذ التقليد.}
المطــــــــــــــــــــــــــــــلوب
اكتب مقالة أدبية تشرح فيها هذا القول مبينا أوجه الاختلاف بينها وبين الكلاسيكية .
الى لقاء جديد مع الاجابة ان شاء الله ...
رد مع اقتباس
goleaaicha
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى goleaaicha
البحث عن المشاركات التي كتبها goleaaicha
قديم 12-02-2007, 11:49 PM رقم المشاركة : 19
goleaaicha
مشرف
الصورة الرمزية goleaaicha
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
goleaaicha غير متصل
goleaaicha is on a distinguished road
افتراضي الاجابة
** الموضوع الأول* المقال*
عاشت اروبا عصور الظلام والضباب بعيدة عن الحضارة التي تقوم على العقل والعلم والعمل. وما أن استفاقت من سباتها حتى قررت الأخذ بأسباب الحضارة،
من نهضة فكرية وعلمية وأدبية. فكانت الفلسفة العقلية بزعامة ديكارت التي انبنى عليها المذهب الكلاسيكي. الذي استقى أسسه ومبادئه من كتاب فن الشعر لبوالو. إذن كان ظهور هذا المذهب الأدبي استجابة لحاجات الطبقة الأرستقراطية وتعبيرا عن الحالة النفسية السائدة في القرن الخامس عشر.
أما الرومانسية فقد ظهرت على أنقاض الكلاسيكية في أواخر القرن الثامن عشر.على فلسفة العاطفة التي يمثلها روسو وعلى أساس اجتماعي يتمثل في بروز طبقة جديدة هي البرجوازية التي عبرت عنها الرومانسية وبينت حالة القلق والكآبة التي سيطرت على المجتمع الاروبي خاصة بعد فشل ثورة نابليون.
ولهذا فصاحب هذا القول صدق حين اعتبر الرومانطيقية تعني الخيال، والعاطفة والتعبير، عن الذات والهروب من الواقع والإبداع، ونبذ التقليد. فهذه النقاط التي ذكرها صاحب القول تعد أهم خصائص المذهب الرومانسي. فهو ادن يتسم بالإسراف العاطفي لأنه يعبر عن ذات صاحبه وما يجول فيها من أحاسيس وعواطف؛ فالقلب هو الملهم الهادي وهو موطن الضمير والإحساس والذوق.وهو أدب الخيال لكونه يميل إلى التعبير غير المباشر عن طريق الإيحاء والتصوير والإكثار من ألوان البيان. وبما آن الأدب الرومانسي نشأ في فترة يغلب عليها الطابع التشاؤمي لجأ أدباء هذا المذهب إلى الهروب من الواقع واللجوء إلى الطبيعة وجعلها ملاذا ومحاورا وصديقا وأنيسا. كما ثار رواد الرومانسية على المحاكاة والتقليد ودعوا إلى الإبداع والتجديد وتحطيم كل القواعد التي فرضتها الكلاسيكية ردحا من الزمن على الأدب.فهو أدب ابتكار وتجديد ثائر على كل ما يمت بصلة إلى الآداب اليونانية واللاتينية القديمة .
ويعد عملاق الأدب الإنجليزي الشاعر شكسبير أول من نسج خيوط الرومانسية في مسرحياته الرائعة التي حلل فيها النفس البشرية ثم اتسعت في أعمال وردز ورث و كلوريدج . ومثلها في بريطانيا جوته و وتشيلر. واتسع نطاقها في إبداعات العملاق فكتور هيجو الذي يعد بحق أب الرومانسية. بمقولته المشهورة:
{يجب أن نخلص الشعر من الموضوعات المأخوذة من عصور غريبة عنا}
أما عن أهم ما يميز الأدب الرومانسي عن الكلاسيكي نجمله في النقاط التالية:
خصائص الكلاسيكية
و خصائص الرومانسية
- اعتمادها على الفلسفة العقلية فالعقل هو السلطان
- اعتادها على العاطفة بتقديم الخيال على العقل .
الذي يقود الخيال والوجدان.
- الإغراق في الغنائية و الذاتية مما أدى إلى رواج
- رواج الأدب الموضوعي والمسرحي خاصة .
- الشعر الغنائي.
- التعبير عن حاجات الطبقة الأرستقراطية .
- التعبير عن انشغالات الطبقة الوسطى والدنيا
- محاكاة القدماء والالتزام المطلق بأصولهم وقواعدهم.
- الثورة على القديم والدعوة إلى الإبداع.
- اقتباس الموضوعات من القديم.
- تحرير الأدب من الموضوعات القديمة.
- الحرص على جودة الصياغة اللغوية وفصاحة التعبير.
- استعمال اللغة السهلة والعبارات المرنة.
- أدب الصنعة.
- أدب التلقائية والسليقة.
يتجلى لنا بشكل واضح من خلال هذه المقارنة البسيطة أن الرومانسية هي العدو اللدود للكلاسيكية فهما على طرفي نقيض فقد ثارت الرومانسية على الأدب الكلاسيكي شكلا ومضمونا.وهذا الاختلاف أثرى الأدب العالمي والعربي بقوالب أدبية متنوعة مختلفة أفكارا وأسلوبا.واستفاد منها الأدباء العرب كثيرا لإحداث التغيير المطلوب الذي كان في أمس الحاجة إليه أدبنا العربي حتى يصبح مجاريا للعصر ومواكبا للآداب الإنسانية.
الى لقاء قريب مع مقال جديد ان شاء الله
رد مع اقتباس
goleaaicha
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى goleaaicha
البحث عن المشاركات التي كتبها goleaaicha
قديم 13-02-2007, 10:20 AM رقم المشاركة : 20
goleaaicha
مشرف
الصورة الرمزية goleaaicha
الجنس: female
اسم الدولة Algeria
goleaaicha غير متصل
goleaaicha is on a distinguished road
افتراضي
بسم الله الرحمن الرحيم
مقال جديد
قيل : ( لا ينشط الشعر السياسي الا في اوقات الشدة والحصار وكثرة الفتن ...)
المطــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلوب :
اكتب مقالا ادبيا تشرح فيه هذا القول . مبينا اهم مراحل تطور هذا الفن . وما هي اهم المواضيع التي تناولها الشعراء في العصر الحديث .
مدعما اجابتك بالشواهد الشعرية .
بالتوفيق والى لقاء قريب مع الاجابة
ان شاء الله
التسميات:
الرومنسية الكلاسيكية ...................
الاشتراك في:
التعليقات (Atom)