الاثنين، 12 أبريل 2010

العنف والصراع الدرامي في الأدب

العنف والصراع الدرامي في الأدب

يتساءل الروائي البريطاني تيم باركس عما إذا كان لا يزال للعنف مكان في الأدب، في مقالة نشرها في الغارديان اخيرا بعنوان «العنف والصراع الدرامي في الأدب» هذا نصها: «لقد افتتن الأدباء القدامى بتجسيد العنف في مؤلفاتهم القصصية، كما شغفوا علاوة على ذلك بالصراع الدرامي، باعتباره الاختبار الحقيقي لأبطالهم . كتب هوميروس في إلياذته: آنذاك أطلق أجاكس بدوره رمحه الدائمة الظل.
وارتطم السلاح الثقيل بالترس المستديرة التي كان يحملها ابن بريام. اخترقت الترس المتألقة من شدة الوميض، وشقت طريقها متخللة الدرع الواقية، مدفوعة إلى الأمام بقوة، مزقت الرداء الطويل الذي كان يغطي خاصرة هيكتور . إلا أنه انحرف قليلاً، وهكذا فقد أنقذ نفسه من موت محقق. أما الآن فها هما الاثنان، وقد أشهر كل منهما رمحه الطويل، وخر ساقطاً على الآخر كما يسقط الأسد على فريسته، أو كما يفعل ذكر الخنزير ، الذي لا يستهان بقوته...».
على الرغم من أنه لم يتسن لي الاستمتاع بهذه المشاهد الملحمية الطويلة.إذ كنت أتخطى ذلك وصولاً إلى المفردات الميتة. إلا أنني تعلمت أن أحب كتاباً أمثال جيمس جويس وفرجينيا ولف وجميع، أولئك الذين لم تتضمن أعمالهم سوى القليل من مشاهد الصراع الدرامي .
وكما يعبر عن ذلك فرانك بدغن صديق جويس فقد كان مؤلف يوليسيس مؤمناً بأن «الكيفية التي يشد بها الرجل رباط حذائه أو يأكل بها بيضته يمكنها أن تكون المفتاح الأفضل للمفاضلة بينه وبين الآخرين على العكس مما يمكن أن يفعله مثلاً ذهابه للحرب ... وكذلك تشير الكيفية التي يقطع بها رغيف الخبز إلى شخصيته على نحو لا يفعله قطعه لرقبة إنسان . إضافة إلى أنه لا يمكن لأي من الاعتداء على الآخرين بالقتل أو الانتحار أن يعبر عن صفة مميزة على نحو ما تعبر عنه طريقة وضع القبعة على الرأس».
إن من الصعب على المرء ألا يشعر هنا بالكره ،الشعور الذي لا يقتصر على الصراع الدرامي القصصي فقط، وإنما يتعداه إلى ما يحدث في الحياة ، وهو نوع من الكره الذكي، الذي يمكن إدراكه، خاصة، وأنه كان قد ظهر ، في المرحلة التي أعقبت الحرب العالمية الأولى . والواقع أنه شعور يتقاسمه بلا شك أولئك الذين يهتمون على الدوام بصناعة الأدب والنقد، الذين يميلون بوجه عام إلى التشكيك في الأعمال التي تحتوي على تمثيل موسع للعنف .
غير أنك وإن كنت تفضل رواية يوليسيس على رواية القلب الشجاع ، أو على مشاهد القتال التي تحتوي عليها ملحمة هوميروس لأسباب تتعلق بهذه الجزئية، إلا أنه لا يمكنك التخلي عن الشعور بان جويس كان مخطئاً فيما يتعلق بكل من الشخصيات والأحداث، وأن الكيفية التي يتوجه من خلالها الرجل إلى الحرب أو يتورط في العنف تبدو أكثر أهمية بالنسبة لنا من الطريقة التي نضع بها القبعة على رؤوسنا أو نحمل بها ملعقة البيض .
وكذلك لا يمكن حتى لأي شيء أن يحرك الذهن بالطريقة ذاتها التي تؤثر بها دقيقة واحدة من العنف الجسدي الحقيقي، ذلك الشيء المرعب الذي يذكر بوجودنا المادي الهش في هذا العالم، هذا لو كنا من أولئك المهتمين بالوعي في الأساس.
بعد عشر سنوات أو أكثر من نشر جيمس جويس رواية يوليسيس، قام كل من أورويل ولوري لي أيت أل بحمل بندقيته والتوجه لقتال الفاشية في إسبانيا. ومن ثم تحول تجسيد العنف والصراع إلى رواية جادة لحظة الشعور بالذنب فيما كان المثقفان يقفلان عائدين من بارناسوس لكي يكونا في وضع دفاعي ضد فضائع الدكتاتورية الشمولية.
إن لدينا مثالاً على ذلك مأخوذاً من أعمال قيصر بافيز، أحد معاصري أورويل ومترجم جويس إلى الإيطالية. في رائعته « منزل فوق التلة » 1949 يجد معلم، من تورين، يشعر بالعداء الشديد للفاشية، نفسه عاجزاً عن اللحاق برفاقه في الكفاح المسلح. غير أنه يجد نفسه مكرها على المغادرة إلى الريف من الجانب الآخر لكي تباغته شاحنة محملة بالجنود الفاشيين، يقوم رفاقه بمهاجمتها في وقت لاحق:
كان هنالك انفجار حقيقي، على مقربة منه، في أقصى الطريق. أصوات رشاشات وانفجار قوي. تلته عدة انفجارات، والمزيد من إطلاق النار. توقفت المحركات. وتردد في الهواء عواء الرصاص الحزين. عندما يتوقف يتابع المعلم سيره لكي يصل إلى المشهد الذي يجسد المجزرة:
أحد الجنود ـ بزيه الرمادي المخضر ـ كان منكباً على وجهه بينما قدماه لاتزالان معلقتين في الشاحنة. بقايا دم ودماغ تنساب من مكان اسفل وجنتيه.
وبالنظر إلى عدم اعتياده على مشاهد العنف الجسدي، وإرغامه على مشاهدتها على شاشة التلفاز بشكل يومي، فإن الإنسان الغربي المعاصر معرض باستمرار إلى التذكير بأنه غير ملم بالتجربة الكاملة. والواقع أنه في أثناء خوفه من العنف يجد نفسه مضطراً إلى الافتتان به. وعلى الرغم من بحثه الجاد عن فرصة للقيام بدور البطولة، أو الوحشية، إلا أنه لا يبدو راغباً في لعب دور المغفل.
وبالتالي فلا غرو إذاً في أن تكون هذه الفتنة التي ساعدت توجهات أخلاقية جادة، تبناها كتاب من أمثال أورويل، على تحويلها على جناح السرعة إلى صناعة قصصية متخصصة في إنتاج شخصيات بغيضة تميزها الدكتاتورية لاستخدامها بشكل حصري وبالنيابة عنا في جلب الشعور بالاستمتاع بمشاهدة أبطالنا وهم يقومون بقتل أعداد لا يمكن حصرها من الأعداء المجهولين.
على الرغم من ذلك فإن ثمة توجهات إيجابية أخرى تجاه العنف في الأدب .
حيث يبدو كل من لورنس وهمنغواي شغوفين بالعنف الدرامي باعتباره شكلاً من أشكال المعرفة إذا لم يكن البطولة. أما لورنس، المسالم، فقد كان يبحث عن العنف في كل مكان ما عدا الحرب. كان يفتش عنه لدى النساء في الحب. بالنسبة لهمنغواي، كان متمثلاً في الطبيعة، التي تعيد إلى الإنسان الإحساس بمكانه في هذا العالم. وبعد سنوات، أو على الصفحات، تصبح ذاكرة العنف هي الشيء الذي يقود الذهن على نحو شديد السرعة.
في رواية «ثلوج كليمانغارو» 1938 كتب يقول كان الثلج أيضاً هو الشيء الذي استمر في التساقط طوال الأسبوع الذي شهد احتفالات عيد الميلاد في تلك السنة .... وكانوا ينامون على فراش محشو بأوراق شجر الزان ، كانت اللحظة التي وصل فيها الآبق من الجندية بقدميه الملطختين بالدماء جراء سيره وسط الثلوج.
في شرونز، في صبيحة يوم عيد الميلاد، كانت الثلوج متألقة فتنة حتى أنها كانت ستجرح عينيك لو نظرت من النافذة باتجاه الخارج ثم شاهدتهم كلهم وهم يعودون من الكنيسة متجهين إلى منازلهم.
إن ما يثير الاهتمام هنا هو ذلك التحول ـ في فقرة واحدة ـ الذي على الرغم من خروجه من إطار الانهماك في العنف السياسي إلى الشعور بالسعادة الغامرة، إلا أنه يظل باقياً في إطار العنف «الملحمي» إن ما يفعله همنغواي هو الانتقال بنا إلى شكل من أشكال البطولة، مختلف، ومميز بالحداثة.
بعيد عن البشاعة التي تميز المعارك التقليدية. حيث تسلق الجبال واستخدام الباراشوت والقوارب النهرية. إذ أننا هنا لسنا بصدد البحث عن أسلحة دمار شامل أو العمل على إعادة بلد ما إلى الديمقراطية أو حتى محاولة الكشف عن الأخطار الجمة التي تهدد العالم. هنا لا توجد حتى أية مزاعم للاكتشاف أو الاختراع.
بقلم : تيم باركس
ترجمة : مريم جمعة فرج

مقالة عن المسرح/ منقولة

تطور الصراع الدرامي المسرحي


خالص عزمي
khalis_azmi@hotmail.com
الحوار المتمدن - العدد: 2134 - 2007 / 12 / 19
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع Bookmark and Share

ظلت المسرحية لعقود في عصرنا الحاضر أسيرة الاقانيم الثلاثة والعائمة تبسيطا على سطح الصراع الدرامي الظاهر فوق خشبة المسرح ؛ ذلك ان بعض مؤلفينا كانوا ولم يزلوا يستسهلون ايصال الافكار المقتبس جلها عن المسرح الاوربي بعامة ؛ الى المشاهد المتلقي الذي لم يكن متكيفا ثقافيا على التعمق مع تقاليد المفاهيم المسرحية والخروج منها بمحصلة تعتمد اساسا لادراك مهمة التأليف الدرامي .
وعلى هذا فقد ظل الصراع الدرامي على قاعدة المؤلف العربي في اوائل القرن الماضي ؛ معناه معارك الخصومة ذات المظهر الواضح على الخشبة وكأنهاجاءت لاثبات عنصرين متشابكين متنافرين لايخرجان عن دائرة الخير والشر ؛ او الخلق الرضي والتردي المتناهي ؛ او الجبروت والضعف أو التشابك الاسري والقبلي ... الخ وكان المشاهد يدرك تماما( حسب تلك المقاييس ) ان الخير لابد ان ينتصر في نهاية المطاف وكان المؤلفون ـ من هذا النوع ــ لايرهقون انفسهم في الكشف عن صيغ ومفاهيم اخرى ؛ غير التي ترضي سذاجة المتلقي الذي باركوا هم ايضا تجمده في مواقع الاغتراف الميسور للنتاج المطروح .
ان تطور فن المسرح عالميا وفي مختلف عناصره ؛ قلب كثيرا من مقياس بناء النص ؛ وما صاحبه من المكونات الاساسية الاخرى مثل ( تفسير المحتوى و الاخراج ؛ الديكور ؛المؤثرات الالكترونية في النقل والضوء .... الخ ) قد خلق توعية جديدة مؤثرة في فهم المشاهد ؛ ومن هنا اصبح مهمة المؤلف ايسر في طرح افكاره الابداعية على اجنحة جديدة من الصراع الدرامي؛ ومن تلك الوسائل المعمقة انعاش الموحيات والرموز والتوتر والانفراج ؛ والتي كانت هي ذاتها من اهم شواخص تنشيط السيمفونيات للاحاسيس الذهنية وتوجيها لمعنى مشوق للصراع ؛ كما ان تنوع الصيغ المسرحية المستحدثة كـ ( التجريبي ؛ والارتجالي ؛ والرمزي ؛ والسوريالي .... الخ ) قد خلق نماذج فكرية ديناميكية في اسلوب ابراز الصراع الدرامي تجلت في صيغ من الايماءات والاشارات والصمت المعبروالتي عملت على تقوية ابرازها على المسرح؛ ثورة الآلكترونيات المتجددة يوميا و في مختلف مجالات الابداع المسرحي بشكل عام .
لم يكن هذا التطور الخلاق في المسرح وابتداع اساليب لاحصر لها في مفهوم الصراع ؛ محصور في التأليف المسرحي ؛ فقد كان له تأثيرات وأنعكاسات اخرى في فنون منوعة ؛ كالرسم والنحت والموسيقى والشعر والقصة والرواية ؛ حيث خرجت هي الاخرى عما كان مؤلوفا فيها من تكوين و صراع فني داخلي نمطي في الشكل والمضمون ؛ الى ساحات واسعة من ذلك التطور المتجدد النشط . فلو رجعنا الى الشعر المعاصر ــ على سبيل المثال ــ لوجدنا ان هناك مطولات اخضعت مفاهيمها للمحات واضحة من الصراع الدرامي ايضا مثل ( الحوادث الكبار ) لشوقي و( الحرب الروسية ) للبارودي ؛ و( نيرون ) لمطران ؛و( طرابلس ) للرصافي ؛ و( ايها الأرق ) للجواهري ؛ و( غلواء ) لأبي شبكة ؛ و ( عيد الغدير ) لبولس سلامة ... الخ ؛ بل ان بعضها مزج ما بين القصة والحوار وبتغليب العنصر الدرامي على العمل مثل ( أنيتا ) للجواهري ؛ و( المومس العمياء ) للسياب ؛ و( الشيخ والفتاة ) لرشيد أيوب ؛ و( الارملة المرضعة ) للرصافي . ناهيك عن المسرحيات الشعرية التي اعتنت بوضوح على هذا الجانب ؛ كما في اعمال (كليو بترا ) لشوقي ؛ و( العباسة ) لعزيز اباضة ؛ و ( الاسوار ) لخالد الشوف ؛ و( في ارض الجنتين ) لمحمد الشرفي . حيث تلامع بين سطورها وضوحا ؛ او رمزا ؛ او ايحاءا ... الصراع الدرامي الذي نتحدث عنه .
كما استعمل بعض كتاب المسرح صيغا اخرى غير هذه او تلك ؛ للتعبير عن الاحتدام في اطار من الدرما ؛ كالاستفادة من الاساطير الهامسة ؛ او الموروث الشعبي التضميني ؛ او لمحات صغيرة من حركة التاريخ ؛ باسلوب تتداخل فيه الاصوات بتشابك من الحبكة المحببة التي تحتاج هي الاخرى الى تفسيرات يساعد على ابراز مكوناتها الاخراج الواعي في جوانب الصراع الدرامي الذي هدفت النصوص الى ايصاله للمشاهد .
ومن امثلتها ( مأساة الحلاج ) و ( بعد ان يموت الملك ) لصلاح عبد الصبور ؛ و ( الفتى مهران ) و( وطني عكا ) لعبد الرحمن الشرقاوي ؛ و( العين السحرية ) و ( وطني عكا ) لالفريد فرج ؛ و ( حفلة سمر من اجل 5 حزيران ) و ( الملك هو الملك ) لسعد الله ونوس و( الطوفان ) لعادل كاظم .
كما يتجه المؤلفون في كثير من الاحيان ؛ الى استنطاق الامكنة والازمنة من خلال جمل شديدة الخصوبة والايحاء والاسقاطات في الحوار ؛ لكي يمنحو ا مسرحياتهم الصراع المتحرك الرامز المطلوب ؛ كما في مسرحيات ( محاكمة في نيسابور ) للبياتي ؛ و ( ملحمة كلكامش ) لسعدي يونس و ( سكة السلامة ) لسعد الدين وهبه و( الشريعة ) ليوسف العاني و ( ملك القطن ) ليوسف أدريس ..... وغيرها كثير .

و لقد حاولت بدوري ابراز مثل هذا الصراع الدرامي في اعمالي المسرحية المنشورة ؛ مستخدما التصريح تارة كما في ( قطار الشعر العربي ) حيث يدور حوار التجاذب الفكري المباشر موضحا الصراع الفكري ما بين الشعر العمودي ( شعر الشطرين ) و الشعر الحديث ( شعر التفعيلة ) ؛ اما في مسرحية ( المهجرون ) ؛ فقد كان الصراع ما بين قوى التهجير ؛ والمغتربين قسرا مستخدما صيغة التلميح تارة والتصريح اخرى في نسيج الحوار ؛وفي مسرحية ( عند الأمتحان ) كان الصراع ما بين المستشار الاجنبي والطالب العراقي المدافع عن وجود وحضار وطنه العراق ؛ ثقافيا ما بين مفهومين يمثل كلا منهما حضارة لها شخصيتها وتأريخها ؛ في حين بلورت مسرحيتي ( المطاردة ) قمة صراعها الدرامي في تنافر موقف سلطات الاعلام المسيسة المتحكمة بشراسة في قمم الصحف والمواقع ... وغيرها وما بين الذين يدافعون عن قيم الحرية الذهنية الحقيقية وقدسية الكلمة . ويعطينا النموذج التوضيحي في اداناه ؛ الصيغة المستخدمة في ابراز مفهوم الصراع الدرامي في تلك ( المطاردة ) : ـ
من المشهد الاول : بداية الصراع ((
سمية ـ ولكن الغريب في الامر والسؤال المحير ؛ لماذا امتنعت ثلاث صحف عن النشرمرة واحدة .
أكرم ـ لابد من ان يكون هناك ايعاز ؛ او توجيه مباشر من المختصين
وجيه ـ لعل الاتفاق قد جرى بين رؤساء التحرير أنفسهم !
خالد ـ ( يلتفت الى أكرم ) انا اؤيد ما ذهبت اليه ؛ هناك توجيه صارم بعدم نشر اية مادة لي ؛ ومن يدري فربما يعمم هذا الايعاز على صحف أخرى ؛ بل وربما تمنع احاديثي الاذاعية ايضا ))
من المشهد الثاني : حقيقة الصراع ((
أحمد ــ ان صحيفتنا كما تعلم صحيفة دولية واسعة الانتشار ؛ وهي ممولة لان تكون محايدة وديمقراطية ومتحررة ذهنيا :
ولذلك يصعب علينا كمحررين نعمل في هذا الاطار العام ؛ ان ننشر بعض مقالاتك التي تتعرض فيها الى قضايا هي حساسة جدا وتشكل لنا صعوبات امام العديد من الجهات ؟ ( يشير الى بديع) والان سيكمل الاستاذ بديع الموضوع .
بديع ـ هناك قسم من المقالات نشرناها ....
خالد ــ ( مبتسما ) أي قبل ان تصدر تعليمات المنع !
بديع ـ ليس كذلك ؛ وانما المقالات التالية لما نشرناه كان قاسيا ومباشرا وشديد المجابهة
خالد ــ وماذا تريد من كاتب ان يقول ؛ ويرى بلاده محتلة ؛ ودولته مدمرة ؛ وشعبه مداهما ؛ ومسروقا ؛ ومعذبا ؛ هل هناك شعب يقبل بهذا الهوان ؟ انه شعب يؤخذ عنوة نحو مجاهل العصور لحجرية ))

من المشهد الثالث : ذروة الصراع ونتيجته المأسوية ((
هيلما ـ ( بارتياح ) اذن انت مقتنع بان استمرارك في النشر يحقق لك ما تريد ؟
خالد ـ ( مقهقها ) لاسيدتي ... لم اكمل حديثي بعد للوصول الى نتيجة اخرى من المطاردة !!
كونك ــ يا لسخرية القدر ان كان هناك مزيد من المطاردة ؟!
خالد ـ ( يهز رأسه بحسرة وألم ) سأكمل حديثي ... لكي اسدد بعض النفقات المادية ؛ فقد لجأت الى المساعدة في حملات قطع الكروم مع اصدقائي الفلاحين كما ترون والذي تطلقون عليه انتم ( واين ليزه) ؛ اما النشر فقد اخذ يتقلص تدريجيا ؟
هيلما ـ ( باستغراب ) يتقلص ؟ ومجانا ! ؛ وبشهرتك ومكانتك !؛ ومع ذلك يتقلص ؟!
خالد ـ الاعذار شتى ؛ واغلبها مضحك وغير مقتع لاصحاب بعض المواقع انفسهم ! لقد لاحظت بأن ذلك التقلص يتناسب طرديا كلما عقد مؤتمر او مهرجان او اجتماع مسّيس ؛ هنا اوهناك ؛ حيث تشترى مواقع وصحف و ذمم ؛ بصيغ ومسببات لا حصر لها ؛.وكنت دائما من بين عدد من الكتاب الافاضل الذين تشملهم ( مكرمة ) المطاردة ؛ ولكن اصراري على ايجاد البدائل للنشر ما زال قائما ومتماسكا ))

لقد ارادت هذه المسرحية ان تؤكدايضا على مبدأ حضاري هو وجوب الموازنة الدقيقة في العلاقة بين ما هو شخصي وآخر عام حيث لايجوز المزج بينهما ؛ كعلاقة الدكتور خالد وصديقه الحميم أحمد سكرتير تحرير الصحيفة البارزة ؛ والذي لم يستطع ان يقدم العون تحت وطأة قرارات عليا لم يكن بمقدوره تجاوزها ؛ فاوضحت المسرحية بعدها عن التوفيقية ؛ واستلهامها ذلك المبدأ الذي لا مناص منه في اطار الصداقة ألا وهو التفريق في العمل .. ما بين ما هو عام وآخر خاص .

في الختام ؛ ارى ان لايكتفي نقاد المسرح بالاعتماد على النص المكتوب وحسب في نقدهم ما دام النص معدا اساسا للاخراج المسرحي ؛ذلك ان التغيرات التي تحدث عند اخراجه وابراز سماته العميقة عند التفسير الفني له ؛ سيحول لغته الدرامية المكبوته ؛ الى صيغة تشع دلالات وأيحاءات ورمزا للمشاهدين . وليس أدل على ذلك من تنوع اخراج مسرحية ما من قبل مخرجين افذاذ عبر اجيال كثيرة أعطوها نكهة تختلف من واحد الى آخر ؛ في حين ان النص كان ولم يزل ذاته . وأكثر من ذلك ؛ فان تحويل بعض المسرحيات الى صيغ من الاوبرا او البالية او الاوبريت او العرائس كما حدث مع كسارة البندق ـ تأليف المبدع الالماني هوفمان ومن موسيقى والحان العبقري تشايكوفيسكي ؛ قد منحها دما جديدا دفاقا ؛ واضاف اليها تفسيرات شديدة الخصوبة وابعادا لم يلتفت اليها الكثيرون عند قراءتهم للنص وهو مكتوب على الورق وحسب .
وعليه فان نمطية الصراع الدرامي المسرحي قد تغير كثيرا في منهاجه عن مفهوم الخصومة والمنازلة او الهجوم والدفاع الذي تعارف عليه القاريء او المشاهد ؛ حيث توجه وبالتطور والتدريج ـ نحو مجاله الاعمق في التعبير عن ذروة فلسفية تعنى بالصدمة والتأزم والتوتر للوصول الى قمة الحدث الاهم في البناء المسرحي وهو الهدف الذي يسعى اليه أي مؤلف ؛ ينشد ابراز عمق المعنى الجوهري في بساطة لغوية ( هي من السهل الممتنع ) ؛ بحيث تصل الى القاريء او المشاهد او المستمع بكل يسرووضوح .

الأحد، 11 أبريل 2010

ملف حول المسرح //عن دفاتر

المَسْرَح شكل من أشكال الفنون يؤدى أمام المشاهدين، يشمل كل أنواع التسلية من السيرك إلى المسرحيات. وهناك تعريف تقليدي للمسرح هو أنه شكل من أشكال الفن يترجم فيه الممثلون نصًّا مكتوبًا إلى عرض تمثيلي على خشبة المسرح. يقوم الممثلون، عادة بمساعدة المخرج على ترجمة شخصيات ومواقف النص التي ابتدعها المؤلف.

عادة ما يكون الحدث المسرحي الناجح عملاً مشوقًا لكل من المشاهد والممثل والفني، بغض النظر عن مكان عرضها: مسرحًا محترفًا أو مسرحًا مدرسيًّا أو مجرد مساحة أقيمت مؤقتا لهذا الغرض. وتندرج العروض من التسلية الخفيفة، مثل العروض الموسيقية والكوميديا، إلى تلك التي تبحث في مواضيع سياسية وفلسفية جادة.

وليس المسرح كالمسرحية بالرغم من أن الكلمتين تُستخدمان عادة وكأنهما تحملان المعنى نفسه، ذلك لأن المسرحية تشير إلى الجانب الأدبي من العرض؛ أي النص ذاته. وعلاقة المسرح بالمسرحية علاقة العام بالخاص، أو بمعنى آخر: المسرح شكل فني عام، أحد موضوعاته أو عناصره النص الأدبي (المسرحية). انظر: المسرحية. ويعتقد بعض النقاد أن النص لا يصبح مسرحية إلا بعد تقديمه على خشبة المسرح وأمام الجمهور. ويقول آخرون: إن النص ليس سوى مخطط يستخدمه المخرج والفنانون الآخرون كأساس للعرض.

والعرض المسرحي من أكثر الفنون تعقيدًا؛ لأنه يتطلب العديد من الفنانين لأدائه. ومن بين هؤلاء المتخصصين: المؤلف والممثلون والمخرج ومصممو الديكور والأزياء والإضاءة ومختلف أنواع الفنيين. كما تتطلب بعض العروض الأخرى مصممي رقصات وموسيقيين وملحنين. ويُسمى المسرح أحيانًا الفن المختلط؛ لأنه يجمع بين النص والجو الذي يبتكره مصممو الديكور والإلقاء والحركات التي يقوم بها الممثلون.

كان الكاتب المسرحي في عهد المسرح الأول يقوم بجميع الأعمال الفنية مثل كتابة النص والتمثيل والإخراج، وبالتدريج أصبح هناك مختصون. وبرزت فنون المسرح العديدة، واكتسب كلٌّ من الممثل وكاتب النص شهرة في البداية بسبب أن الواحد منهما يعتمد على الآخر في إخراج فنهما إلى حيز الوجود.

وفي المسرح الحديث، اعتاد المخرج على مواءمة جميع خصائص العرض من تصميم الديكور إلى تصميم الأزياء والإضاءة والمؤثرات الصوتية والموسيقية والرقص. وربما كان أهم عمل للمخرج هو قيادة الممثلين في عملية إبداعهم، ومساعدتهم على أداء أدوارهم.

بناء المسرح الحديث
الصالة.

هي الجزء الذي يجلس فيه المشاهدون خلال العرض. وبشكل عام، تحتوي الصالة على مرافق أخرى مثل شباك التذاكر والمداخل والمخارج وأماكن الاستراحة والعرض وتناول المرطبات.

تسمح الصالة المصممة تصميمًا جيدًا للجمهور بالمشاهدة والاستماع بسهولة، كما تسمح لهم بالدخول والخروج من أماكنهم بيسر. ويكون داخلها مزينًا بصور جميلة ولكن ليس لدرجة تشغل المشاهدين عن التركيز على العرض على خشبة المسرح. ويتراوح حجم الصالات بين الصغير والكبير؛ كما أنها تختلف في مرافقها الأساسية. وتكون مقاعد الصالة جميعها في طابق واحد أو في الطابق الرئيسي أو في واحدة أو أكثر من الشرفات الداخلية. وكانت الصالات القديمة تحتوي على مقصورات خاصة قريبة جدًا من خشبة المسرح. أما في المسرح الحديث فيتقاسم الممثلون والمشاهدون نفس الحيز في الصالة.

يتغير ترتيب مقاعد المشاهدين في العديد من المسارح من عرض لآخر. وفي حالات معينة يُطلب من الجمهور تغيير أماكنهم أثناء العرض. وتُسمّى العروض التي تتطلب تغيير ترتيب مقاعد الجمهور أو تحتم على الممثلين التنقل بين المشاهدين في بريطانيا بعروض البرومينيد.


خشبة المسرح.
هناك أربعة أنواع رئيسية من خشبة المسرح الحديث: 1- خشبة المسرح الوجاهية 2- خشبة المسرح المفتوحة، وتسمى أيضًا خشبة المسرح الناتئة 3- خشبة المسرح المدوَّرة 4- خشبة المسرح المرن. وتوجد كل من هذه الأنواع نوعًا معينًا من العلاقة بين الممثلين والمشاهدين ويتطلب كل منها ترتيبًا من الإخراج.

خشبة المسرح الوجاهية هي الأكثر شيوعًا ومصممة لتشاهد من الأمام فقط، وتسمى في بعض الأحيان إطار الصورة، لأن المساحة التي يرى المشاهدون الأحداث من خلالها تشبه إطارًا للديكور وتحركات الممثلين؛ كما أن لها تسمية ثالثة وهي القوس الوجاهي. ويحتوي هذا النوع من خشبة المسرح على مساحة في مقدمته تفصل مقاعد الجمهور عن تلك التي خلف الإطار. ويمكن للموسيقيين الجلوس في هذا الحيز دون حجب رؤية مكان العرض عن المشاهدين.

في خشبة المسرح المدوّر، يجلس الجمهور المشاهد على جوانب المنصة الأربعة. وتحتوي جميع المسارح من هذا النوع على عدد محدد من المقاعد. وتكون المنصة المستعملة في المسرح المدوّر منخفضة تسمح للمشاهد برؤية كل ما يجري في دائرة الحدث على المسرح. ودائمًا ما توضع في نهاية الممشى أو خلف المشاهدين. ويتم تغيير المناظر في الظلام أو على مرأى من المشاهدين. ويدخل الممثلون إلى المسرح المدوّر من خلال الصالة. ويجب أن يكون تمثيلهم موجهًا إلى جميع الجهات.

في المسرح المرن، يتم تغيير الأمكنة المخصصة للعرض وللمشاهدين حتى يتناسب مع كل عرض. ومثل هذا التكيف يسمح للمخرج بحرية اختيار نوع العلاقة المناسبة بين العرض والمشاهدين. تستوعب معظم المسارح المرنة عددًا صغيرًا من المشاهدين وليس مستغربًا أن تكون خشبة المسرح المرن أكبر من صالة المشاهدين.

تؤدى العديد من العروض اليوم، كما كان الوضع في الماضي، في أماكن مستحدثة؛ أي أمكنة لم تخصص أصلاً للعرض المسرحي. ويمكن للمشاهدين الجلوس أو الوقوف في مثل هذه الأمكنة، كما يفعلون في المسارح ذات الخشبة المرنة. إن الشيء المشوق بشأن مسارح اليوم هو تنوع الأمكنة المخصصة للممثلين والمشاهدين.


مساحة خلف الكواليس. يمكن أن يحتوي المسرح المجهز تجهيزًا جيدًا على ورشة لصنع الملابس، والديكور، وغرف ملابس، وتدريبات ومقصورات إضاءة وصوت ومستودعات ملابس وديكور وغرفة خضراء لأعضاء هيئة المسرح. وتعمل معظم مسارح الهواة في أمكنة محدودة. تملك الفرق الكبيرة مساحات عمل خلف المسرح في نفس المبنى. أما الفرق الصغيرة فتكون ورش عملها في بنايات أخرى.




المُخْرِج
المخرج هو الشخص المسؤول عن قوة العرض الفنية بشكل عام في المسرح الحديث، فهو الذي يقرر تفسير النص وينسق جهود جميع الفنانين. ويمتلك المخرج سلطة كبيرة في المسرح لدرجة أن المقولة الشائعة في عالم المسرح اليوم هي: إن العرض ملك للمخرج. ومع هذا فالعديد من المخرجين الكبار متسامحون ومستعدون لتقبل أفكار الفنانين الذين يعملون معهم طيلة مدّة العرض.

يتمتع المخرج عادة بالصلاحيات التالية: 1- تحليل النص وتقرير التفسير المناسب الذي سيحدد شكل العرض. 2- العمل مع المؤلف والفنيين ومصممي الديكور والإضاءة والأزياء في تخطيطه لإخراج المسرحية. 3- قيادة الممثلين. 4- الإشراف على التدريبات. 5- تنسيق جميع عناصر الإنتاج النهائية.

تفسير النص. يجب على المخرج أن يكون مُلِمًّا جدًا بالنص حتى يستطيع اختيار الممثلين وتدريبهم وإرشاد المصممين. يتحتم عليه دراسة بنية المسرحية وتفحص الآليات التي يستخدمها المؤلف لسرد قصته وبناء عنصر التشويق فيها. فإن كانت المسرحية لا تستخدم البنية التقليدية، كما هو الحال في المسرح الجديد، يعمد المخرج إلى اكتشاف طريقة المؤلف في ابتكار جو النص وذلك بدراسة واستشفاف رد فعل المشاهدين. يعمد المخرج بعدها إلى تحليل تصرفات الشخصيات والجو المسيطر في كل جزء من النص، ليقرر علاقة الجزء الواحد بالجزء الآخر وعلاقة الاثنين بالنص ككل.

على المخرج أن يفهم عمل كل شخصية في المسرحية والدور المطلوب من الممثل إزاءها. ويتقبَّل المخرج رأي الممثلين والممثلات بشأن شخصية النص أثناء عملية التدريب. إن فهم سمات الشخصية الجسدية والعاطفية والصوتية يساعد المخرج كثيرًا في إخراج عمل أمين من الناحية الفنية.

ينبغي على المخرج أن يتمتع بالقدرة على تصور متطلبات الديكور والأزياء والإضاءة في العرض، وتقبل آراء شركائه في عملية الإنتاج؛ غير أن المسؤولية النهائية في اختيار الأفضل والأنسب تقع على عاتقه هو فقط.

تعتمد الاستعدادات التي يعتمدها المخرج على المسرحية ومتطلبات الإنتاج. فالعمل على مسرحية جديدة يفصح عن مشاكل تختلف عن متطلبات عرض مسرحية كلاسيكية. ففي إخراج مسرحية جديدة، على سبيل المثال، يجب على المخرج أن يشتغل مباشرة مع المؤلف، إذ ربما أراد اقتراح تغيير في النص أو إعادة كتابة بعضه. وقد تستمر هذه العملية طوال فترة التدريب.

أما في إخراج نص قديم، فالمسؤول الوحيد هو المخرج الذي يتعامل ليس مع مؤلف إنما مع النص بصورة مباشرة. والتغيير هنا يعتمد على حكمته ومدى معرفته بالنص. قد يرى المخرج تغيير نص بشكل جذري حتى يصبح مقبولاً للمشاهد المعاصر. فالعديد من المخرجين يرون أن من واجبهم جعل المسرحية تعني شيئًا للمشاهد المعاصر بتغيير زمنها ومكانها أو بإعادة تفسيرها. وقد يتطلب هذا التغيير حذف أو استبدال بعض الكلمات الغامضة أو حذف بعض المشاهد أو مناظر بكاملها. كما أن المخرج قد يطلب مساعدة أديب مختص لنصحه بشأن المسائل والتفاصيل المتعلقة بالأسلوب والفترة الزمنية التي كتبت فيه المسرحية. ومازال هناك خلاف بخصوص مدى صلاحية المخرج في التحكم في النص كما ذُكر سابقًا.


العمل مع المصممين. قبل إجراء البروفات (التدريبات)، يجب أن يبحث المخرج تفسير المسرحية مع مصممي الديكور والأزياء والإضاءة. يقدم هؤلاء المختصون اقتراحاتهم عن تصميماتهم، وللمخرج أن يتقبلها أو يطلب إجراء بعض التعديلات عليها. يجب على المخرج التأكد من أن التصميمات المقترحة تناسب الأحداث والحالة النفسية والموضوع والأشخاص والفترة الزمنية التي كتبت فيها المسرحية. كما يجب أن تكون الملابس والديكورات عملية حتى لا تعيق حركة الممثلين على خشبة المسرح.

اختيار الممثلين. أول عمل من أعمال المخرج هو اختيار الممثلين لجميع أدوار المسرحية. وعادة يتم التعاقد مع خبير اختيار الممثلين الذين اختيروا في تجربة الأداء النهائية. قد يكون هناك تجربة أداء يشترك فيها كل من يرغب في ذلك. إن مثل هذه التجارب الأدائية إجبارية في جميع عروض المحترفين في مدينة نيويورك؛ وتسمى التجارب في مثل هذه الحالة تجارب أدائية خاصة.

قد يُعطى الممثلون الذين سيشتركون في التجربة الأدائية المسرحية لقراءتها قبل التجربة. وقد يعطى بعض المخرجين أجزاء من مسرحيات مختلفة لحفظها عن ظهر قلب، وتمثيلها أمام لجنة الاستماع. وقد يطلب بعض المخرجين من المتسابقين استعمال طريقة البانتومايم (طريقة التمثيل بالحركات). ثم إن نوعًا آخر من المخرجين قد يطلب من المتسابق ارتجال تمثيل مشهد يقترحه المخرج نفسه أو أحد الحاضرين.

هناك العديد من العوامل التي تحدد اختيار المجموعة التي ستشترك في العرض. قد تتطلب بعض الأدوار سمات جسمانية وصوتية محددة. كما أن حيز الدور العاطفي يجب أن يؤخذ بالحسبان. ويحاول المخرج تصور الدور بعلاقته بالأدوار الأخرى في المسرحية والعرض، وذلك حتى يخلق فريقًا متجانسًا في أدائه.

التدريبات. تختلف طريقة التدريب من مخرج إلى آخر، ومن مسرحية إلى أخرى. وهناك أشياء يهتم بها معظم المخرجين التقليديين وهي: 1- الحضور المسرحي 2- الحركات والإشارات وتعابير الوجه 3- الصوت والإلقاء. ويعتقد الفريق الآخر من المخرجين أن الاهتمام الرئيسي يتمحور في الحصول على أفضل العروض من الممثلين بوصفهم شركاء في عملية إبداع، وذلك بتدريبهم على تقديم عرض موحد.

يعتقد المخرجون التقليديون أن كل لحظة في حياة المسرحية يجب أن تكون حضورًا مسرحيًّا؛ بمعنى أن المشهد يجب أن يقدم نفسه للمشاهد دون مساعدة الحوار. يجب على كل حضور مسرحي أن يقدم عنصر اهتمام يعكس عاطفة المنظر المسيطرة آنيًّا والعلاقة بين الممثلين. إن عمل المخرج بالنسبة لهذا المنحى هو تركيز انتباه المشاهدين على العناصر المهمة وهذه تكون عادة واحدًا أو أكثر من أبطال العرض في فترة زمنية معينة. وتحصل هذه الحركة بالتحكم في مواقف الممثلين بعلاقتهم بالمشاهدين وعلاقتهم ببعضهم. يعتقد العديد من المخرجين اليوم خطأ المنهج الذي يركز على الحضور المسرحي؛ أي خصائص المسرح الميكانيكية على حساب الخصائص المسرحية الأخرى.

على سبيل المثال، تعتبر الحركة أكثر حيوية من الحضور المسرحي فقط؛ لأن الحركة هي العنصر الأساسي الذي يمزج المشهد المسرحي مع غيره لإيجاد الشعور بسير الحدث وتطوره. كما يجب على الحركة أن تناسب الشخصية والموقف والحالة النفسية ونوع المسرحية. إضافة إلى ذلك، تعتبر الإشارات وتعابير الوجه مكملة للحركة. صحيح أن الممثلين هم المسؤولون عن التغلب على مشاكل الصوت والإلقاء، غير أن المخرج هو المسؤول عن جعل الممثلين يتحدثون بطريقة واضحة ومؤثرة.

تتم التدريبات عادة في غرفة خاصة بدلاً من خشبة المسرح. يتكون برنامج التدريب على مسرحية تقليدية من عدة مراحل: أولاً يقوم المخرج والممثلون بقراءة ودراسة المسرحية. بعدها، يقوم المخرج بقولبة الحدث؛ أي تحضير الإطار العام لحركة الممثلين بصورة مبدئية. بعد ذلك، يتم العمل المُفصل في دراسة تقمص الشخصيات وقراءة النص سطرًا سطرًا والقيام بالأدوار التمثيلية، وتغيير المناظر ودمج الممثلين في وحدة متناغمة وفنيّات التغلب على مشاكل الإضاءة والديكور والأزياء وأية اهتمامات فنيّة أخرى. ويقوم المخرج أخيرًا، في مرحلة التجربة بالأزياء، بدمج جميع عناصر العرض لتقديم الصورة النهائية التي ستظهر بها المسرحية في ليلة الافتتاح.


مساعدو المخرج. يشمل مساعدو المخرج مدير المسرح ومدير أو مديري خشبة المسرح (ويعتمد وجود هؤلاء على الميزانية) ومساعد مدير مسرح، وسكرتيرًا للتدريبات. وعادة ما يقوم شخص واحد بعمل مساعد مدير المسرح وسكرتير التدريبات.

يجلس السكرتير بجانب المخرج أثناء التدريبات لكتابة الملاحظات. وبإمكان مساعد مدير المسرح قيادة التدريب في تمثيل بعض المشاهد؛ كما أن بمقدوره العمل كحلقة وصل بين المخرج والمصممين. ويقوم مدير مسرح فرق المحترفين بتنظيم تجارب الأداء؛ كما يحضر كلَّ التدريبات ويسجل التغيير في الحوار وقولبة الحوادث في النسخة الأصلية من النص.









الممثلون
الممثلون هم من بين القلة من الفنانين الذين لا يمكنهم فصل وسائل التعبير لديهم عن أنفسهم، لأنهم يبدعون باستخدام أجسادهم وأصواتهم وميزاتهم النفسية والعقلية؛ أي أن إبداعهم لا ينفصل عن شخصياتهم. إنه لمن الصعب فصل موهبة الممثل وإبداعه عن شخصيته، غير أن التمثيل فن، وكما هو الحال في أي فن، فلا بد من توافر عناصر أساسية لدى الممثل، مثل المقدرة والدراسة والممارسة.


الجسم والصوت. يحتاج الممثلون إلى أجساد مرنة مطواعة معبرة. ويتحتم عليهم استخدام أجسادهم لعرض مواقف عديدة ومتنوعة. ويمكنهم اكتساب هذه الخبرات بدراسة مقررات في الحركة على المسرح والرقص والمبارزة بالسيف، أو باشتراكهم في تمارين رياضية تتطلب الكثير من التنسيق والقدرة. إن الرقص والمبارزة بالسيف رياضتان مفيدتان لأنهما تزودان الجسم بالرشاقة والتحكم بالحركة. إضافة إلى ذلك، يستطيع الممثلون الذين يجيدون الرقص والمبارزة بالسيف الحصول على عمل أكثر من غيرهم. إن نفس متطلبات المرونة والتحكم والتعبير تنطبق على الصوت أيضًا. يتدرب الممثلون على طريقة التنفس بطريقة صحيحة وعلى التنويع في إيقاع الصوت والنبرة. كما أنهم يتعلمون التحدث بلهجات مختلفة. إن التدرب على الإلقاء والغناء والاسترخاء شيء مهم. غير أن معظم الممثلين يتدربون سنين عديدة لاكتساب القدرة على تطويع أصواتهم بشكل كبير يسمح لهم بالتحدث بصوت مرتفع أو منخفض أو بشكل حاد أو ناعم. بناء عليه، يجب على الممثلين المحترفين التدرب الدائم على تحسين قدراتهم الصوتية ومرونة أجسادهم طوال مدة ممارستهم لمهنة التمثيل.


الملاحظة والخيال. يجب على الممثلين أن يلمّوا بالعواطف والمواقف والدوافع الإنسانية حتى يتمكنوا من القيام بأدوارهم جيدًا، وأن يكونوا قادرين على التعبير عن هذه العناصر حتى يتم للمشاهدين فهمهم. إن الممثل الجيد يبني في نفسه عادة ملاحظة الآخرين وتذكر طريقة تصرفهم. فلو قبل ممثل دور رجل عجوز، على سبيل المثال، فيمكنه التحضير للدور جزئياً بملاحظة كيف يمشي المسنون وكيف يقفون وكيف يجلسون. بعدها، يمكنه تطبيق هذه الحركات لتتماشى مع الشخصية التي يريد تصويرها. ويتعلم الممثل كيف يستجيب أناس مختلفون لنفس العواطف (مثل السعادة والحزن والخوف) بطُرق مختلفة.

ويمكن للممثلين تطوير ذاكرة عاطفية تمكنهم من استرجاع الموقف الذي أوجد عندهم رد فعل عاطفي مماثل لذلك الذي يودون تصويره. غير أن هذه طريقة تمثيل معقدة ولايجب استخدامها إلا بعد أن يطور الممثل فهمًا شاملاً وعميقًا لها. ويتعلم الممثلون فهم الآخرين بفهم ذواتهم وقدراتهم العاطفية قدر المستطاع. إنهم يصورون الآخرين باستعمال معلوماتهم عن أنفسهم وتطوير نوع من التحكم بالاستجابة بعواطفهم.


التركيز. يعد التركيز شيئًا مهما للممثل. يجب أن يكون الممثل قادرًا على زج نفسه في مواقف خيالية لحجب جميع المؤثرات الخارجية عنه، موهمًا نفسه بأنه لا يمثل بل يقوم بدور حقيقي. وحتى يتسنى له فعل ذلك، يجب عليه التركيز والاستماع للممثلين الآخرين في المسرحية والاستجابة لما يقولون بشكل جيد. ويتطلب ذلك منه أيضًا التركيز على كلّ لحظة بدلاً من ملاحظة الحدث وانتظار ما سينتج عنه.


مناهج التمثيل. لا يستطيع الممثلون استخدام كامل مهاراتهم وقدراتهم في التمثيل، بغض النظر عن مستوى موهبتهم، دون تبنّي طريقة عمل ثابتة. يجب على الممثلين استخدام أكبر عدد ممكن من مناهج التمثيل حتى يستقروا في النهاية على واحد أو على مجموعة من تلك المناهج التي تناسب مواهبهم وقدراتهم.

ويمكن أن توصف الاختلافات بين مناهج التمثيل بطريقتين مختلفتين تمام الاختلاف، تسمى الأولى المنهج الآلي الخارجي والثانية المنهج النفساني الداخلي. ويختلف المنهجان حول انفعال الممثل أثناء الأداء. يرى المدافعون عن المنهج الآلي الخارجي أن الانفعال يضر عملية التمثيل. ويعتقدون أنه لا ينبغي على الممثل سوى تصوير عواطفه بإشارات خارجية. ويدّعي غلاة المنهج النفساني الداخلي أن الممثل لا يستطيع أن يمثل حقيقة إلا من خلال الأحاسيس الداخلية التي يجب أن تُجنَّد في تصوير الشخصية والموقف. ويُطلق على هذا المنهج أحيانًا منهج ستانيسلافسكي نسبة إلى المخرج الروسي قسطنطين ستانيسلافسكي. وتعرف صورة معدلة عن هذا المنهج في الغرب بالطريقة. ومع هذا، لا يعترف معظم الممثلين أن أيًا من المنهجين يقدم خيار التمثيل الأفضل الذي يرتضيه المشاهدون.


إيجاد الدور. ينبغي على الممثلين التغلب على مشاكل متنوعة ومعينة في كل مرة يمثلون فيها دورًا جديدًا، خاصة في المسرحيات التقليدية. وتحتوي هذه المشاكل عادة على: 1- تحليل الدور 2- الحركة والإشارة 3- مميزات الصوت 4- الاقتصاد والبناء 5- الأداء الموحّد.

تحليل الدور يبدأ بدراسة المسرحية بشكل إجمالي، يركّز بعدها الممثلون على الأدوار الخاصة بهم. إن أول ما يقومون به هو تحليل خصائص الشخصية المختلفة مثل: المظهر والوظيفة والمكانتين الاجتماعية والاقتصادية والسمات العامة. بعد ذلك، يفحصون هدف الشخصية وتصرفاتها في المسرحية بشكل عام وفي المشاهد كل واحد على انفراد. فعندما تصور المسرحية عصرًا معينًا يتحتم على الممثلين دراسة ذلك العصر من أكثر من ناحية.

الحركة والإشارة هما الطريقتان اللتان يصور فيهما الممثل طريقة مشي الشخصية المسرحية وقامتها وإشاراتها ومميزاتها الجسمانية الخاصة. صحيح أن المخرج يعرض إطار حركة الشخصية العام، غير أن الممثل هو المسؤول عن إخراج هذا النموذج التجريدي إلى حيز الوجود، وذلك بقدرته على فهم هدف كل دافع عاطفي وراء كل حركة تقوم بها الشخصية.

ميزات الصوت نعني بها خصائص الشخصية الصوتية. يحدد الممثلون الميزات المرغوبة في الصوت ويوائمون أصواتهم بناء على هذه الميزات. يمكن أن يتطلب دور معين طبقة صوت حادة؛ بينما دور آخر قد يتطلب صوتًا ناعمًا مريحًا. يتحتم على الممثل أن يدرس متطلبات كل مشهد على حدة. تكون بعض المشاهد حالمة، وهذه تتطلب صوتًا ناعمًا خافتًا؛ أما المشاهد الصاخبة فتتطلب أصواتًا مرتفعة جهورية وحادة.

الاقتصاد والبناء يحتويان على الطرق التي يقتصد فيها الممثلون في قواهم لدفع هذه القوى إلى الذروة عند الحاجة. فمعظم الشخصيات تتغير أو على الأقل تتطور أثناء عرض المسرحية، ويجب على الممثل في مثل هذه الحالة أن يعكس هذا التغيير أو التطور. إن الحاجة للمحافظة على بناء الدور مهمة جدًا في المسرحيات العاطفية؛ فلو بدأ الممثل دوره بوتيرة عاطفية مرتفعة أكثر من اللازم فسيجد صعوبة حقيقية فيما بعد في رفع هذه الوتيرة إلى مستوى أعلى. ويفشل الدور، لأنه سيكون بعد ذلك رتيبًا ومملاً. يجب على الممثلين أن يبدأوا على مهل حتى يتسنى لهم أن يُكسبوا تمثيلهم قوة وتشويقًا تمشيًا مع متطلبات النص المكتوب.

الأداء الموحّد يعني الإحساس بالتناغم والترابط اللذين ينتجان عن جهد الممثلين التعاوني الشامل. لن يكون هناك عرض فردي مؤثر إلا إذا كان منسجمًا مع العروض الفردية الأخرى، ويتأتى الأداء الموحد عندما يتأقلم كل ممثل مع حاجيات المسرحية ككل، ويكون في نفس الوقت على بينة من طرق تمثيل زملائه الآخرين ومواطن ضعفهم وقوتهم.








يتميز المسرح بغض النظر عن أشكاله و أنواعه باعتباره جنسا أدبيا بمجموعة من المميزات و الخصائص :
أولا القصة أو الأحداث : تنبني المسرحية على أفكار تطرح قظايا فكرية ، دينية ، تاريخية و اجتماعية ، و تعتمد المسرحية كغيرها من الفنون القصصية على أحداث تعرض من خلالها ما يجري بين الشخصيات و الحوار الذي يدور بينهما التي تجعل المسرح جنسا من جنس الفنون السردية .
ثانيا الشخصيات أو القوى الفاعلة : إن طبيعة المسرحية تجعل منها العمل الأدبي الوحيد الذي يتطلب تعدد الشخصيات ، و كل شخصية تحتفظ بوجودها المستقل من حيث أفكارها و مواقفها و ميولها و طموحها ، لكن هذا لا يتحقق إلا بتفاعلها مع سائر الشخوص حيث ينشأ صراع بينهما .
ثالثا الصراع : يميز هذا العنصر فن المسرحية عن باقي الفنون الأدبية ، و ينتج عن تضارب الرغبات و الغايات و المواقف ، حيث تتصارع قوى اجتماعية أو فكرية أو سياسية .... و نميز داخل هذا الصراع بين نمطين هما :
الصراع الخارجي : و يجري بين البطل و قوى خارج عن ذاته ، قد تكون غيبية كالقدر أو قوانين الطبيعة .
الصراع الداخلي : و يجري بين البطل مع نفسه كالصراع بين الحب و الواجب ، و الخير ، و الشر ، وينتظر من المسرحية دائما تقديم حوار يجعلها تمثل الأشخاص في أزماتها و صراعها كما يقع في الحياة و غالبا ما يمثل الصراع عقدة المسرحية .
رابعا الحوار: و يتشكل منه نسيج المسرحية و تتنامى بفضله الأحداث لتبلغ منتهاها . ذلك أن المسرحية تعتمد في عرض أحداثها و شخوصها على الحوار بخلاف باقي الفنون القصصية ، حيث يخصص حيز كبير لسارد يروي الأحداث و يعرفنا بالشخوص . و الحوار في المسرحية مهيأ ليقال و يشخص لذلك ينبغي على المؤلف أن يتفحص مضمون الكلام و أبعاد الشخصيات التي ستتلفظ به ثم آثار الكلام في الشخصيات الموجه إليها و أن تصوغ الكلام صياغة تتلاءم مع المواقف من حيث الطول و القصر . وتجدر الإشارة إلى أن لحظات الصمت التي تتخلل الحوار لا تكون اعتباطية و إنما تعتبر من الحوار الذي يستغنى به عن الكثير من الكلام .
خامسا الزمان و المكان : يشكلان في المسرحية كما في غيرها من الفنون القصصية الإطار الذي تجري فيه الأحداث ، و يحدد هذا الإطار في بداية كل فصل إذا كانت الأحداث تجري في أكثر من إطار زمكاني. وتقدم المسرحية فوق خشبة تحتاج إلى ديكور و إضاءة ، إضافة إلى مناظر أو مشاهد تنتهي بخروج شخصية و دخول أخرى ، و أما لغة المسرحية فهي إما شعرا أو نثرا.
سادسا الحركة : المسرحية لا تأخد وضعها الحقيقي إلا حين تمثل على خشبة المسرح حيث يشاهد المتفرج الحركة بعينه و يحس بالعواطف التي توجهها حتى يصبح كأحد الممثلين .
سابعا الفكرة أو الموضوع : ونقصد بها المضمون الفكري الذي تعالجه المسرحية ، حيث يمكن أن تعالج قضايا متنوعة و مختلفة سواء كانت قضايا اجتماعية ترتبط بالواقع الاجتماعي و ينتقد قضاياه كتحرير المرأة مثلا ، أو قضايا سياسية ، دينية ... و غيرها من القضايا الأخرى التي تحاول من خلالها المسرحية إبرازها و تقديمها للمجتمع .
ثامنا الفصول : تنبني المسرحية على نظام الفصول حيث تتراوح أعدادها بين ثلاث و خمس فصول و يتحدد الفصل بنهاية مرحلة محددة في مسرحية محددة و يرمز في الخشبة على بدايته بإصدار الستار .